"يني شفق": قصة غزة المقدسة
غزة تكتب حالياً صفحة جديدة تعليمية في تاريخ الإسلام، قصة مقدسة جديدة يمكن أخذها كمثال.. اليوم، العالم كله معجب بغزة، بأهلها، بإيمانهم وحكمتهم.
تحدثت صحيفة "يني شفق" في مقال تحت عنوان "قصة غزة المقدسة"، عن إيمان وصبر الشعب الفلسطيني وقوته الذي لا ينهار في وجه الظالمين، رغم المآسي والظروف الصعبة والإبادة التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي بحقه في قطاع غزة.
وتناولت الصحيفة موائد الإفطار الموضوعة على أنقاض المنازل المدمرة في القطاع، مشيرةً إلى أنها موائد أكثر تواضعاً لكنها وفيرة حيث يمتلئ الناس بإيمانهم بدلاً من ما يشربونه.. وأطفال غزة يضيئون الفوانيس ويغنون الترانيم لأنّ شهر رمضان قد جاء.
"العالم كله معجب بغزة، بأهلها، بإيمانهم وحكمتهم، وثقتهم وتسليمهم الممزوج بالصبر، ورضاهم بوضعهم، وامتنانهم الدائم".
وفيما يلي نص المقال منقولاً إلى العربية:
بالنسبة لأولئك الذين ينظرون بعناية، هناك أشياء أخرى تحدث في غزة تتجاوز القمع والمعاناة. نحن نشهد أنّ بعض المفاهيم التي نواصل الحديث عنها، ولكننا نبتعد عن فهم معانيها يوماً بعد يوم، تكتسب معنىً جديداً بفضل أهل غزة المقدسين. ولعل أبرزها، وأثمنها أيضاً الإيمان.. وفي غزة نشهد كيف يبقى الإيمان دون أن ينهار في القلوب التي يعيش فيها، وكيف يمتزج بعجينة هؤلاء ومدى قوتهم.
يمتلك كل سكان غزة تقريباً قوة لا يمكن تدميرها ضد أعظم قمع يُرتكب على وجه الأرض. فبينما ليس لديهم خبز ولا ماء ولا بيت ولا مال، وربما الأهم من ذلك، لا أمن على الحياة، نرى الناس ينامون في مثل هذه الليالي، يعتنقون إيمانهم، يمشون على الدبابات، يعانقون أطفالهم الصغار مضرجين بالدماء، ويتوكلون على الله، ويقفون في وجه الظالمين لا يملكون إلا شيئاً واحداً.. ما هذا الشيء؟ الإيمان بالطبع.!
كما أنهم يصبرون على ما يحل بهم من مشاكل ومصائب ويستعيذون بالله. يعظّمون حقيقة "حسبنا الله نِعم الوكيل" علامة على تسليم أمرهم لله.
إيمان، اختبار، صبر، تسليم.. ونحن نشهد ما حدث في غزة، ندرك مدى سهولة نطق هذه الكلمات. لا يوجد تقريباً أي تكلفة أو تكلفة مرئية بالنسبة لنا لنسج هذه الكلمات في جملنا. عندما يحدث هذا، أعتقد أنّ هذه الكلمات الثقيلة تصبح أخفّ في أذهاننا. ويتحول ما يقال وينتقل إلى تكرارات تفقد محتواها، بل والقليل من الحفظ. تذكرنا غزة بثقل هذه الكلمات، وكيف ينبغي أن نفهمها، وكيف ينبغي أن نعيشها، وكيف ينبغي أن نحملها، من خلال دفع الثمن غالياً، في شكله الأكثر لفتاً للنظر، والأكثر حرقاً، والأكثر أصالة.
فلننظر إلى موائد الإفطار الموضوعة على أنقاض غزة.. هي موائد أكثر تواضعاً، يمكن تناولها دون الشبع، عملاً بشعار نبينا صلى الله عليه وسلم.. هذه موائد وفيرة حيث يمتلئ الناس بإيمانهم بدلاً من ما يشربونه.. وهو غالباً ما نفتقده من موائدنا التي تنقصها لبن العصفور، هذه الموائد تحتوي عليه بكثرة.
أطفال غزة يضيئون الفوانيس ويغنّون الترانيم لأنّ شهر رمضان قد جاء. أعتقد أنّ آخر مرة رأيت فيها مثل هذه الأشياء تحدث بشكل عفوي عندما كنت طفلاً. عباد الله الذين ملأوا المسجد الأقصى تحت تهديد السلاح.. ألا تليق بهم هاتان الكلمتان: عباد الله.
اليوم، العالم كله معجب بغزة، بأهلها، بإيمانهم وحكمتهم، وثقتهم وتسليمهم الممزوج بالصبر، ورضاهم بوضعهم، وامتنانهم الدائم.. ما يثير الإعجاب هو؛ إنها إنسانية واضحة متألقة رائعة حقاً، تعبد الله حق عبادته، وتدفع ثمن إيمانها، وتقبل ما يحدث لها، وتستسلم لله، وتصبر وتتوكل على الله، ولا تفقد جمالها في وجه الله.. ظلم لا يُخجل البشرية فحسب، بل الحجر والأرض أيضاً، لأنهم أبناء محمد الأمين.. إنهم يعيشون ويحافظون على أخلاقه تحت القنابل، وتحت اختبار الجوع والعطش، في عُزلة لا نهاية لها. ويرفعون راية الإسلام إلى ارتفاع يمكن رؤيته من جميع أنحاء العالم.
غزة تكتب صفحة جديدة تعليمية في تاريخ الإسلام، قصة مقدسة جديدة يمكن أخذها كمثال. ولسوء الحظ، نحن لسنا جزءاً من تلك القصة.. ولكن دعونا على الأقل نقرأ تلك القصة، من غزة، من صور غزة المباركة.