ماذا يقصد ربّ العمل عندما يتحدث عن الإبداع؟

ماذا يعني أن نفكّر خارج الصندوق؟ وإذا كنت ترى نفسك شخصاً مبدعاً كيف توظّف هذا الإبداع في فريق العمل؟ يساعدك هذا التقرير أن تخرج بأفكار مبتكرة وفعّالةـ حيث أن قريحة أي شخص قد تجود بالأفكار الجيدة!

  • كيف نفكّر خارج الصندوق؟
    كيف نفكّر خارج الصندوق؟

يُعرّف الإبداع على أنه عملية معرفية تؤدي إلى توليد "نتاج" جديد. وهو بذلك ليس نتاجاً تلقائياً أو عشوائياً، بل يحتاج إلى جهود عقلية وفكرية كبيرة. يقال عن العملية الإبداعية إنها تفكير "خارج الصندوق". ما يعني أن على "المبدع" أن يفكر بزاويا جديدة ومختلفة لموضوع قد يكون قديماً. وأن ينظر إلى الأشياء من زاوية لم نرها من قبل، ويعالجها بطريقة تجعلنا نقول "كيف لم ننتبه"؟ لكن المعضلة تبقى في توظيف هذا الإبداع ضمن فريق العمل، أو ما يسمى بـ"عصف الأفكار"؟ ماذا يعني؟ وماذا لو قد نتج عن مشاركة الأفكار فوضى؟

موقع "هاو ستف ووركس" نشر تقريراً أعدّته أستاذة مساعدة في الاتصالات المرئية بجامعة ساوث كارولينا، صبرينا حبيب، استعرضت فيه الإبداع الناجم عن العصف الذهني الجماعي والفردي للخروج بأفكار متميزة. يقدّم البحث بعض الطرق الملموسة التي تهدف إلى تسهيل استحداث الأفكار، سواء على صعيد فردي أو جماعي، خصوصاً أن الكاتبة خلصت إلى أن الإبداع يُعد أحد أكثر المهارات المطلوبة في مقار العمل.

ترى الكاتبة أنه "ليس من المستغرب أن تتطلّع كبرى الشركات المتعددة الجنسيات إلى توظيف مفكّرين مبدعين، لأن الإبداع يمكن أن يؤدي إلى الابتكار والقدرة على التأقلم في المؤسسات. ومع ذلك، قد تنتج عن مشاركة الأفكار فوضى عارمة عندما لا يفهم زملاء العمل المفاهيم الجديدة أو يدعمونها. ويقدّم البحث بعض الطرق الملموسة التي تهدف إلى تسهيل استحداث الأفكار، سواء على صعيد فردي أو جماعي. إذن، ماذا يعني رب العمل عندما يتحدث عن الإبداع؟

العصف الذهني  والإبداع

ترى  الكاتبة أن ثمّة تعريفات كثيرة للإبداع، ويشير معظمها إلى الأصالة وحلّ المشكلات، ولعلّ أفضل ما قيل في هذا الإطار هو ما أوضحه الطبيب النفسي الشهير "ميهالي كسيكزنتميهالي" عندما وصف الإبداع في مقرّ العمل بأنه امتلاك فكرة يعترف بها خبراء آخرين في هذا المجال وعامة الناس بوصفها فكرة جديدة.

في عام 2019، استحدثت الكاتبة دورة تدريبية في جامعة ساوث كارولينا بعنوان "التفكير الإبداعي وحلّ المشكلات" لمساعدة طلاب الجامعات على تحقيق نجاحاً في مقارّ العمل التي لا توجد فيها إجابة محددة لمعظم المشكلات ولن يحصلوا على توجيهات دراسية أو تعليقات من المعلمين. وقد لاحظت الكاتبة أنه بعد مرور مدة زمنية على إجابة الطلاب عن أسئلة الاختيارات في الاختبار، قد يحققون نجاحاَ في المناطق الرمادية (المواقف الصعبة) التي يبدو فيها أي حل محتمل مخيفاً.

ترى الكاتبة أن الطلاب سيبحثون بعد أن يتخرجوا عن التوصيفات الوظيفية التي تبرز الإبداع بوصفها إحدى أكثر المهارات الشخصية المطلوبة.

وتضيف أن تاريخ اتجاه الشركات نحو الحل الجماعي للمشكلات يرجع إلى قرابة ثمانية عقود، عندما قدّم المدير التنفيذي لقسم الإعلانات والأعمال، أليكس أوزبورن، صياغة لمصطلح "العصف الذهني"، الذي وصفه أوزبورن في كتابه "قدرتك الإبداعية" الصادر عام 1948، بأنه يشير إلى "استخدام العقل لإيجاد حل إبداعي للمشكلات، بطريقة جريئة، حيث يسعى كل شخص مشارك في هذا العصف الذهني نحو تحقيق الهدف ذاته". وتمحور هذا الهدف في كمّ الأفكار: إذ قدَّم 10 عاملين يوماً ما 87 فكرة لحملة إعلانية في غضون 90 دقيقة فقط.

