يوم النكسة: اختبار لحماس والتهدئة - الظاهرية

من المشكوك فيه أن تكون حماس بحد ذاتها تستوعب الإمكانية المتفجرة لسياستها هذه. ليس فقط في التظاهرات، التي يمكن أن تخرج عن السيطرة وتتسبب في سقوط أعداد كبيرة من الضحايا، وليس فقط بالموافقة الضمنية التي تمنحها لمنظمات أخرى في قطاع غزة لإطلاق صواريخ على إسرائيل في منتصف الليل، بل وأيضاً في إرهاب الطائرات الورقية المتزايد الذي دمّر في الأيام الأخيرة حقول النقب الغربي.

صحيح أن إسرائيل تعلن ألا مصلحة لها بمواجهة في غزة، لكن الواقع قد يجرها إلى هناك، وربما حتى في الأيام القريبة

ليس للجانبين أي مصلحة بمواجهة في قطاع غزة - لكن من الممكن أنها خلف الزاوية. ليس أكيداً أن قادة حماس يقدّرون صحيحاً تداعيات سلوكهم.

صحيح أن إسرائيل تعلن ألا مصلحة لها بمواجهة في غزة، لكن الواقع قد يجرها إلى هناك، وربما حتى في الأيام القريبة. التراكم المتزايد لأحداث القصف وحرق الأراضي الزراعية، إلى جانب حدثين عنيفين متوقعين هذا الأسبوع على السياج الحدودي، سيُخضعون مرة أخرى للاختبار ما يسمى بالتهدئة – الظاهرية السائدة على حدود غزة.

الحدث الأول سيكون غداً - يوم النكسة - الذي تسعى فيه حماس مرة أخرى لجلب عشرات الآلاف من المدنيين إلى السياج، بهدف محاولة اقتحام السياج إلى الأراضي الإسرائيلية. السقف الذي حددته المنظمة هو نفسه الذي حُدد في يوم انتقال السفارة الأميركية إلى القدس الشهر الماضي، مواجهات عنيفة تُعيد القضية الفلسطينية إلى عناوين الأخبار ولو بثمن الكثير من القتلى.

وخوفاً من عدم تمكنهم من تجنيد عدد كبير من المدنيين، حددت حماس موعداً إضافياً – يوم الجمعة القادم، الذي هو آخر يوم جمعة من رمضان وهو أيضاً يوم القدس الإيراني. من يريد، يمكنه أن يرى في هذا شهادة على العلاقات العميقة بين حماس وطهران، ونفوذ إيران المتنامي على ما يجري في قطاع غزة، على أقل تقدير، يوجد هنا دليل على الجهد الذي تبذله حماس في إيجاد ذرائع لمواصلة الأنشطة المعادية لإسرائيل على السياج.

من المشكوك فيه أن تكون حماس بحد ذاتها تستوعب الإمكانية المتفجرة لسياستها هذه. ليس فقط في التظاهرات، التي يمكن أن تخرج عن السيطرة وتتسبب في سقوط أعداد كبيرة من الضحايا، وليس فقط بالموافقة الضمنية التي تمنحها لمنظمات أخرى في قطاع غزة لإطلاق صواريخ على إسرائيل في منتصف الليل، بل وأيضاً في إرهاب الطائرات الورقية المتزايد الذي دمّر في الأيام الأخيرة حقول النقب الغربي.

هذا وضع لن تستطيع إسرائيل التسليم به لوقت طويل. صحيح أنه لم تقع خسائر بالأرواح، بل فقط بالممتلكات (فورياً ومستقبلياً، والارتفاع المتوقع في أسعار السلع كنتيجة للضرر الذي يلحق بالمحاصيل)، وخاصة بالردع – وفوق ذلك من خلال استخدام وسيلة بدائية، بريئة المنظر، التي أصبحت سلاحاً خطيراً يتطلب رداً، وإلا ستفهم حماس أن إسرائيل تعيش بسلام مع الوضع الذي تحترق فيه حقولها، وتحجم عن الرد خشية أن تنجر إلى حرب.

كلام من هذا القبيل قيل أمس في تقديرات الأوضاع التي عُقدت في المؤسسة الأمنية وفي المستوى السياسي. صحيح أن إسرائيل لا تزال تفضل تجنّب الانزلاق إلى مواجهة في غزة، أيضاً مع غياب هدف محدد لخاتمتها، وخاصة لأنها تريد الاستمرار في التركيز على الساحة الشمالية، لكن يجب أن توضح لحماس أنها وصلت إلى نهاية اللعبة. استمرار إحراق الحقول، مع صفارات الإنذار الليلية والصدامات العنيفة على السياج، سيؤدون سريعاً إلى جولة قتال إضافية عنيفة.

لم يتم إمرار مثل هذه الرسائل، حالياً، وهو ما يعني أننا سنشهد في الأيام القريبة المزيد من نفس الشيء، مع انطواء كل حدث تكتيكي كهذا على إمكانية متزايدة للتدهور والدفع نحو فقدان السيطرة، والطريق منه إلى مواجهة شاملة ستكون قصيرة.