استهداف الرسول لقتل الرسالة

شنّ الكيان الإسرائيلي "موجة قتلط ضد الصحافيين في قطاع غزّة وجنوبيّ لبنان، وإلى جانب ذلك مارست الترهيب على الصحافيين الإسرائيليين في محاولة لطمس حقيقة ممارساته

  • يجب أن يتوقف استهداف الرسول لقتل الرسالة
    منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر الفائت، استشهد نحو 50 صحافياً فلسطينياً 

أشار الكاتب، بول كوكرين، في موقع  "Counter Punch" أنّ كيان الاحتلال الإسرائيلي شنّ عداوناً على الصحافيين في قطاع غزّة ولبنان، وهو الأكثر فتكاً منذ العام 1992. وأكّد الكاتب أنّ الاحتلال الاستهدف الصحافيين بهدف إلى تعتيم إخباري عن الحرب والاعتداءات والاعتقالات في الضفة الغربية. 
كذلك بيّن الكاتب أنّ الاحتلال مارس الترهيب على الصحافيين الإسرائيليين الذين نقلوا أحداث العدوان، لافتاً إلى أنّ هؤلاء الصحافيين خافوا من التمرد على السردية الإسرائيلية. 

النص منقولاً إلى اللغة العربية

منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر الفائت، قتل نحو 50 صحافياً فلسطينياً وجرح العشرات من المراسلين، وتم تدمير بشكل كامل أو جزئي معظم المكاتب التابعة لمختلف وسائل الإعلام والصحافة، خلال العدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين في غزة.

وقال "المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان"، إن "إسرائيل شنت موجة قتل ضد الصحافيين" في قطاع غزة، في حين وصفت لجنة حماية الصحافيين الشهر الأول من الحرب بأنه "الأكثر فتكاً الذي عانى منه الصحافيون منذ عام 1992. "

لقد أصبحت الهجمات على الصحافيين حادة ومباشرة لدرجة أن مراسلي وسائل الإعلام يجهدون للعثور على أماكن للعيش أو مكاتب للعمل، لأن المدنيين لا يريدون الإقامة بالقرب من مواقع ومراكز الإعلام المستهدف بوضوح. ويبدو أن وجود كلمة "صحافة" على السترات الواقية من الرصاص والمركبات يجعلهم هدفاً "للجيش" الإسرائيلي، لأنهم يبلغون عما ترتكبه "إسرائيل" في غزة. إضافة إلى صعوبات العمل الصحفي بسبب الحصار الوحشي  المفروض على القطاع لكل سبل العيش والإقامة من الرغيف إلى الماء والطاقة والدواء.

وفي جنوبيّ لبنان، استشهد 3 صحافيين من جراء الغارات الإسرائيلية العدوانية، هم، عصام العبد الله مصور وكالة "رويترز"، ومراسلة شبكة الميادين الإعلامية فرح عمر والمصور ربيع معماري. وكانت حكومة نتنياهو قد حظرت الميادين الإخبارية العربية التي تتخذ من بيروت مقراً لها، داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، ولم تنجح بتقييد قناة "الجزيرة "، بطلب من وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الذي طلب من حكومة قطر أيضاً أن تخفض القناة من حجم تغطيتها للحرب على الفلسطينيين.

زعمت "إسرائيل" أن 4 صحافيين إسرائيليين قتلوا خلال عملية "طوفان الأقصى". بينما تعرض الصحافيون الإسرائيليون الذين تحدثوا علناً وحاولوا أن يكونوا موضوعيين في نقل ما يحدث فعلاً في غزة، للترهيب والتهديد والوعيد. كما تعرض الصحافيون الفلسطينيون العاملون داخل المناطق الفلسطينية المحتلة للترهيب. كذلك طالب وزير الاتصالات الإسرائيلي بحظر صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، لأنها "تخرب إسرائيل من الداخل في زمن الحرب، ولسان حال أعدائها".

لا يمكن أن تكون هناك صحافة حقيقية في ظل هذه الظروف، كما لاحظت لجنة حماية الصحفيين: "استهدف الجيش (الإسرائيلي) مرافق الاتصالات، يهدف إلى تعتيم إخباري عن الحرب على غزة والاعتداءات والاعتقالات في الضفة الغربية".

ووسط ارتفاع حدة الفاشية العنصرية العميقة في المجتمع الإسرائيلي، لا يجرؤ القلائل من الصحافيين الإسرائيليين على التمرد على السردية الرسمية بسبب الخوف من الانتقام أو عدم الرغبة في الظهور غير مؤيد لـ"إسرائيل".

يضمن العدوان على الصحافيين بالنسبة لحكومة الاحتلال، عدم بث الصورة مباشرة عن جرائمها مما يجعل التحقق من اختراقات جنوده لكل القوانين والأعراف الدولية في حربها على غزة، أكثر صعوبة.

الحرب الإعلامية مؤثرة رئيسي في الرأي العام وصناعته، وهذه حقيقة تدركها الدول المعتدية والمعتدى عليها بالقدر نفسه. رئيس الوزراء البريطاني ديفيد لويد جورج في العام 1917، عن حمام الدم في الحرب العالمية الأولى والحاجة إلى إبقاء مثل هذه الحقائق المرعبة بعيداً عن الصحافة: "إذا كان الناس يعرفون حقاً الحقيقة، فستتوقف الحرب غداً. لكنهم بالطبع لا يعرفون، ولا يمكنهم أن يعرفوا".

مع ذلك، يتكشف الرعب في القرن الجاري، حيث كسر احتكار مؤسسات الصحافة لنشر الأخبار، عبر استخدام وسائل شبكة الإنترنت التي تتيح تنوعاً وغزارة لم تكن متوفرة في زمن رئيس الوزراء ديفيد لويد جورج.

"الحرب التي خاضتها الولايات المتحدة ضد الجماعات الإرهابية" كانت أيضاً حرباً على وسائل الإعلام من نواح كثيرة، ويمكن إلى ما حدث لمؤسس "ويكيليكس"، جوليان أسانج، لكشفه عن جرائم الحرب الأميركية في العراق وأفغانستان ومعتقل غوانتانامو في كوبا، وهو في الآن في الحبس الانفرادي في سجن بريطاني شديد الحراسة، ويواجه قرار تسليمه إلى الولايات المتحدة.

أما بالنسبة للاعتداءات الإسرائيلية على الصحافيين، فقد ذكر تقرير صادر عن لجنة حماية الصحافيين في أيار/مايو الفائت، أن "الجيش" الإسرائيلي لم يحاسب على مقتل 20 صحفياً، من بينهم 18 صحفياً، على مدى السنوات ال 22 الماضية. ويشمل ذلك مقتل الصحفية الفلسطينية الأميركية، شيرين أبو عاقلة، برصاصة إسرائيلية في الرأس بينما كانت تغطي اقتحام عسكري إسرائيلي لجنين بالضفة الغربية المحتلة.

وأشار تقرير لجنة حماية الصحافيين إلى" نمط عدم المحاسبة على عمليات قتل الصحافيين على أيدي الجيش الإسرائيلي وهذا ما يقوض بشدة حرية الصحافة". 

يجب أن يتوقف استهداف الرسول لقتل الرسالة.