متى ينهار النظام الرأسمالي العالمي؟ (1-4)

نحن بصدد أزمة مركّبة ومعقّدة سوف تنتهي حتماً، وخلال أقلّ من عقدين من انهيار الأسس والركائز البنيوية التي قام عليها النظام الرأسمالي العالمي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.

  • متى ينهار النظام الرأسمالي العالمي؟ (1-4)
    متى ينهار النظام الرأسمالي العالمي؟ (1-4)

لم يعد السؤال الذي يدور في عقل ووجدان مئات الملايين من البشر من سكان المعمورة حول: هل سينهار النظام الرأسمالي العالمي أم لا؟ وهل سينتهي العالم من كابوس الهيمنة الأميركية والأوروبية على العالم أم لا؟ وهل ستتراجع هيمنة الدولار على المعاملات التجارية والمالية العالمية أم لا؟

بل أصبح السؤال هو: متى سينهار هذا النظام الرأسمالي العالمي الوحشيّ؟ وما الصورة الجديدة التي سوف تتخذها هذه المجتمعات والدول؟ وما شكل العلاقات الاقتصادية والسياسية الدولية المستقبلية؟ خاصة بعد اندلاع نيران الحرب الروسية – الأطلسية في أوروبا على الأراضي الأوكرانية.

والآن... نحن بصدد أزمة مركّبة ومعقّدة سوف تنتهي حتماً، وخلال أقلّ من عقدين من انهيار الأسس والركائز البنيوية التي قام عليها النظام الرأسمالي العالمي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945، وفي هذا الصدد نستطيع أن نفكّك عناصر هذه الأزمة المركّبة لأغراض التحليل فقط، ثم نعاود تجميع الصورة المركّبة والمعقّدة تلك لنرى كيف تعمل ديناميات التفكيك الذاتي لهذا النظام. 

وهنا نستطيع أن نميّز في عناصر الأزمة بين ثلاثة مكوّنات فاعلة هي: 

-      مأزق النموذج الاقتصادي على الصعيدين النظري والبنائي أو المؤسساتي. 

-      مأزق النظام الرأسمالي على صعيد السياسات المتبعة في دول المراكز الكبرى، وهي دول مجموعة السبع الصناعية الكبرى وما يتبعها من دول الاتحاد الأوروبي. 

-      مأزق النظام على صعيد الأداء العسكري والتخبّط الاستراتيجي. 

فلنتناول كلّ واحد بشيء من التفصيل: 

أولاً: في تشخيص مأزق النظام ومحاولة تفكيك الخطابات السائدة. 

يكثر الحديث، كلما تكرّرت الأزمة الاقتصادية الرأسمالية بأشكالها المالية والمصرفية أو أشكالها الإنتاجية والتجارية، حول جوهر الخلل البنيوي الذي يشكّل جذر هذا النظام. وغالباً ما يختلط في الكثير من الأحيان الحابل بالنابل، فيتحدث المتخصصون وغير المتخصصين، ويفتي العارفون فيها وغير العارفين، وزاد البعض فتنطّع في بعض القنوات الفضائية هنا وهناك: ملقياً بالنصائح، ومستخلصاً العبر والدروس، من دون أن يتأمل هذا الفريق أو ذاك في طبيعة الخطاب المتداول في أوساط الرأي العام، والمتابع عن كثب هول ما جرى وما يجري لا يعرف على وجه اليقين مغزاه ومعناه ومبناه. حدث هذا في أعقاب انفجار الأزمة المالية والاقتصادية العالمية عام 2008، وها هو اليوم يتكرّر بعد أزمة الحرب في أوكرانيا. 

لذا بات من الضروري التوقّف بالشرح والتحليل عند 3 عناصر أساسية تكوّن المنظور الصحيح للتعامل مع الأزمة الكبرى، وتحليل مكوّناتها وتداعياتها، وطبيعة الصراعات التي نشأت وسط تلاطم أمواجها وأعاصيرها، والتي من المتوقّع استمرارها لسنوات أخرى مقبلة.

