"غلوبال تايمز": تقارب بين الاتحاد الأوروبي والهند يسرع إعادة الاصطفاف الجيوسياسي

مقال للمدير التنفيذي لمركز دراسات الاتحاد الأوروبي بجامعة شنغهاي الدولية للدراسات، في صحيفة "غلوبال تايمز" الصينية، يقول فيه إنه من المرجح أن يتم تعزيز العلاقات الوثيقة بين الاتحاد الأوروبي والهند ضد الصين اقتصادياً واستراتيجياً.

    • قمة بين الاتحاد الأوروبي والهند عبر الانترنت في تموز/يوليو الماضي
      قمة بين الاتحاد الأوروبي والهند عبر الانترنت في تموز/يوليو الماضي

كتب المدير التنفيذي لمركز دراسات الاتحاد الأوروبي بجامعة شنغهاي الدولية للدراسات "هوا شين" في صحيفة "غلوبال تايمز" الصينية، مقالاً حول التقارب بين الاتحاد الأوروبي والهند منذ أن عقد الجانبان قمة عبر الانترنت في تموز/يوليو الماضي.

وقال الكاتب إن "تقارير مراكز الفكر والتعليقات الإعلامية، درست إمكانيات التعاون الثنائي بين الاتحاد الأوروبي والهند بشكل أوثق وأكثر جوهرية. وقد أدى إصدار المبادئ التوجيهية الجديدة للسياسة الألمانية لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ في الأول من أيلول/ سبتمبر، إلى زيادة تكثيف المناقشات السياسية للنخب السياسية والسياسات الأوروبية حول العلاقات بين أوروبا والهند".

ووفق المقال فإنه "على الرغم من إعلان العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والهند كشراكة استراتيجية في عام 2004، إلا أنها ظلت لفترة طويلة خارج قائمة أولويات قيادة الاتحاد الأوروبي؛ لقد تم تجميد المفاوضات بشأن منطقة التجارة الحرة بين الاتحاد الأوروبي والهند فعلياً منذ عام 2013. وبحلول نهاية عام 2019، شكّلت التجارة بين الاتحاد الأوروبي والهند 1.9% فقط من إجمالي تجارة الاتحاد الأوروبي".

وأشار إلى أن "القيادة السياسية للاتحاد الأوروبي انجذبت إلى حد كبير إلى شرق وجنوب شرق آسيا، وكانت تعطي الأولوية للتفاوض بشأن معاهدات اتفاقية التجارة الحرة مع سنغافورة وفيتنام واليابان، بينما تنفق أيضاً قدراً كبيراً من الطاقة والموارد في علاقتها مع الصين. الآن، يعكس نهج الاتحاد الأوروبي الجديد تجاه الهند أحدث تعديلاته الدقيقة في تقييماته الاستراتيجية وتوجهاته السياسية منذ هذا الصيف، بسبب سلسلة من التغييرات الظرفية الداخلية والخارجية".

ووفق الكاتب "بدأ مجتمع السياسة الخارجية في أوروبا في إعادة تركيز اهتمامه على الهند خلال أزمة كورونا في آذار/مارس ونيسان/أبريل، وأخذ السياسيون والمفكرون الأوروبيون يولون الآن أهمية أكبر للهند في تخطيطهم الاستراتيجي، مستنيرين جزئياً من خلال "استراتيجية المحيطين الهندي والهادئ" التي اقترحتها الولايات المتحدة، والتي بدا أنها تكثفت في النصف الثاني من عام 2019، ومن جهة أخرى، ثمة ضغط جزئي بسبب التغيير الجيوسياسي الهائل الناتج عن التنافس الاستراتيجي الصيني الأميركي المتوتر الذي تسارع في أوائل عام 2020، وأيضاً متأثرين جزئياً بسبب الوباء المستمر".

