أهالي مخيم اليرموك للميادين نت: غزة تنتصر من أجل كل فلسطيني في الشتات

في أقصى الجنوب من العاصمة السورية دمشق يبرز اسم "مخيم اليرموك" للاجئين الفلسطينيين، الذين يؤكدون في خلال عودتهم التدريجية إلى المخيم أنّ غزة تنتصر لكامل الأراضي الفلسطينية المحتلة، ومن أجل كل فلسطيني في بلاد الشتات يحلم بالعودة إلى بلاده.

  • أهالي مخيم اليرموك للميادين نت: غزة تنتصر من أجل كل فلسطيني في الشتات
    أهالي مخيم اليرموك للميادين نت: غزة تنتصر من أجل كل فلسطيني في الشتات

بوجه تختلط فيه ملامح الحزن والغبطة، يتابع أحمد الشيخ ترميم منزله في "مخيم اليرموك" للاجئين الفلسطينيين جنوب العاصمة السورية دمشق، تمهيداً لإعادة عائلته التي نزحت من المنطقة قبل سنوات، بفعل المعارك التي اندلعت داخل المخيم، وأدت إلى نزوح جماعي لمئات الآلاف من الفلسطينيين الذين كانوا يقطنون داخل المخيم.

بعد 11 عاماً من النزوح خارج المخيم، سُمحَ مؤخراً للأهالي بالعودة لترميم منازلهم؛ يقول الشيخ (48 عاماً) للميادين نت: "بدأت ترميم منزلي بشكلٍ بسيط والحمدلله أن المنزل لم يُصب بأضرارٍ كبيرة وإلا لما استطعت العودة مجدداً؛ أريد إنجاز الترميم سريعاً وإعادة عائلتي إلى المخيم الذي نشأت فيه، لأن النزوح قاسٍ ومكلف جداً ولم يعد بمقدوري تحمّل أيّ نفقات إضافية".

تخنق الشيخ العبرة أثناء حديثه عن أوضاع المخيم في الوقت الحالي، بعد أن تعرّضت أجزاء كبيرة منه للتدمير الكامل، وبات بحاجة إلى سنوات من العمل حتى تتم إعادة إعماره من جديد، لكن ذلك ليس الشيء الوحيد الذي يفطر قلبه، فالرجل يرى يومياً المشاهد القاسية في غزة على شاشات التلفاز، وخاصّة مشاهد نزوح الأهالي من شمال القطاع إلى جنوبه، في مشهد أعاده بالذاكرة إلى اللحظة التي غادر بها المخيم قبل سنوات.

يتابع الشيخ حديثه: "لا يعرف ألم النزوح إلا من عاشه؛ لا يوجد شيء أصعب على الإنسان من ترك المنزل الذي قضى فيه عمره، والخروج من دون أن يعرف إلى أين يذهب أو متى يعود، وفي عقله ذكريات لا تنتهي عن الأرض والعائلة والوطن"، لكن الشيخ يقول أيضاً: "نحن اليوم نعود إلى المخيم، وغداً سيعود أبناء قطاع غزة إلى بيوتهم، لكن هذه المرة رافعين إشارات النصر، بعد أن أجبروا الاحتلال على الانسحاب من أرضهم". 

عاصمة الشتات الفلسطيني

  • كان يقيم في مخيم اليرموك نحو 144 ألفاً من الفلسطينيين، قبل أن يُهجروا من جراء الحرب خارج المخيم (الميادين نت)
    كان يقيم في مخيم اليرموك نحو 144 ألفاً من الفلسطينيين، قبل أن يُهجروا من جراء الحرب خارج المخيم (الميادين نت)

في أقصى الجنوب من العاصمة السورية دمشق يبرز اسم "مخيم اليرموك" للاجئين الفلسطينيين، لكنه يختلف تماماً عن تجمّعات اللاجئين الفلسطينيين الأخرى في سوريا، حيث يزدحم المخيم بالمساكن الإسمنتية والشوارع الضيقة ويكتظ بالسكان، ولا يقتصر قاطنوه على اللاجئين الفلسطينيين فقط، بل يضم عدداً كبيراً من السوريين الذين ينتسبون إلى الطبقة الفقيرة، وأمام هذا الواقع يتميّز "مخيم اليرموك" بوصفه أهم المخيمات -غير الرسمية- وأحد أكبر مخيمات الشتات الفلسطيني، والذي كان يقيم فيه نحو 144 ألفاً من الفلسطينيين، وفق تقديرات الأونروا، لذلك أطلق عليه لقب "عاصمة الشتات الفلسطيني".