فالملمح الأول للأزمة: هو تقلّص فترات الدورة الاقتصادية في المتوسط من 10 سنوات أو أكثر قليلاً إلى أقل من 5 سنوات، خذ مثلاً الأزمات العاصفة منذ عام 1971 والتي تكرّرت على مدار السنوات (1973، 1982، 1987، 1989، 1994، 1997، 1999، 2000، 2001، 2002، 2003، 2008، 2022 فصاعداً)، وسواء كانت هذه الأزمات العاصفة شاملة للاقتصاد الرأسمالي العالمي ككل، أو في أزمات لبعض مكوّناته الإقليمية الهامة (مثل جنوب شرق آسيا عام 1997، أو المكسيك عام 1994، أو الأزمة الروسية الكبرى عام 1999، أو الأرجنتين عام 2000، أو البرازيل عام 2003) أو في غيرها كما يشير بذلك Alan Beattiفي جريدة "الفايننشيال تايمز" (28 تشرين الأول/أكتوبر 2008).

إذاً فترة وسنوات الدورة الاقتصادية تقلّ دورة بعد أخرى، وهو مؤشّر على عمق أزمة كامنة في جسد البنيان الاقتصادي الرأسمالي.

الملمح الثاني للأزمة في شكلها الجديد هو انفصال القطاع المالي وغياب عناصر الرقابة والإشراف، فإذا كان الفكر الاقتصادي الرأسمالي قد ابتكر "المدرسة الكينزية" منذ عام 1933 ومنح فيها الدولة دوراً أكبر في الحياة الاقتصادية كأداة توازن رئيسة، فإن صعود أفكار اليمين المحافظ في السياسة الأميركية والبريطانية منذ أواخر عقد السبعينيات ومطلع عقد الثمانينيات من القرن الماضي (رونالد ريغن – مارغريت تاتشر) قد تزامن معه وصاحبه صعود أفكار "المدرسة النقدية"، أو ما عرف بمدرسة "شيكاغو" بزعامة ميلتون فريدمان، والتي نبذت وحاربت أي تدخّل من جانب الدولة في النشاط الاقتصادي، وطالبت وألحت على إلغاء أي قيد أو إشراف على عمل آليات السوق، سواء أكان ذلك في مجالات الاقتصاد العيني أم الاقتصاد المالي.

وكانت "الريغانية" في الولايات المتحدة و"التاتشرية" في بريطانيا هما بمثابة باكورة ومقدمة لهذا العصر الذي ازداد توحّشاً مع انهيار الاتحاد السوفياتي في أواخر عقد الثمانينيات، ونجاح المحافظين الجدد – وهم أسوأ تعبير استعماري في العصر الحديث – على دفة الحكم والإدارة في الولايات المتحدة؛ ومن ثم توجيه وإجبار بقية دول العالم على السير وفقاً لمقتضيات المصالح والرؤى الذاتية لهذه الجماعة الوحشية. 

ولم يكن غريباً نتيجة لذلك أن تنفجر الأزمة بداية في داخل الولايات المتحدة، وتنطلق منها إلى بقية ربوع العالم، فهذا البلد يعيش عالة على غيره من شعوب العالم، ويدير عجلة اقتصاده الضخم من موارد غيره، خاصة من دول الفائض التجارية والمالية مثل الصين واليابان ومشايخ الخليج ودول جنوب شرق آسيا.

حيث يقدّر حجم هذه الفوائض الموظّفة والمستثمرة في الاقتصاد الأميركي والأسواق المالية حالياً بأكثر من 20 تريليون دولار على أقلّ تقدير، هذا بخلاف المديونية بالدولار التي تزيد عن 20 تريليون دولار، والذي زاد الأمر سوءاً تعاظم نفقات الدفاع الأميركية منذ تولّي بوش الابن وجماعة المحافظين الجدد الحكم عام 2001؛ حيث زادت مخصّصات البنتاغون وحده من 240 مليار دولار في ذلك العام – بعد أن نجح بيل كلينتون خلال عهده في تخفيضها من 440 ملياراً عندما تولّى عام 1992 – حتى تجاوزت في موازنة عام 2008 نحو 776 مليار دولار. 