وتابع: "جهود الاتحاد الأوروبي لتطوير العلاقات الثنائية مع الهند مدفوعة بمخاوف اقتصادية وسياسية واستراتيجية. بالنظر إلى موجات القومية الاقتصادية في جميع أنحاء العالم، يؤكد الاتحاد الأوروبي أيضاً على "الحكم الذاتي الاستراتيجي الأوروبي" والسيادة الاقتصادية، ويشدد على ضرورة تخفيف التبعية الخارجية، لا سيما اعتماده على الصين. ينظر الأوروبيون إلى الهند بشكل متزايد على أنها بديل للصين بالنسبة لأوروبا لتنويع سلاسل التوريد الخارجية وتوسيع الصادرات والأعمال الأوروبية".

كما أضاف: "للحصول على مكانة مميزة في المسابقات الاستراتيجية الدولية الحالية للتقنيات المتطورة والصناعات الناشئة، تقوم لجنة "فون دير لين" الآن بتنفيذ استراتيجية صناعية جديدة، وتعمل على بناء منصات رقمية خاصة بأوروبا. وتعتبر الهند شريكاً محتملاً للتحول الرقمي في أوروبا، مع الأخذ في الاعتبار صناعة البرمجيات الهندية المتطورة للغاية".

ومع ظهور المزيد من المنافسة والصراعات بين الاتحاد الأوروبي والصين في التكنولوجيا والصناعة والتجارة والاستثمار، تعتبر الهند بمثابة قوة موازنة للصين. علاوة على ذلك، مع استمرار التوترات بين الولايات المتحدة والصين في بحر الصين الجنوبي، يبدو أن المحيط الهندي المجاور له أهمية استراتيجية أكثر فأكثر ويأمل الاتحاد الأوروبي في ممارسة نفوذه الاستراتيجي في هذه المنطقة، بحسب المقال.

أخيراً، هناك قواسم مشتركة بين الاتحاد الأوروبي والهند في دعمهما لعملية مستمرة لحوكمة المناخ العالمي، لذلك "ترى نخب الاتحاد الأوروبي إمكانية التعاون بشأن الصفقة الأوروبية الخضراء (وهي مجموعة من مبادرات السياسة التي اتخذتها المفوضية الأوروبية بهدف شامل وهو جعل مناخ أوروبا محايدًا في عام 2050)".

وقال الكاتب إنه "في الوقت الذي تعاني فيه العولمة والتكامل الإقليمي من إحباطات مستمرة، يتم إعادة تشكيل الجغرافيا السياسية إلى حد كبير من خلال دمج المركنتيلية (المذهب التجاري) والقومية والشعبوية".

ومع تعطل الاقتصاد العالمي بشكل خطير بسبب الوباء الذي لا هوادة فيه، فيما لا يمكن التنبؤ بالعلاقات الدولية بشكل أكبر من خلال ألعاب القوى الكبرى الشرسة، فإنه قد تضيف العلاقات الوثيقة بين الاتحاد الأوروبي والهند عنصراً جديداً من عدم القدرة على التنبؤ إلى إعادة ترتيب الجغرافيا السياسية المضطربة والمزعجة بالفعل، وفق الكاتب.

ولفت إلى أنه "اقتصادياً واستراتيجياً، من المرجح جداً أن يتم تعزيز العلاقات الوثيقة بين الاتحاد الأوروبي والهند ضد الصين، وقد يكون هناك ضغط متزايد على الصين لإعادة تعديل سياستها الاقتصادية الخارجية واستراتيجيتها الأمنية هيكلياً. قد يحتاج التقييم الاستراتيجي الشامل لبيئته الخارجية إلى إعادة وضع المعايير".

ومع ذلك، أشار إلى أنه "لا تزال آفاق التعاون الاقتصادي بين الاتحاد الأوروبي والهند غير مؤكدة بسبب الاختلافات الثنائية العميقة في الثقافة والاقتصاد والسياسة. كما لا تضمن القيم الديمقراطية والنظام السياسي للاتحاد الأوروبي والهند تطوراً مطرداً للتعاون الجوهري نظراً لوجود دوافع متنوعة واهتمامات استراتيجية لدى الجانبين".