لمى قاسم (31 عام) خريجة جامعة دمشق - قسم البيولوجيا، تروي للميادين نت حكاية النزوح من "مخيم اليرموك" قبل 11 عاماً، وكيف خرج أكثر من 400 ألف فلسطيني دفعة واحدة خلال يوم واحد: "في ذلك اليوم تجسّد لقب عاصمة الشتات على المخيم، حينما خرج مئات الآلاف بشكل جماعي، في مشهد أعاد ذكريات نكبة 1948، بينما كانت الاشتباكات تتكثّف داخل المناطق السكنية مخلّفة دماراً هائلاً".

تتابع القاسم حديثها عن يوم "التغريبة" كما تصفه: "خرج أهالي المخيم كباراً وصغاراً مع الجرحى هرباً من المعارك التي اجتاحت المخيم بين ليلة وضحاها؛ أكثر من 400 ألف مدني خرجوا ولا يحملون معهم إلا أحلامهم وإرادتهم بالعودة، تلك الإرادة التي ميّزت الشعب الفلسطيني في بلاد الشتات وفي الداخل المحتل"، وتضيف القاسم: "هذه الإرادة يثبتها أهل غزة اليوم من خلال صمودهم ومقاومتهم التي أعجزت العدو ومنعته من تحقيق ما يريد، وهذه الإرادة قادرة على تحويل الألم إلى نصر، والفقد إلى عزيمة".

وبكلمات ممزوجة بالعزيمة تقول القاسم: "اليوم عاد مخيم اليرموك لينبض بالحياة مجدداً، وغداً ستعود غزة لتنبض بالحياة أيضاً، وتحتفل بنصرها على المحتل بفضل مقاومتها التي أثبتت للعالم أن أصحاب الحق هم أهل الأرض، الذين ما بخلوا بأغلى ما يملكون من أجل فلسطين". 

مخيمات مؤقتة تنتظر "العودة"

  • أهالي مخيم اليرموك للميادين نت: غزة تنتصر من أجل كل فلسطيني في الشتات (الميادين نت)
    أهالي مخيم اليرموك للميادين نت: غزة تنتصر من أجل كل فلسطيني في الشتات (الميادين نت)

فادية الفرج (45 عاماً)، مدرّسة لمادة اللغة العربية تقول للميادين نت: "عام 2012، وبعد محاولات حثيثة للبقاء في المخيم، اضطررت أخيراً للخروج مع عائلتي نحو منطقة جرمانا في ريف دمشق، بعد أن وصلت المعارك إلى المناطق المتاخمة لمنزلنا؛ حينها كانت أصوات المعارك قريبة جداً ولم يكن أمامنا خيار آخر سوى النزوح".

لا تعتبر الفرج "مخيم اليرموك" وطناً تستند إليه، بقدر ما تعتبره مكاناً يخبّئ ذكرياتها الكثيرة وأحلامها الكبيرة، فهي نشأت على أمل العودة إلى فلسطين، بعد أن زرع والداها هذه الفكرة في عقلها وقلبها، لذلك لم تتوانَ عن العودة إلى المخيم عندما أتيحت الفرصة لها، حتى تؤكد لأولادها الصغار أن "العودة" إلى الوطن محققة لا محالة ومهما طال الزمن.

تؤكد الفرج أن ما تعرّضت له مع عائلتها خلال النزوح يعتبر نسخة مصغّرة عما تعرّض له أهالي غزة مؤخراً، بعد أن اضطروا لترك أحلامهم وذكرياتهم وما جمعوه في حياتهم، من أجل البحث عن مكانٍ آمن يحتضن ما تبقّى من أوجاعهم، وتؤكد: "أصحاب الأرض هم الأقوى دائماً ورجال المقاومة اليوم يملكون القدرات التي تمكّنهم من تثبيت معادلات جديدة على الأرض، بما يمهّد لعودة النازحين قريباً إلى مناطقهم".