هذا بخلاف المخصصات شبه العسكرية الأخرى التي تخصص لأبحاث الدفاع في وزارات مثل الطاقة وغيرها، يضاف إلى ذلك لعبة التعزيزات المالية الأخرى التي اعتاد بوش وجماعته المطالبة بها أثناء السنة المالية للإنفاق على الأعمال العسكرية في العراق وأفغانستان، أي إننا بصدد إنفاق عسكري أميركي ربما يزيد عن 950 مليار دولار. 

وقد زادت هذه النفقات العسكرية الأميركية بعد ذلك لتشكّل عبئاً فوق طاقة وقدرة الإمبراطورية الأميركية، وهو ما حدا بالرئيس الأميركي دونالد ترامب (2017-2020) للدعوة إلى الخروج من هذه الحروب، بل والخروج من حلف الناتو نفسه.

وإذا أضفنا إلى كل هذا الدين العائلي الداخلي، حيث أفرطت البنوك والمؤسسات المالية الأميركية – في إطار بيع الوهم الأميركي – أفرطت في نظام الإقراض الشخصي والعائلي، بحيث صرف نحو مليار بطاقة ائتمان شخصي، تولّت تمويل استهلاك سنوي يتجاوز 1.5 تريليون دولار، بما فاقم من حجم الديون الشخصية والعائلية في المجتمع الأميركي لأكثر من 14.0 تريليون دولار في نهاية عام 2007. 

إذاً، نحن إزاء فقاعات مالية قابلة للانفجار في أي لحظة، ويدرك المسؤولون الأميركيون أن هذا المستوى من المعيشة والمديونية يتولّى "مغفلو" العالم تمويله، سواء بإرادتهم أو من دون إرادتهم. 

الملمح الثالث للأزمة الراهنة – وعلى عكس الحال في عام 1929 – هو انتقال الأزمة من القطاعات المالية (بكل ما جرى من انهيارات مصرفية وفي البورصات العالمية والأميركية وسوق الأسهم) إلى قطاعات الاقتصاد العيني، مثل الصناعة (السيارات) والتجارة والخدمات، بحيث يبدو أننا ننتقل من مستوى التباطؤ الاقتصادي إلى مستوى الركود الاقتصادي. 

وربما تنتقل بعض الاقتصاديات إلى مستوى الكساد الاقتصادي في الشهور القليلة المقبلة، بما يصاحب ذلك عادة من تسريح مئات الآلاف من العمال والموظفين، وبالتالي انخفاض الطلب على منتجات وخدمات القطاعات الاقتصادية المختلفة، سواء من الداخل أو الخارج (النفط مثلاً)، وهو ما سينعكس سلباً على معدلات الطلب على صادرات الدول كافة، سواء من المواد الخام أو المواد شبه المصنّعة.

هنا نود أن نشير إلى حقيقة نجاح السياسات الاقتصادية والمالية الأميركية طوال الأربعين عاماً الماضية في خلق شبكة تعاملات ومصفوفات تداخل قطاعية واسعة وعميقة جداً مع بقية اقتصاديات دول العالم المتقدّمة ودون المتقدّمة، بحيث أصبح من الصعب – إن لم يكن من المستحيل في ظل اندفاع الجميع إلى ركوب قطار العولمة الأميركية - الخروج من أسر هذا القيد الأميركي إلا بالعودة مرة أخرى إلى مفاوضات قاسية وعسيرة من أجل تصحيح وإعادة تشكيل آليات النظام الاقتصادي والمالي الدولي، يُخرج اقتصاديات الدول كافة من هذا الأخطبوط الأميركي القاتل من دون أن نصل إلى حد تصوّر القطيعة الكاملة معه. 

