تقرير: الاستقطاب الحزبي والعنف السياسي المتزايد في أميركا

تتسم الانقسامات في الولايات المتحدة، بظلم اجتماعي بنيوي، نشأ منذ تأسيسها، وما لبث بمرور الوقت أن توطد في معسكري الحزب الجمهوري، والحزب الديمقراطي.

  •  الحزب الجمهوري يعلن رسمياً ترشيح ترامب لولاية رئاسية ثانية
    الحزب الجمهوري يعلن رسمياً ترشيح ترامب لولاية رئاسية ثانية

ذكر موقع "سي جي تي إن" أن العنف بدوافع سياسية ليس شيئاً جديداً أو فريداً بالنسبة لأميركا. وما الفريد حقاً، هو المدى الضاري للاستقطاب الحزبي الحالي، الذي يشكل المنصة لتزايد العنف السياسي بشكل ساحق، لا سيما خلال العقدين الماضيين. 

فيما يلي نص المقال منقولاً إلى العربية:

تترافق الانتخابات النصفية الأميركية، مع حال من عدم الاستقرار السياسي، نتيجة لتصاعد العنف السياسي الذي تضاعف عشرة أضعاف في السنوات الخمس التي تلت انتخاب دونالد ترامب. حيث تمّ توثيق 9625 حادثة اعتداء في عام 2021. في وقت قالت فيه "شرطة الكابيتول"، إنّ المشرعين الفيدراليين تعرضوا لتهديدات بزيادة بنسبة 107 مقارنة بعام 2020.

ووفقاً لاستطلاع جديد لشبكة "سي بي أس نيوز"، يعتقد 64% من الأميركيين، أنّ العنف السياسي في الولايات المتحدة، سيزداد في السنوات المقبلة. 

كذلك، أعلن عن نتائج استطلاع أجراه فريق من علماء الطب والصحة العامة في "جامعة كاليفورنيا" بأنّ واحد من كل خمسة بالغين في الولايات المتحدة، يؤمن بأنّ العنف السياسي له ما يبرره، على الأقل في بعض الظروف.

في الأسبوع الماضي، حذر الرئيس الأميركي جو بايدن في خطاب مثير، تحذيراً قاتماً من العنف السياسي المتزايد في بلاده. واستشهد بالهجوم الأخير على بول بيلوسي، زوج رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي، ووصف بايدن أولئك الذين يرغبون في استخدام العنف لتحقيق غايات سياسية بأنّهم "أقلية متوترة".

العنف بدوافع سياسية ليس شيئاً جديداً أو فريداً بالنسبة لأميركا. وما الفريد حقاً، هو المدى الضاري للاستقطاب الحزبي الحالي، الذي يشكل المنصة لتزايد العنف السياسي بشكل ساحق، لا سيما خلال العقدين الماضيين. وهو لا يأتي من فراغ، بل هو تعبير عن تمزقات اجتماعية تطال شرائح مستقطبة "أيدولوجيا" وعاطفياً ومنقسمة أكثر مما كانت عليه في أي وقت في الماضي.

وتتسم الانقسامات في الولايات المتحدة، بظلم اجتماعي بنيوي، نشأ منذ تأسيسها، وما لبث بمرور الوقت أن توطد في معسكري الحزب الجمهوري، والحزب الديمقراطي. اللذان غيبا المناقشات السياسية الوطنية بين الأميركيين، حيث لا موطئ قدم لقضية مشتركة، أو لصناعة هوية وطنية جماعية. 

نادراً ما كان الأميريكيون مستقطبين كما هو حالهم اليوم. وجدت دراسة أجراها مركز "بيو للأبحاث"، على مدى عدة سنوات، خلافات صارخة  بين الديمقراطيين، والجمهوريين، حول الاقتصاد والعدالة العرقية، وتغير المناخ وإنفاذ القانون والمشاركة الدولية ومجموعة واسعة من القضايا الأخرى..

وعلى سبيل المثال، خلال الأيام الأولى لتفشي جائحة كورونا، اختلف الديمقراطيون والجمهوريون على ارتداء الأقنعة وتتبع جهات الاتصال، وحتى في الأساليب المتبعة في كيفية تعامل مسؤولي الصحة العامة مع الأزمة.

أشار المؤلف الأميركي عزرا كلاين، في كتابه "لماذا نحن مستقطبون"، إلى أنّه مع تكديس أشكال مختلفة من الهويات فوق الهويات السياسية للناس بمرور الوقت، ازدادت الاختلافات بين الحزبين سوءاً. وفي الوقت الحاضر، يرتبط العرق والدين والأيديولوجيا، ارتباطاً وثيقاً بالهوية الحزبية، لدرجة أنّ الأميركيين يميلون إلى اعتبار خصومهم السياسيين أعداء. وفي الشهر الماضي، وجد استطلاع "سي بي أس نيوز"، أنّ حوالي 47% من الديمقراطيين يرون الجمهوريين بهذه الطريقة،  و49% من الجمهوريين يرون الديمقراطيين على هذا النحو.

قد يربط المرء بين الاتجاه المتزايد للعنف السياسي في أميركا، مع الأحداث  في 6 كانون الثاني/يناير، أو بالهجوم على زوج بيلوسي، أو بمئات الحالات الأخرى التي تحدث كل يوم، مع مجموعة من الأسباب الأخرى، مثل تراجع الديمقراطية، أو عدم المساواة الاقتصادية، أو الظلم البنيوي الثابت، إلخ.. و لكن، يجب أن لا يغفل الاستقطاب الحزبي، المبني على وجهات نظر صدامية، تؤدي إلى التدهور المستمر منذ فترة طويلة في سياساتها. أنّه، نهج فرانكشتاين بالفعل.

 

نقله إلى العربية: حسين قطايا