السياحة الشعبية في ريف اللاذقية.. الطبيعة البكر تُنعش السوريين

ريف محافظة اللاذقية السورية يحتضن الكثير من الأماكن السياحية التي ما زالت تحافظ على فطرتها الأولى، من دون تحوير أو تدخل بشري، وهذا ما ساعد على تحويل بعض الفسحات فيها إلى متنزهات شعبية.

  • السياحة الشعبية في سوريا.. تنتعش من جيوب الفقراء
    السياحة الشعبية في سوريا

تنتشر أماكن السياحة الشّعبية في سوريا، وتكثر، بشكل عام، في الساحل السوري بسبب طبيعته الغنية بأماكن الجذب السياحي، بينما يُعدّ ريف اللاذقية نموذجاً متفرداً ومنافساً بارتفاع قيمة مواقع الجذب الموجودة فيه وتنوعها، إذ أبدع سكان هذه المنطقة في تسخير الطبيعة وخيراتها واستثمار مواردها للانتفاع بها كَسْباً للقمة العيش وتلبية لمُستلزمات حياتهم اليومية.

ورغم الأزمة السياحية التي يمر بها القطاع السياحي السوري منذ سنوات نتيجة العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا، تسعى محافظة اللاذقية  لزيادة المتنزهات الشّعبية بشكل مستمر كونها مقصداً للسياحة الداخلية، خصوصاً مع بداية الموسم الصيفي.

في حين اعتمدت السياحة الشعبية السورية، بشكل عام، على جيوب الفقراء؛ كونها مناسبة لذوي الدخل المحدود بسبب انخفاض أسعارها، وبُعدها عن ضجيج  المدينة وصخبها، واعتمادها الأساسي على الطبيعة البكر من دون المساس بجمالها، فكانت السياحة الشاطئية والبحرية والسياحة الجبلية والريفية.

  • السياحة الشعبية في ريف اللاذقية.. الطبيعة البكر تُنعش السوريين

نهر زغرين.. النهر المهجور

يعدّ نهر زغرين في ريف اللاذقية مقصداً للكثيرين في أيام العطل والمناسبات، فالجمال يتجلى هنا بأبهى صوره، هذا ما أكّده أكرم زوباري، صاحب أحد الأماكن السياحية المقامة على نهر زغرين في حديثه مع الميادين نت.

استطاع زوباري تحويل أرضه الزراعية التي تقع على ضفاف نهر "زغرين" شمال اللاذقية، إلى استراحة عائلية يقصدها الناس للسياحة والاستجمام.

يقول زوباري للميادين نت: "قرية زغرين قرية جميلة تبعد عن مركز اللاذقية حوالي 27 كم، تضمّ عدة مطاعم شعبية مقامة على جانبي النهر الذي يمر فيها ويصب في بحر وادي قنديل، وتعد أسعارها شعبية تناسب جميع الفئات، وذوي الدخل المحدود الذين يقصدون هذه الأماكن للترفيه عن أنفسهم من ضجيج المدينة، ومن كل الأسباب التي تجعلهم يشعرون بالضغط، وتعد هذه البقعة الصغيرة التي لا يتجاوز تعداد سكانها ثلاثة آلاف نسمة أرضاً غنية بالكثير من المرابع السياحية غير المكتشفة، بالإضافة إلى عيون الماء التي تغزو وديانها".

  • السياحة الشعبية في سوريا.. تنتعش من جيوب الفقراء
    زغرين

وعن مشروعه الشعبي، يقول زوباري: "قمت بتحويل 3 دونمات من أرضي التي أملكها على ضفة نهر زغرين إلى استراحة ومقصد سياحي بوسائل بسيطة وأفكار تحاكي الطبيعة الريفية، ولم أغيِّر ملامح المكان، فالطبيعة تحتضن ضفتي النهر بأشجار الدلب والعرعر والصفصاف والغار، وهي تلطف الجو وتعطي جمالية للمكان، أثّر المشروع بشكل كبير في حياتي من الناحيتين الاقتصادية والاجتماعية، كما أثرى الحياة الاجتماعية في القرية، وأصبح بوابة للتواصل والتعارف بين الناس، وشجع على السياحة الشعبية، كما قام بتأمين فرص عمل لعدد من شباب القرية والقرى المجاورة".

ويضيف: "النهر المهجور اسم أطلقته على مشروعي المقام على أرضي المحاذية للنهر، حيث السكينة مدموجة بإبداع الخالق، جريان النهر الدائم ساعد باستمرارية العمل، فكل فصل من فصول السنة له خصوصيته".