وإذا حاولنا تجريد الرؤى والأفكار المطروحة التي تعاملت مع الأزمة، سواء في مصر أو في غيرها من الدول العربية وغير العربية، وفي وسائل الإعلام والصحف والمجلات المتخصصة مثل "فاينانشال تايمز" و"ايكونوميست" البريطانيتين أو "وول ستريت جورنال" الأميركية، ووضع هذه الأفكار في أطر تحليلية كليّة، نجد أنفسنا إزاء خطابين مختلفين ومتمايزين من حيث العمق والقدرة على التأمل في الكارثة: 

 فالخطاب الأول: يمكن أن نطلق عليه خطاباً فنياً أو خطاباً مالياً، ركّز فيه أصحابه على زوايا للنظر تكاد تنحصر في أسباب من قبيل: توسّع البنوك في الولايات المتحدة في الإقراض العقاري، ومنح الائتمان للأشخاص وللمؤسسات، وكذا زيادة حجم التداول المالي والورقي في الأسواق المالية، واتساع نطاق عمليات التوريق والمضاربة على العملات، وسرعة تحرّكات رؤوس الأموال في البورصات وفي الأسهم والسندات. 

إضافة إلى ما جرى من توسّع مذهل فيما سمّي المشتقات المالية وعقود البيع الآجل والمستقبل، مع الانخفاض المتوالي في أسعار الفائدة في البنوك على الودائع مما دفع المستثمرين والمضاربين على حد سواء إلى التحرّك نحو تلك المشتقات لتحقيق الأرباح، وتورّط عشرات البنوك في تلك العمليات المخالفة للأصول والأعراف المصرفية المتعارف عليها. 

ترتّب على هذا في لحظة من اللحظات وجود مخاوف، ولا سيما بعد انهيار بنك "ليمان برازرز" في الولايات المتحدة عام 2008 وغيره من البنوك الكبرى، وهكذا برزت أزمة السيولة في مراحلها الأولى لتجرف بعدها وتكشف عن تعثّر المدينين في قطاع النشاط العقاري، وامتدت منها إلى البنوك والمصارف الغارقة في هكذا ائتمان مبالغ فيه؛ مما أفقد النظام المصرفي توازنه، وحدث ما شاهدناه جميعاً على شاشات التلفاز، وانتشر الفزع في الأوساط كافة. 

وهو ما تكرّر بصورة شبه متماثلة حينما تكشّفت الأزمة في الولايات المتحدة في شهر آذار/مارس 2023 عن انهيار عدة بنوك متوسطة الحجم مثل: بنك سيلكون فالي ومن بعده بنك "سيغنيتشر"، ثم واحد من أهم بنوك ألمانيا والعالم وهو "دويتشه بنك" وتدهور قيمة أسهمه، وامتداد لهيب النار إلى واحد من أكبر بنوك العالم في سويسرا وهو بنك "كريدي سويس"؛ مما أجبر البنك الفيدرالي والحكومة السويسرية والبنك السويسري المنافس UBS على شراء على هذا البنك إنقاذاً لسمعة البنوك السويسرية جميعاً، والتي عرف عنها منذ عقود طويلة أنها مخازن لأموال لصوص الشعوب.

وقد دفع هذا الخطاب وأنصاره إلى مطالبة الحكومة الأميركية وبقية الحكومات الأوروبية وغير الأوروبية إلى التدخّل ببرامج عاجلة من أجل استعادة الثقة في البنوك والمصارف وبقية المؤسسات المالية، عبر ضخّ كميات مالية تسمح بتدفّق دماء السيولة مرة أخرى في البنوك، وهو ما ذهبت إليه اللجنة المشكّلة من الكونغرس الأميركي للتحقيق في أسباب الكارثة الاقتصادية والمالية في الولايات المتحدة عام 2008.

