نعوم تشومسكي: التدخل الإسرائيلي في الانتخابات الأميركية يفوق أي شيء فعلته روسيا

وسائل الإعلام تركز على قضايا هامشية إلى حد كبير. فمن بين جميع سياسات ترامب، فإن السياسة الأكثر خطورة وتدميراً، والتي تشكل في الحقيقة تهديداً وجودياً، هي سياساته بشأن تغيّر المناخ.

الناشط والباحث الأميركي المخضرم نعوم تشومسكي

اتهم الناشط والباحث الأميركي المخضرم نعوم تشومسكي إسرائيل بالتدخل "الصارخ" في السياسة الانتخابية الأميركية بطريقة تفوق بشكل كبير أي جهود قد تكون قد قامت بها روسيا.

وفي تعليقات نشرتها صحيفة ذا اندبندنت البريطانية، اتهم فيها تشومسكي الكثير من وسائل الإعلام بالتركيز على القصص التي يعتبرها هامشية وتجاهل قضايا مثل "التهديد الوجودي" للتغيّر المناخي، قال العالم اللغوي البالغ من العمر 89 عاماً إنه في كثير من أنحاء العالم، يعتبر تركيز وسائل الإعلام الأميركية على التدخل الروسي المزعوم في (انتخابات) 2016 "مزحة". وقال: "أولاً، إذا كنت مهتماً بالتدخل الأجنبي في انتخاباتنا، فإن أياً كان ما قام به الروس بالكاد يعد أو يوازن في الميزان مقارنة بما تفعله دولة أخرى، صراحة وبوضوح وبدعم هائل".

وفي حديثه إلى البرنامج التلفزيوني "الديمقراطية الآن" Democracy Now، أضاف تشومسكي: "التدخل الإسرائيلي في الانتخابات الأميركية يكتسح كل شيء قد يفعله الروس، يعني حتى النقطة التي يذهب فيها رئيس وزراء إسرائيل، نتنياهو، مباشرة إلى الكونغرس، من دون أن يبلغ الرئيس (الأميركي) بذلك. ويخاطب الكونغرس بتصفيق عارم، في محاولة لتقويض سياسات الرئيس – (أي) ما حدث مع أوباما ونتنياهو في عام 2015. "

في آذار / مارس 2015، وبناء على دعوة من رئيس مجلس النواب الجمهوري آنذاك جون بوينر، وبمساعدة السفير الإسرائيلي في الولايات المتحدة، رون ديرمر، تحدث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام مجلسي الكونغرس مجتمعين حول الاتفاق النووي الإيراني الذي لم يكن قد تم توقيعه بعد. لقد فعل ذلك من دون إبلاغ رسمي للبيت الأبيض، وهو أمر قيل إنه أغضب باراك أوباما، الذي إنضمت إدارته في الشهر التالي إلى اتفاق الدول السبع (الدول الكبرى وإيران) للحد من طموحات إيران في امتلاك أسلحة نووية.

في خطاب أمام الكونغرس قاطعه أكثر من 50 عضو ديمقراطياً، أعلن نتنياهو بصراحة معارضته للصفقة. وقال نتنياهو، وسط تصفيق حاد: "لن تكون هذه الصفقة وداعاً للتسلح. ستكون وداعاً للحد من التسلح. وسيقترب الشرق الأوسط قريباً من الأسلاك النووية. المنطقة التي قد تتسبب فيها مناوشات صغيرة باندلاع حروب كبيرة ستتحول إلى صندوق نووي ".

مهاجماً اقتراح أوباما للتعامل مع إيران، أضاف نتنياهو: "يجب علينا جميعاً الوقوف معا لوقف مسيرة إيران من الغزو والاستعباد والإرهاب".

وقال تشومسكي إن بوتين لم يقم قط بمثل هذا الخطاب أمام الكونغرس الذي قال مراقبون سياسيون إنه فريد في الطريقة التي هاجم فيها زعيم أجنبي سياسة الحكومة الأميركية. وأضاف: "هل جاء بوتين لإلقاء خطاب أمام جلسات الكونغرس المشتركة، محاولاً دعوتهم إلى قلب سياسة الولايات المتحدة، من دون إبلاغه الرئيس بذل". وهذا فقط جزء صغير من هذا التأثير الساحق. لذلك إذا كنت مهتماً بتأثير التأثير الأجنبي على الانتخابات، فهناك أماكن يجب النظر إليها. لكن حتى هذه مزحة ".

لطالما كانت قوة اللوبي المؤيد لإسرائيل واحدة من القضايا المثيرة للجدل والمتنازع عليها في واشنطن. في عام 2007، نشر جون ميرشيمر وستيفن والت، كتاب "اللوبي الإسرائيلي والسياسة الخارجية الأميركية"، والذي وصف اللوبي بأنه "ائتلاف فضفاض من الأفراد والمنظمات الذين يعملون بنشاط لتوجيه السياسة الخارجية الأميركية في اتجاه مؤيد لإسرائيل". ويضم الائتلاف مجموعات مثل "لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية" القوية (إيباك) ، وهي جماعة ضغط مؤيدة لإسرائيل مقرها الولايات المتحدة، انفقت هذا العام 1.75 مليون دولار للترويج للسياسات الموالية لإسرائيل.

إن المؤتمر السنوي للمجموعة (إيباك) هو نقطة توقف متكررة للسياسيين الذين يسعون للانتخاب أو إعادة الانتخاب، وقد خطب نتنياهو أمامها مرات عدة. في عام 2016، كان كبار المتحدثين أمام (آيباك)، نائب الرئيس جو بايدن، ووزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون، والمرشح الجمهوري للرئاسة دونالد ترامب، والحاكم جون كاسيش، والسيناتور تيد كروز، والمتحدث باسم الكونغرس بول رايان.

ويقول الموقع الإلكتروني للمجموعة: "إن مهمة AIPAC (إيباك) هي تعزيز وحماية والترويج للعلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل بطرق تعزز أمن الولايات المتحدة وإسرائيل."

ولم ترد السفارة الإسرائيلية في واشنطن أو "إيباك" على الفور على استفسارات حول ادعاء تشومسكي.

في تعليقاته لـ "الديمقراطية الآن"، قال تشومسكي إن وسائل الإعلام "تركز على القضايا التي تعتبر هامشية إلى حد كبير. هناك الكثير من القضايا الخطيرة التي يتم وضعها جانباً. وقال: "من بين جميع سياسات ترامب، فإن السياسة الأكثر خطورة وتدميراً، والتي تشكل في الحقيقة تهديداً وجودياً، هي سياساته بشأن تغيّر المناخ، حول ظاهرة الاحتباس الحراري". وأضاف: "هذا مدمر حقاً. ونحن نواجه تهديداً وشيكاً، ليس بعيداً تماماً عن الضرر الهائل. الآثار واضحة بالفعل ولكن لا شيء مثل ما سيأتي. هذه هي أنواع القضايا التي يجب مناقشتها. بدلاً من ذلك ... هنا هو التركيز على ما أعتقد أنه هامشي".

 

ترجمة: هيثم مزاحم - الميادين نت