سد بلوران.. ثالث أكبر سدود ‏اللاذقية

يقع شمال مدينة اللاذقية بجوار الطريق المؤدي إلى مَصيف كسب وبحر البسّيط، ويتشكل السد بين اختناق جبلين صغيرين تحيط بهما غابات كثيفة، يشكل مع الجبلين منظراً طبيعياً خلاباً يستقطب العديد من الناس لزيارة المكان وقضاء وقت من الراحة على أطرافه، حيث أقُيمت العديد من أماكن الاصطياف الشعبية، ويعمل السد على توفير مياه الشرب والري والثروة السمكية للمناطق المحيطة به، ويعدّ ثالث أكبر سدود اللاذقية التجميعية بعد سدّ "تشرين"  وسدّ "الثورة".

ويشكل السد لوحات فنية فريدة من نوعها، إذ تمتزج الألوان لتعطي الهدوء الروحي بجمال الأزرق الصافي والأخضر الزاهي، وتجعل من يقصد كسب أو البسّيط يلجأ للاستراحة هنا، وأخذ الصور التذكارية.

هذا ما أكّده هشام جليكو، صاحب أحد المطاعم الشعبية وأحد المستفيدين من جمال الطبيعة في هذه المنطقة لــلميادين نت: "من قام بزيارة هذه المنطقة مرة لا يمكن إلا أن يعيد الزيارة مرات عدة، فالمكان هنا يعطي الراحة النفسية بعيداً عن ضغوط الحياة اليومية التي نعيشها". 

  • السياحة الشعبية في سوريا.. تنتعش من جيوب الفقراء
    سد بلوران ريف اللاذقية

وتابع: "لم يكلفني المشروع رأس مال كبيراً، فأنا لم أقم بأي تعديل على المكان، إلا أني أضفت التنور لخبز الفطائر، وكان الهدف أن أوفّر لقمة العيش لأولادي ليتمكنوا من إكمال تحصيلهم العلمي".

"الطبيعة بكر.. والجمال رباني"، بهذه العبارة بدأ مدحت يوسف  (أحد مرتادي الاستراحات في المنطقة)، حديثه إلى الميادين نت: "الحركة هنا موسمية، تنشط مع بداية الصيف ولا سيما مع انتهاء الامتحانات الثانوية والجامعية، وما يميّز الاستراحات هنا أنها شعبية بسيطة تناسب جميع ذوي الدخل المحدود والسكان في المنطقة، ولم يطرأ على المكان إلا تعديلات بسيطة لاستقبال السياح".

مشقيتا والبحيرات السبع 

مصيف يقع شمال مدينة اللاذقية على مسافة 23 كم، عبارة عن بحيرة كبيرة تفصلها 7 مضائق لتشكل ما يشبه 7 بحيرات كبيرة منفصلة ومستقلة في آن معاً، 5 منها في سوريا و2 في تركيا، وتعد هذه البحيرات مصباً للنهر الكبير الشمالي.

تتمتع منطقة مشقيتا بطبيعة خلّابة تمتزج فيها زرقة مياه البحيرات الـ7 مع جبال الغابات دائمة الخضرة (أشجار الصنوبر والسنديان والبلوط وغيرها)، مثل غابة الشيخ أيوب، وغابة النبي نوح، والعديد من الغابات الساحرة، وتعد بجمالها الأَخاذ من مناطق السياحة والاصطياف الهامة في سوريا، لما فيها من مقوّمات سياحية متميزة.

  • السياحة الشعبية في سوريا.. تنتعش من جيوب الفقراء
    مشقيتا

وأكَّدت عسل القادمة مع مجموعة سياحية لزيارة مشقيتا وبحيراتها، في حديثها إلى الميادين نت، أنّ "ابتسامة أهل المنطقة، ومحبتهم الظاهرة على وجوههم، هي ما دفعتني لأعود إلى هذا المكان مرات عديدة".

وركّزت وزارة السياحة السورية جهودها، خلال الأعوام الماضية، على تنشيط حركة السياحة الداخلية والشعبية وتشجيع الاستثمارات والاهتمام بالتدريب والتأهيل لرفد القطاع بكوادر مؤهلة ومدرّبة تسهم في مرحلة إعادة الإعمار، حيث نفّذت العديد من المشاريع في هذا المجال كتنفيذ قسم فندقي في مشروع "لابلاج" الأكواخ الخشبية في وادي قنديل بمحافظة اللاذقية، ومشروع شاطئ الكَرْنَك وموقع في منطقة أبو عفْصة بمحافظة طرطوس، ومشروع متنزه الجولان السياحي على سد المنطَرة في محافظة القنيطرة، وغيرها في العديد من المحافظات السورية.