رغم قمعها في غزة.. إسرائيل خسرت معركتها على مستوى الرأي العام

يرى الكاتب الإسرائيلي في موقع تايمز أوف إسرائيل أنه رغم سيطرة إسرائيل على السياج عند حدود غزة ومنع تسلل الفلسطينيين إلا أنها خسرت معركتها على مستوى الرأي العام لاسيما بعد مصادقة مجلس حقوق الإنسان للأمم المتحدة على تحقيق مستقل في مقتل الفلسطينيين عند الحدود. في ما يلي نص المقال المترجم.

إصابات الفلسطينيين المتظاهرين سلمياً عند حدود السياج جعلت رواية حماس تفوز على رواية الجيش الإسرائيلي بحسب مسؤولين إسرائيليين

بينما نجح الجيش الإسرائيلي بصدّ محاولات التسلل المتعددة من حدود غزة خلال مظاهرات "مسيرة العودة" والاشتباكات الضخمة خلال الأسابيع السبعة الأخيرة، إلا أن إسرائيل خسرت المعركة على مستوى الرأي العام – بدون لبس، بحسب البعض.

"هناك حرب جارية، ونحن لسنا في أرض المعركة"، قال نائب وزير الدبلوماسية العامة مايكل أورن لموقع تايمز أوف إسرائيل.

يبدو أن الرواية التي يتقبلها معظم العالم هي رواية متظاهرين فلسطينيين مسالمين يواجهون قوة ساحقة، غير متناسبة، وقاتلة من قبل قوات الجيش الإسرائيلي. هذه الرواية انتصرت على الرواية الإسرائيلية التي بحسبها كانت حملة عسكرية نظمتها حركة حماس، التي تدعو لدمار الدولة اليهودية، مستخدمة دروعاً بشرية كغطاء لهجماتها عند السياج بهدف إصابة أكبر عدد ممكن من سكان القطاع برصاص الجنود الإسرائيليين، قال أورن.

لطالما كان التعاطف العالمي مع إسرائيل مستبعداً.

وقال مسؤولون إسرائيليون بشكل متكرر أن حماس تستغل الحشود عبر السياج، بما يشمل مسلحيها، ربما لتنفيذ هجمات داخل إسرائيل، وأن هدف الجيش الرئيسي كان ضمان عدم حدوث ذلك. ولكن بسبب عدم حدوث ذلك، هذا كان مجرد إدعاء من طرف إسرائيل – ووقف ذلك مقابل صور حقيقية لفلسطينيين مقتولين ومصابين.

وقُتل أكثر من 100فلسطيني، وصحفيين إثنين، برصاص الجيش منذ بدء الاشتباكات الحدودية في 30 أذار/ مارس الماضي، بحسب وزارة الصحة التي تدريها حماس في غزة.

في المقابل، كانت هناك إصابة إسرائيلية واحدة، جندي إسرائيلي، أصيب بإصابات طفيفة بواسطة حجر.

وخلال التظاهرات الأسبوعية، ابتعد معظم المتظاهرون عن السياج، وبقوا في خيام تبعد بضعة مئات الأمتار، ولكن كان هناك آلاف اقتربوا من الحدود، ورشقوا الحجارة والزجاجات الحارقة باتجاه الجنود الإسرائيليين في الطرف الآخر، وألحقوا الأضرار بالسياج الأمني وحاولوا اختراقه. وتمّ إطلاق "الطائرات الورقية الحارقة"، المحملة بأوعية وقود مشتعل، باتجاه الأراضي الإسرائيلية أيضاً، والتي تسببت بإشعال النيران بمئات الدونمات من الأراضي الزراعية والحقول.

ورداً على ذلك، استخدمت القوات الإسرائيلية الغاز المسيل للدموع، والرصاص المطاطي والرصاص الحي. ويدعي الجيش أن القناصين التزموا بقواعد الاشتباك الصارمة وكانوا بحاجة لموافقة القائد من أجل إطلاق النار. وقد شككت مجموعات حقوق انسان إسرائيلية بقانونية قواعد اشتباك الجيش، وتوجهوا إلى محكمة العدل العليا، حيث لم يتم التحقيق وحل القضية حتى الآن.

وشهدت بعض الأسابيع أيضاً اشتباكات مباشرة بين فلسطينيين مسلحين والقوات الإسرائيلية.

وقامت حركة حماس التي تحكم القطاع الساحلي منذ سيطرتها عليه عام 2007، بتوفير حافلات مجانية للوصول إلى الحدود، وعرض أموال على المصابين، وإرسال مقاتلين إلى السياج بملابس مدنية.

"الفكرة كانت فكرتنا، ولكن الوضع الحقيقي قصة مختلفة"، قال أحمد أبو رتيمة، ناشط فلسطيني ينسب له عادة إطلاق المسيرة، لصحيفة "فاينانشال تايمز" في الشهر الماضي، بعد المظاهرات الأولى.

وبينما يدعي أبو رتيمة والمنظمين الأصليين أن التظاهرات من المفترض أن تكون سلمية، أوضح قادة حماس أن هذا ليس هدفهم، "سوف نهدم حدودهم ونقتلع قلوبهم من أجسادهم"، صرخ يحيى السنوار، قائد حماس في غزة، خلال مظاهرة في 6 نيسان/ أبريل.