أما الخطاب الثاني الذي يمكن أن نطلق عليه خطاباً هيكلياً، فقد ذهب إلى مدى أعمق وأبعد في تناول وتحليل طبيعة الاختلالات الهيكلية المزمنة، والكامنة في البناء الاقتصادي والمالي الأميركي خصوصاً والرأسمالي عموماً، بحيث تتجاوز الأزمة مجرد سوء إدارة النظام المصرفي والمالي ليغوص أكثر في طبيعة بنيانه التي يزداد فيها اتساع الفجوة بين الاقتصاد العيني والاقتصاد المالي منذ منتصف السبعينيات من القرن العشرين، بحيث تخلق قطاعاً مالياً ضخماً يتجاوز بمعدلات نموه وحركة الأموال الدائرة في شرايينه عشرات المرات حجم الاقتصاد العيني الذي تقوم على أساسه ركائز اقتصاديات الأمم الحديثة.

وعلى عكس القائلين بمصطلح الاقتصاد الحقيقي (بوصف قطاعات الاقتصاد العيني مثل الزراعة والصناعة والكهرباء والطاقة والتجارة والخدمات غير المالية) مقابل ما يسمى الاقتصاد غير الحقيقي (بوصف قطاعات النشاط المالي والبورصات وغيرها) فإننا نذهب إلى القول بأنّ كليهما هو اقتصاد حقيقي، ولا يجوز وصف قطاعات النشاط المالي بأنها اقتصاد غير حقيقي.

حيث إن البنوك والبورصات المالية نشأت منذ القرن السابع عشر مع صعود الرأسمالية الحديثة، كأحد قنوات تجميع المدخرات والأموال من الأفراد والمؤسسات من أجل إعادة ضخها واستثمارها في أنشطة الاقتصاد العيني. 

لكنّ المشكلة بدأت حينما خرج نشاط القطاعات المالية عن أهدافه ووظائفه الحقيقية منذ منتصف السبعينيات، ليتحوّل إلى أداة للمقامرة والمضاربة، عبر خلق عمليات رهونات ومضاربات على أسعار صرف العملات الرئيسية الدولية وعلى نطاق العالم أجمع، وجرف في تياره الكاسح والعنيف – بفعل الهيمنة الأميركية على توجّهاته وآلياته – كل بورصات العالم وأسواقه المالية من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب.

يكفي أن نشير إلى حقيقة أنه بينما كان حجم الأموال الموظّفة والمستثمرة في الأسواق المالية العالمية في عام 1985 نحو 85 مليار دولار يومياً (في صور شتى مثل: شراء الأسهم والسندات، والمضاربة على أسعار الصرف، وفي المشتقات المالية التي بدأت تتسع في ذلك الحين وغيرها) فإن هذا الرقم وهذه المبالغ قد أخذت في الزيادة يوماً بعد يوم وأسبوعاً وراء أسبوع وعاماً بعد آخر حتى قاربت عشية الأزمة العاصفة في أيلول/سبتمبر وتشرين الأول/أكتوبر عام 2008 نحو 3 تريليونات دولار يومياً، في حين إن الناتج المحلي الإجمالي العالمي لعام 2007 كله لم يزد عن 48 تريليون دولار، كان نصيب الولايات المتحدة منها نحو 13 أو 14 تريليون دولار فقط.

وهذه الأرقام قد تضاعفت تقريباً في نهاية عام 2021، بحيث تجاوزت الأموال الموظّفة في هذا السيرك المالي الرأسمالي نحو 5 تريليونات دولار يومياً، بينما كان الناتج المحلي العالمي يقارب 84 تريليون دولار فقط، منها نحو 28 تريليون دولار للولايات المتحدة وحدها.

والأخطر في هذا الميل المفرط في التداول المالي والمضاربة على العملات والسلع المستقبلية أنه قد اتخذ طابعاً احتيالياً، خاصة في الولايات المتحدة وبعض الدول النفطية (راجع كارثة سوق المناخ في الكويت عام 1982)، وبالتالي أحال الاقتصاد العالمي والبورصات العالمية إلى موائد قمار كبرى على حد وصف الاقتصادي الأميركي البارز جوزيف ستيجللتز، أو كما وصف الوضع الرأسمالي العالمي عشية انهيار الروبل الروسي عام 1998 وعام 1999 المضارب الأكبر "جورج سورس " بأنه من الضروري إنقاذ الرأسمالية من الرأسماليين.