اللاجئون الفلسطينيون في سوريا

تتالت موجات اللجوء الفلسطيني إلى سوريا منذ عام 1948، ويمكن تقسيم اللاجئين في سوريا -بحسب مصادر فلسطينية- إلى 4 فئات رئيسية هي:

فئة اللاجئين عام 1948: وهي الفئة الأكبر من اللاجئين الفلسطينيين داخل سوريا، وقدّر عددهم حينها بنحو 85 ألف شخص كان معظمهم من شمال فلسطين المحتلة.

– فئة اللاجئين عام 1956: تم تسجيل هذه الفئة على قيود مؤسسة اللاجئين وعلى قيود الأونروا، ولا توجد إحصائيات رسمية لعددهم.

– فئة اللاجئين عام 1967: الذين قدموا إلى سوريا بعد النكسة، ومعظمهم جاء من الأردن وجنوب لبنان وشمال فلسطين المحتلة.

– فئة اللاجئين عام 1970: هؤلاء جاءوا إلى سوريا من غزة أو الضفة الغربية وكانوا عبارة عن بضعة آلاف فقط.

يوجد في سوريا 9 مخيمات رسمية للاجئين الفلسطينيين معترف بها من قبل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، إضافة إلى مخيمات أخرى غير رسمية.

المخيمات الرسمية هي:

- مخيم النيرب الذي يقع في مدينة حلب شمال سوريا، سجّل فيه 19 ألف لاجئ فلسطيني.

- مخيم حماه في مدينة مدينة حماه، سجّل فيه 8 آلاف لاجئ فلسطيني.

- مخيم حمص في مدينة حمص وسط سوريا، سجّل فيه 22 ألف لاجئ فلسطيني.

- مخيم خان الشيح يقع جنوب غرب العاصمة دمشق بنحو 27 كيلومتراً، سجّل فيه 19 ألف لاجئ فلسطيني.

- مخيم خان دنون يقع جنوب العاصمة دمشق بنحو 20 كيلومتراً سجّل فيه 9500 لاجئ فلسطيني.

- مخيم سبينة يقع جنوب دمشق، سجّل فيه 21 ألف لاجئ فلسطيني.

- مخيم قبر الست جنوب دمشق، سجّل فيه 22 ألف لاجئ فلسطيني.

- مخيم جرمانا يقع على الطريق الدولي المؤدي إلى مطار دمشق، وسجّل فيه 18500 لاجئ فلسطيني.

- مخيم درعا يقع في مدينة درعا جنوبي البلاد، وسجّل فيه 13 ألف لاجئ فلسطيني.

المهندس جمال ضويح (53 عاماً) عاد مؤخّراً إلى "مخيم اليرموك" بعد قرابة 10 سنوات من النزوح إلى منطقة جديدة عرطوز في ريف دمشق؛ وجّه عبر الميادين نت رسالة إلى فصائل المقاومة في غزة: "أنتم اليوم لا تقاتلون لأجل المقاومة، بل لأجل الفلسطينيين في غزة بأكملها، وفي الضفة الغربية والقدس وعكا وحيفا وكامل الأراضي المحتلة، ومن أجل كل فلسطيني في بلاد الشتات يحلم بالعودة إلى فلسطين المحرّرة؛ وإن هذا اليوم بات قريباً بفضل التضحيات العظيمة التي قدّمتموها خلال الأسابيع الماضية".

في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 أعلنت كتائب القسام معركة "طوفان الأقصى"، فاقتحمت المستوطنات الإسرائيلية في غلاف غزة، وأسرت جنوداً ومستوطنين إسرائيليين. قامت "إسرائيل" بعدها بحملة انتقام وحشية ضد القطاع، في عدوانٍ قتل وأصاب عشرات الآلاف من الفلسطينيين.