تقول الكاتبة، إنه ومع أن "العصف الذهني الجماعي قد يساعد في توطيد العلاقات بين زملاء العمل ومناقشة أفكارهم وتبادلها، فإن بعض الباحثين شكّكوا في فعاليتها في السنوات الأخيرة. وتستمر عدّة منظمات في استخدام هذه العملية. ويؤدي الاعتراف بالأفكار علناَ إلى تسليط الضوء على أصحابها، ما يجعلهم عُرضة للنقد. وقد يؤدي انعدام الثقة أيضاً إلى الطعن في التفكير الإبداعي.

وظهرت عدة مصادر تقدم إستراتيجيات تهدف إلى تعزيز الثقة الإبداعية الفردية. وتتضمن هذه الإستراتيجيات تقبّل الفشل وممارسة الألعاب والتغلّب على الخوف من إصدار الأحكام على الأفكار.

العصف الذهني مع فريق العمل

ترى الأستاذة حبيب، أنه "وفي الوقت الذي ينظر فيه الأفراد إلى المشكلات من وجهات نظر مختلفة، تظهر الأبحاث أن المجموعات ذات التخصّصات والخلفيات والمعتقدات والمعارف والمهارات المتنوعة تحقّق أقوى النتائج وأكثرها تميّزاً. والعصف الذهني بين الأشخاص الذين يمتلكون خبرات مختلفة يجعل الأفراد مسؤولين عن الإسهام في تقديم مقترحات في مجالهم المحدد.

ويتطلب العمل الجماعي الناجح التركيز. ويُظهر البحث الذي أجرته الباحثة أنه من المهم تحديد التحدي أو المهمة أو المشكلة تحديداً دقيقاً. ويتضمن ذلك الأمر تجميع بيانات رئيسة وتحديد الأطر، مثل الإطار الزمني، والميزانية المقترحة، والموارد المتاحة، والتكنولوجيا المستخدمة وغيرها من القيود. وبهذه الطريقة، يساعد العمل الفريق في اختيار أفضل فكرة ناتجة من التعاون بين أعضائه.

العصف الذهني الأمثل

ويشير التقرير إلى أن تعزيز الإبداع الجماعي يتطلب بيئة تشجّع على المخاطرة والنقد البنّاء والعمل الجماعي. ويجب تعمّد إرساء ثقافة تساعد على الإبداع بطرق تتصدى للمخاوف الشخصية من الرفض والميل إلى الرقابة الذاتية أو النقد. كما ينبغي إفساح المجال أمام الأشخاص حتى يعبروا عن آرائهم.

فيما يلي ثلاثة مبادئ توجيهية أساسية ضرورية:

- ركِّز على كمِّ الأفكار المطروحة وليس جودتها.

- تجنَّب نقد الأفكار أو الحكم عليها أو الدفاع عنها أثناء مرحلة العصف الذهني.

- لا تضع قيوداً على الأفكار الخفيفة، مهما بدت سيئة أو شائنة أو غير عملية، وينبغي أن تدرك أن كل فكرة تستحق التعبير عنها.

ما وراء التفكير الجماعي

وفقاً للتقرير، يمكن أن تكون جلسات العصف الذهني أكثر إنتاجية إذا أدّى المشاركون فيها بعض الأعمال المستقلة أولاً، ومن خلال العمل الجماعي، يمكن اتخاذ هذا الإجراء بصورة متزامنة خلال دقائق أو حتى أيام، بعد أن يكتب أعضاء الفريق أفكارهم بصورة فردية ثم يشاركونها مع المجموعة لاحقاً.

ويمكن أيضاً، بحسب الكاتبة، إجراء هذه العملية، المعروفة باسم التفكير التبايني (عملية تفكيربة تستخدم لتوليد الأفكار الإبداعية من خلال استكشاف حلول عديدة ممكنة)، عبر الإنترنت من خلال مواقع إلكترونية تعاونية.

يأتي بعد ذلك "التفكير التقاربي"، وهو عندما تقيّم المجموعة المقترحات المطروحة لتحديد أفضل ابتكار أو أفضل حل للمشكلة المطروحة. ويشجّع هذا التفكير الاعتماد على فكرة شخص آخر.

تقول الكاتبة إن هناك عدّة أساليب أخرى للعصف الذهني الجماعي، مثل "التفكير التصميمي"، وهو يبرز عندما تتمخض عن جلسات العصف الذهني السريع نماذج أولية ملموسة. ويركز أعضاء مجموعة طريقة "قبعات التفكير الست" على كل جانب من جوانب الفكرة المقترحة على حدة.

تؤكّد الكاتبة أنه ومع أن العصف الذهني قد يكون عملية شاقة في بعض الأحيان، فإنه يشجّع على تقبّل الأفكار وتوطيد الروابط الجماعية.

قريحة أي شخص قد تجود بالأفكار الجيدة.