الغارديان: "مسيرة العودة" تحدٍ جديد لإسرائيل يقوّض مكانتها

لقد أدرك نجوم هوليوود مثل ناتالي بورتمان المنعطف الخطير الذي تسير فيه إسرائيل. وستكون فكرة جيدة أن يدرك قادة الشعب (الإسرائيلي) ذلك أيضًا.

"مسيرة العودة" حملة لاعنفية لتذكير العالم بحق العودة للفلسطينيين

كتبت صحيفة الغارديان البريطانية افتتاحيتها الأحد حول تظاهرات "مسيرة العودة" في غزة قائلة إن استخدام القوة المميتة ضد التظاهرات اللاعنفية من قبل الفلسطينيين يقوّض مكانة إسرائيل على المستوى الدولي ويدمر ديمقراطيتها في الداخل.

 

وفي ما يلي ترجمة لنص الافتتاحية:

في نهاية هذا الأسبوع، سأل مبعوث الأمم المتحدة للسلام في الشرق الأوسط: "كيف يساعد قتل طفل في غزة اليوم السلام؟ كلا! إنه يغذي الغضب ويولد المزيد من القتل. كان نيكولاي ملادينوف محقاً في غضبه. وقد قام بالتغريد بعد أن أصيب مراهق فلسطيني برصاصة في رأسه على ما يبدو من قبل قناصة الجيش الإسرائيلي بينما كان يحتج بشكل سلمي بالقرب من السياج الحدودي. رفضت الحكومة الإسرائيلية في البداية الدعوات لإجراء تحقيق، ولم تتنازل إلا بعد أن دعا المجتمع الدولي الجيش الإسرائيلي إلى "وقف قتل الأطفال".

استخدام الجنود للذخيرة الحية ضد المتظاهرين العزل هو قلة شرف؛ لكنها تتماشى مع المواقف الوحشية تجاه الفلسطينيين التي أصبحت طبيعية من قبل السياسيين الإسرائيليين. إن انتزاع الحياة من بضع عشرات من الأشخاص وتشويه 1700 آخرين خلال الأسابيع الأربعة الماضية هما مؤشران على ما تعتقد إسرائيل أنه ثمن عادل يجب دفعه للحفاظ على غزة تحت السيطرة. لقد تم إطلاق النار على صحافي وأطلقت النار على سيارات الإسعاف. هذا الضرب المتوحش للسكان المحاصرين ليس فقط لحماية السياج الحدودي، كما يدعي الجيش الإسرائيلي. بل هو لترويع الناس لإخضاعهم. المؤشرات تدل أنه لن ينجح بذلك.

هذه الاحتجاجات تم تصوّرها على أنها حملة لاعنفية أساساً لتذكير العالم بأن الفلسطينيين الذين نزحت عائلاتهم إلى الشتات أثناء إقامة دولة إسرائيل يعتبرون حقهم في العودة غير قابل للانتهاك. انبثقت الفكرة من مشاركة على فيسبوك من قبل أحمد أبو أرتيمة، الصحافي البالغ من العمر 33 عاماً، الذي تساءل عما سيحدث إذا حاول آلاف الأشخاص في غزة، غالبيتهم من اللاجئين وأحفادهم، عبور الحدود سلمياً للوصول إلى منازل أجدادهم. قد تكون هذه أفكار مثالية، لكنها ليست أفكاراً تافهة. من ذا الذي لا يفضّل اقتراح السيد أبو أرتيمة بأن يعيش الفلسطينيون والإسرائيليون جنباً إلى جنب كمواطنين متساويين على المشاعر العنيفة والكراهية التي تمر بين هذين الشعبين اليوم؟ في تفضيل الحلم بدلاً من قبول كابوس اليوم، يشترك السيد أبو أرتيمة في الاعتقاد مع رئيس إسرائيل في مستقبل أفضل.

وقد تم تبنّي أفكار أبو أرتيمة، على ما يبدو، بشكل غير متوقع، من قبل حركة حماس، الجماعة الإسلامية المتشددة التي تسيطر على غزة، وتقول إسرائيل إن حماس سرقت هذه الأفكار. ولا يعرف بعد حول مدى سماح رعاية حماس للاحتجاجات بأن تبقيها سلمية. إن المسيرات الأسبوعية تتراكم كي تصل إلى ذروتها في 15 أيار-مايو المقبل، حيث يحيي الفلسطينيون ذكرى النكبة، أي الكارثة، وهي الطريقة التي ينظرون بها إلى إنشاء إسرائيل.

فبعد عقد من الحصار الاقتصادي من جانب إسرائيل وكذلك من جانب مصر وبعد ثلاث حروب صغيرة، أصبحت غزة على حافة كارثة. إنها حالياً سجن ضخم لسكانها البالغ عددهم 1.8 مليون نسمة. وتقول الأمم المتحدة إن غزة سوف تصبح بحلول عام 2020 غير صالحة للسكن. إن قطاع غزة هو طنجرة ضغط في انتظار الانفجار.

للأسف، ترى حكومة إسرائيل المتشددة في الوضع مكاسب حيث يرى آخرون خسائر. فقد حصل رئيس وزرائها المتعثر في فضيحة، بنيامين نتنياهو، على اعتراف دونالد ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل على الرغم من كونها خاضعة للسلطة القضائية الدولية وعلى تخفيض التمويل الأميركي إلى وكالة الأمم المتحدة لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين. السيد نتنياهو يستهدف الآن حق العودة للفلسطينيين. مثل هذا السلوك يشحذ الفلسطينيين بالمعنويات اللازمة لنضال طويل. كان من المفترض حل هذه القضايا من خلال المحادثات. وبدلاً من ذلك، انتهز نتنياهو الفرصة التي قدمتها عبثية ترامب التافهة حول ضمان "الصفقة النهائية" لتأكيد مكاسبه. هذه المكاسب ستكون سريعة الزوال.

إن إخضاع الفلسطينيين يقوّض مكانة إسرائيل على الصعيد الدولي ويدمر ديمقراطيتها في الداخل. إن سياستها ملوثة بالتعصب الأعمى المعادي للعرب. بينما تزداد إسرائيل غنىً، يصبح الفقر الفلسطيني أكثر إثارة للقلق. وتزداد معضلته حدة مع اقتراب عدد الفلسطينيين في الأراضي المقدسة من عدد اليهود. لا تستطيع إسرائيل التمسك بجميع الأراضي الواقعة بين نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسط، والحفاظ على هويتها اليهودية والبقاء ديمقراطية. من مصلحة إسرائيل أن تقبل حقيقة أن الفلسطينيين بحاجة إلى دولة مثلما يحتاج الإسرائيليون إلى ذلك. خلاف ذلك، فإن الخيارات: هي كيان واحد يمكن لليهود أن يصبحوا فيه أقلية في نهاية المطاف؛ أو شكل من أشكال الأبارتايد (الفصل العنصري)؛ أو الاحتلال الدائم. لقد أدرك نجوم هوليوود مثل ناتالي بورتمان المنعطف الخطير الذي تسير فيه إسرائيل. وستكون فكرة جيدة أن يدرك قادة الشعب (الإسرائيلي) ذلك أيضًا.

ترجمة: الميادين نت