"معاريف": مراهنات طهران على تخصيب اليورانيوم وفّرت بالنسبة لهم البضاعة

صحيفة"معاريف" الإسرائيلية تؤكد استفادة إيران من الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي، وتشير إلى أنّ "إيران وصلت هذه المرة إلى المفاوضات مع أرواقٍ أفضل بكثير في يدها".

  • خلال زيارة المفاوض الأوروربي جوزيف بوريل إلى طهران
    خلال زيارة المفاوض الأوروربي جوزيف بوريل إلى طهران

تحدث الكاتب الإسرائيلي، طال ليف رام، في تقريره في صحيفة "معاريف"، عن الانجاز الإيراني بما يخص الاتفاق النووي. ويشير إلى أنّ خروج الولايات المتحدة من الاتفاق النووي بدفعٍ إسرائيليٍ واضح خلال حكومة نتنياهو، تبين أنه خطأ استراتيجي أدّى بإيران إلى أربع سنواتٍ مثمرة جداً في كل ما يتعلق بمجال تخصيب المادة الانشطارية. 

بخلاف التقديرات في "إسرائيل" والولايات المتحدة مع خروج إدارة ترامب من الاتفاق النووي في سنة 2018، إيران وصلت هذه المرة إلى المفاوضات مع أوراقٍ أفضل – وكذلك مع تجربة أثرى في تخصيب اليورانيوم.

تفاصيل الاتفاق النووي المتبلور لم تُنشر بعد، وبرغم التقدم ما زال من السابق لأوانه ربط الأحصنة بالعربة. مصادر دبلوماسية رفيعة المستوى في إسرائيل تقول لـ"معاريف" إنه لا تزال هناك فجوات مهمة بين إيران والولايات المتحدة، والاتفاق لا يزال بعيداً عن كونه ناجزاً، واحتمالات التوقيع عليه متوسطة. 

من ناحية "إسرائيل"، هذه الفجوات تمثُل في صلب معارضة الاتفاق المتبلور.

في الأشهر الأخيرة الموقف المتصدر في المؤسسة الأمنية كان بأن اتفاقاً سيئاً، على شاكلة الاتفاق السابق، أفضل من واقعٍ من دون اتفاقٍ فقط. هذا الموقف تغيّر لأن الاتفاق المتبدّي بقيادة دول الاتحاد الأوروبي أسوأ بكثير مما توقّعوا في القدس. 

وزير الأمن، بيني غانتس، سيسافر في زيارة ليومين إلى الولايات المتحدة، ومن هناك سيواصل زيارته إلى اليابان.

"إسرائيل" تحاول ممارسة ضغطٍ على الأميركيين لتصليب المواقف، من بين جملة أمور فيما خص المطالبة بأن تكون صلاحية الاتفاق الجديد أطول بكثير من الاتفاق السابق، وأن تبقى العقوبات على الشركات التي تقيم علاقات اقتصادية مع حرس الثورة (الإيراني) على حالها، وعدم الإذعان للمطلب الإيراني بضمانات من الأميركيين بعدم الخروج من الاتفاق في المستقبل، وكذلك إلغاء ملفات التحقيق الثلاثة المفتوحة في الوكالة الدولية للطاقة النووية، التي ثبُت فيها أن الإيرانيين خرقوا الاتفاق بفظاظة. 

كون الأميركيين لم يحسموا بعد قرارهم في هذه النقاط، هامش تأثير "إسرائيل" مقلّص.

في "إسرائيل" يعتقدون أن الأميركيين يريدون بشدة إنهاء هذا الملف، لكن إلى جانب هذا يفهمون هم أيضاً المشاكل الخطيرة الموجودة في الاتفاق المتبلور. إيران موجودة في نقطة إقلاع أفضل من الماضي، ولا سيما في كل ما يتعلق بتخصيب المادة الانشطارية إلى مستوياتٍ عالية.

التجربة والمعرفة في تخصيب اليورانيوم إلى مستوى 60%، وتطوير وتركيب أجهزة طرد مركزي متقدّمة، منحوا الإيرانيين مساحة ثقة بالنفس في قدراتهم التكنولوجية للتقدّم كثيراً في مجالٍ كانت لهم فيه مصاعب كثيرة في الماضي. 

مرة أخرى سيُطلب من إيران في الاتفاق الجديد الحدّ كثيراً من كمية المادة المخصبة المخولة بإبقائها على أراضيها، لكن التجربة والمعرفة اللتين اكتسبتهما ستبقيان عندها. وهذا إلى جانب أجهزة الطرد المركزي المتقدّمة التي – حسبما يتبدّى – سيُطلب من إيران تخزينها فقط تحت رقابة.

كيفما أدرنا الدولاب، الأعوام الأربعة على خروج الولايات المتحدة من الاتفاق النووي بدفعٍ إسرائيليٍ واضح خلال حكومة نتنياهو، ليس فقط أنها لم تحقق فانتازيا دفع إيران إلى التخلي عن حلم السلاح النووي بسبب نير العقوبات وأزمة اقتصادية شديدة، بل حتى أنها تبينت أنها خطأ استراتيجي أدّى بقادة إيران إلى أربع سنواتٍ مثمرة جداً في كل ما يتعلق بمجال تخصيب المادة الانشطارية. 

في المجالات الأخرى المهمة لتطوير السلاح النووي وتركيب الرأس النووي المتفجر في صاروخٍ باليستي، صحيح أن إيران كانت حذرة من الهرولة قُدماً نحو القنبلة، لكن المراهنة التي قاموا بها في طهران في مجال تخصيب اليورانيوم وفّرت بالنسبة لهم البضاعة. إيران وصلت هذه المرة إلى المفاوضات مع أرواقٍ أفضل بكثير في يدها، على النقيض كلياً مما اعتقدوه في "إسرائيل" عشية خروج إدارة ترامب في 2018 من الاتفاق. 

هذه النظرية، في إدارة ترامب وفي القيادة السياسية عندنا، مُنيت بفشلٍ استراتيجيٍ مدوٍّ. ما هو منطقي في دولة تريد رفاه مواطنيها لم يحدث في إيران. المصاعب الاقتصادية والفقر وضائقات المواطنين لم يؤدّوا إلى تغييرٍ في سلم الأولويات. فالمال المتعلق بالتعاظم العسكري ولمواصلة البرنامج النووي استمر بالتدفق. 

التقدم في تخصيب اليورانيوم، برغم الضغط الاقتصادي، وحقيقة أن الأميركيين كانوا هم من خرج من الاتفاق أولاً، هما إلى حدٍ ما، في صورة مهزلة، واللذان يقفان كعامل يوضح لماذا الاتفاق المتبلور أسوأ من اتفاق 2015.

في العام الأخير كثُرت الأصوات في المؤسسة الأمنية التي تتحدث عن مميزات العودة إلى الاتفاق مع إيران بخصائص مشابهة للسابق، لكنها لم تتوقع أيضاً ظروفاً أسوأ بكثير.