وعلى الأقل خُمس الفلسطينيين الذين قُتلوا كانوا خلال اشتباكات مسلحة مع الجنود – إما باستخدام أسلحة نارية أو متفجرات. وبحسب الجيش، قُتل عدة فلسطينيين بالرصاص اثناء محاولتهم زرع متفجرات عند السياج الحدودي، لكن لم يقدم الجيش عدداً دقيقاً. ويبدو أن معظم القتلى كانوا ضحايا غير مقصودين، قُتلوا برصاصات أخطأت هدفها.

وبينما الفرق في عدد الضحايا بين الطرفين هو نتيجة نشاطات الجيش لمنع التسلل عبر الحدود، وليس عدم وجود نية دامية من طرف حماس ومجموعات مسلحة أخرى في القطاع، هذه النية موجودة. وبالرغم من الكشف أن معظم القتلى الفلسطينيين كانوا أعضاء في حركات مسلحة، إما من قبل الجيش أو من القبل الحركات ذاتها، فهذه المعلومات صدرت بعد مقتلهم.

وبشكل مشابه، القصة الكلامية لإحدى الصور البارزة الصادرة عن العنف – تشييع جثمان طفلة تبلغ 8 أشهر توفيت نتيجة استنشاق الغاز المسيل للدموع – صدرت فقط بعد ساعات من العناوين والتقارير التلفزيونية يوم الثلاثاء الماضي، عائلتها أعلنت أن لديها مرض في القلب، والذي قال طبيب من غزة لوكالة اسوشيتد برس أنه على الأرجح سبب وفاتها.

"مذبحة" و"مجزرة" ظهرت في عناوين الصحف الأميركية والأوروبية الكبرى في تقارير حول اشتباكات يوم الإثنين الحدودية.

"لا يمكن لحماس اختراق السياج، لذا تريد ان يُقتل شعبها لنزع شرعية إسرائيل. والصحافة تقع بالفخ، الصحافة تمكّن حماس من الانتصار"، قال أورن في مقابلة يوم الجمعة.

وفي أعقاب المظاهرات الحدودية يوم الإثنين، واجهت إسرائيل انتقادات حادة، وليس فقط في تقارير إعلامية، بل أيضاً في المنتديات الدولية.

يوم بعد الاشتباكات، عقد مجلس الأمن الدولي جلسة طارئة حول العنف الحدودي، ومُنع من إصدار بيان ضد قتل المدنيين الفلسطينيين الذي يمارسون حفهم بالتظاهر السلمي، بواسطة فيتو أميركي.

وفي يوم الجمعة، صادق مجلس حقوق الإنسان للأمم المتحدة على تحقيق مستقل في مقتل الفلسطينيين عند الحدود، مع تصويت الولايات المتحدة وأستراليا ضده. وتواصلت السلطة الفلسطينية أيضاً مع المحكمة الجنائية الدولية للتحقيق في جرائم حرب مفترضة ارتكبتها إسرائيل يوم الإثنين.

وفي اعقاب هذه الضربات، بحث بعض السياسيين والمسؤولين الإسرائيليين عن طرف للوم، وعثروا على هذا الشخص في وحدة الناطق باسم الجيش، التي لعبت دوراً مركزياً في مبادرات العلاقات العامة الإسرائيلية حول الاشتباكات في غزة.

ولكن قال آخرون إن الجيش والناطق باسمه رونين مانيليس يُستخدمون "ككبش فداء"، ويواجهون انتقادات غير منصفة لخسارتهم معركة لا يمكن الفوز بها، أو، بحسب وجهة نظر أورن، استيعاب كل اللوم على مشكلة قومية أعمق.

من المذنب؟

أحد أول المعلقين على فشل العلاقات العامة كان وزير الطاقة يوفال شتاينيتس، الذي قال للإذاعة الإسرائيلية أن هناك "انتقادات يمكن سماعها" بخصوص مبادرات الجيش للعلاقات العامة. وقال إن وحدة الناطق باسم الجيش "كان يمكن أن تعمل بشكل أفضل، ربما قبل المظاهرات".

ونشر المراسل العسكري المخضرم رون بن يشاي أيضاً انتقاداً لاذعا لتعامل وحدة الناطق باسم الجيش مع اشتباكات غزة في الأسبوع الماضي بعنوان "فشل العلاقات العامة حول سياج غزة".

وتصاعدت الانتقادات للوحدة بعد تسريب مكالمة هاتفية بين قائد قسم الجيش للإعلام الدولي، يونتان كورنيكوس، وممثلين عن المجتمعات اليهودية الأميركية في الأسبوع الماضي، حيث قال الضابط إن الصور الدراماتيكية الصادرة من غزة التي تظهر فلسطينيين مصابين قدّمت لحماس "انتصاراً ساحقاً" في المعركة على الرأي العام.

وفي يوم الجمعة، دان الناطق الأسبق باسم الجيش وعضو الكنيست الحالي في حزب (العمل) نحمان شاي الوحدة لاعترافها علناً بما هو واضح للجميع: أن حماس انتصرت في معركة الروايات.

"حماس رغبت بالضحايا، حماس رغبت بمقتل الأشخاص. حماس رغبت بصور المصابين والمستشفيات المكتظة وكل شيء آخر"، قال كورنيكوس، بحسب التسجيل. "من الصعب جداً رواية قصتنا"، قال للقادة اليهود الأميركيين، معترفاً أن "جزءاً من ذلك، أنا واثق، هو ذنبي".

"لا شيء مما قاله كورنيكوس مفاجئاً لمتابعي التغطية لغزة، ولكنه ربما كان صريحاً أكثر مما هو متوقع من الناطقين". وانتقد شاي الضابط لـ "مدحه حماس".