معهد الدراسات الاستراتيجية: إيران تتقدم عسكرياً على أميركا في الشرق الأوسط

يرى تقرير المعهد أن النفوذ الإقليمي لإيران شكّل مصدر قلق دائم للولايات المتحدة وحلفائها. لكن الاضطرابات الأخيرة المناهضة للحكومتين في العراق ولبنان قد هددت نفوذ طهران.

قوة إيران تكمن في نفوذها داخل الميليشيات غير الحكومية في العديد من الدول

نقلت مجلة "نيوزويك" الأميركية عن تقرير جديد للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية (IISS)  تحذيره من أن إيران تستفيد من شبكات الحرب غير المتكافئة لإقامة ميزة عسكرية على الولايات المتحدة وحلفائها في الشرق الأوسط، حيث تحتفظ واشنطن وطهران بمواجهة متوترة بشأن برنامج الأبحاث النووية الإيراني.

ونشر المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية (IISS) تقريره جديداً يوم الخميس بعنوان "شبكات النفوذ الإيرانية في الشرق الأوسط" يشرح بالتفصيل نجاح طهران في إنشاء سلسلة من القوات من غير الدول في المنطقة لحماية مصالحها وتعزيزها.

وبينما تعمل الولايات المتحدة وحلفاؤها مع القوات العسكرية التقليدية، قال التقرير إن قوة إيران تكمن في نفوذها داخل الميليشيات غير الحكومية والمجموعات المتمردة في العديد من الدول.

وقال المعهد ومقره الأساسي في لندن إن "قدرة الطرف الثالث" أصبحت أكثر أهمية من برنامج الصواريخ الباليستية لطهران، أو قدراتها النووية الناشئة أو قواتها المسلحة التقليدية الواسعة، التي عفا عليها الزمن.

وعلى الرغم من أن التوازن التقليدي لا يزال في صالح الولايات المتحدة، حيث هي إلى حد بعيد الجيش الأكثر تطوراً والأفضل تمويلاً في العالم، فإن قدرة إيران في ما يسمى بـ "المنطقة الرمادية" قد حولت ميزان القوة الفعالة نحو طهران.

وقال المعهد الدولي إن الاستثمار الإيراني في شبكتها غير المتماثلة "يمنح إيران باستمرار تقدماُ من دون تكلفة أو خطر المواجهة المباشرة مع الخصوم"، لأنها تتيح لدولة شن هجمات على الأعداء مع بعض مستوى من الإنكار.

ويقدر المعهد أن هذه الشبكة تضم نحو 200000 مقاتل، وكلها مدعومة بعمليات "قوة القدس"، وهي ذراع سرية لحرس الثورة الإسلامي الإيراني المكلف بالعمليات الأجنبية وبقيادة اللواء قاسم سليماني.

ويضيف التقرير أنه يمكن لحزب الله اللبناني مهاجمة "إسرائيل"، ويمكن لمتمردي "الحوثيين" (أنصار الله) في اليمن مهاجمة المملكة العربية السعودية، ويمكن للميليشيات الشيعية في العراق مهاجمة الأميركيين. وقال المعهد إن هذه الاستراتيجية "قدمت باستمرار ميزة لإيران من دون تكلفة أو خطر المواجهة المباشرة مع الخصوم".

وتابع التقرير: "تتجنب إيران الصراع المتماثل على أساس الدولة، لعلمها أنه سيتم التفوق عليها فيه. وبدلاً من ذلك، فإنها تواصل الحرب غير المتكافئة من خلال شركاء من غير الدول". وبدلاً من مواجهة الدول المماثلة، فإن إيران "تقاتل وتربح الحروب التي خاضتها بين الناس".

وأشار التقرير إلى أن ازدهار إستراتيجية طهران في الشرق الأوسط الحديث، حيث أصبحت النزاعات الآن "ساحة معركة معقدة ومزدحمة لا تتضمن سيادة القانون أو المساءلة، والرؤية المتدنية، بينما هناك لاعبون متعددون يمثلون فسيفساء من المصالح المحلية والإقليمية".

وقال المعهد إن إيران كانت منتهزة للفرص ومرنة في التكيّف مع المطالب المحلية. ففي العراق، ركزت طهران على تسليح وتدريب الميليشيات العراقية التي تقاتل الاحتلال الأميركي. لكن في سوريا، عملت إيران على دعم حكومة الرئيس بشار الأسد المؤيدة ضد المقاتلين المتمردين المدعومين من الغرب.

وفي لبنان، ساعد دعم إيران لحزب الله في تحويله من "ميليشيا" إلى قوة عسكرية وسياسية موازية تتفوق على الجيش الوطني وتمارس نفوذاً هائلاً داخل الحكومة.

كل هذا يأتي بتكلفة. ويقدر المعهد الدولي للدراسات الدولية أن أنشطة إيران في سوريا والعراق واليمن كلفت الاقتصاد الإيراني حوالى 16 مليار دولار.

في هذه الأثناء، يتلقى حزب الله حوالى 700 مليون دولار كدعم كل عام ويقول مسؤولون عسكريون إسرائيليون إن إيران تنقل 100 مليون دولار إلى حركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي" في قطاع غزة سنوياً.

وأضاف التقرير أن النفوذ الإقليمي لإيران شكّل مصدر قلق دائم للولايات المتحدة وحلفائها. لكن الاضطرابات الأخيرة المناهضة للحكومتين في العراق ولبنان هددت نفوذ طهران. ويشعر النظام الإيراني بالقلق الشديد إلى درجة أن سليماني قد تدخل شخصياً في العراق لمنع حدوث انقلاب وشيك ضد الإدارة المحاصرة هناك.

لكن المعهد أشار إلى أن نفوذ إيران يأتي أساساً من خلال الجهات الفاعلة من غير الدول، مما يعني أن قوتها الإقليمية ستكون مهددة بصورة أقل بسقوط أنظمة محددة. لكن هذا يحد من خيارات طهران. وأوضح التقرير أن "تأثيرها يعتمد على الجماعات التي لا تريد أن تحكم مباشرة (كما هو الحال مع حزب الله في لبنان) أو غير قادرة على الحكم وغير مجهزة لذلك (كما في العراق)".

 

ترجمة: هيثم مزاحم - الميادين نت