انتخابات تركيا: مسعود أوزيل وإردوغان.. قلب واحد

لطالما عرفنا مسعود أوزيل واحداً من نجوم كرة القدم، لكنه يخوض اليوم الانتخابات البرلمانية مع حزب العدالة والتنمية، فهل ينجح في الوصول إلى البرلمان؟

  • انتخابات تركيا: مسعود أوزيل وإردوغان.. قلب واحد
    انتخابات تركيا: مسعود أوزيل وإردوغان.. قلب واحد

تداخل الرياضة بالسياسة ليس أمراً جديداً نراه للمرة الأولى، فهو موجود منذ قديم الزمن، والأمثلة كثيرة على ذلك، منها ما كان تداخلاً مصيرياً مثل معادلة "الفوز أو الموت" التي فرضها الديكتاتور بينيتو موسوليني على لاعبي المنتخب الإيطالي، والتي جاءت بنتيجة إيجابية، إذ حقّقت إيطاليا لقبين في كأس العالم، ومنها ترشّح مسعود أوزيل في انتخابات تركيا.

يسعى العديد من السياسيين في العالم لاستغلال نفوذهم من أجل السيطرة على أندية رياضية لتعزيز قاعدتهم الجماهيرية أو التقرب إلى بعض النجوم في عالم الرياضة، وهذا ما حدث في حال أوزيل والرئيس التركي رجب طيب إردوغان، لأنّ الرياضة تعدّ مُتنفساً للشعوب ووسيلة لخلق رأي عام معين.

اقرأ أيضاً.. كرة القدم في تركيا.. صراع طبقي بنكهة رياضية

وكما تعدّ كرة القدم اللعبة الشعبية الأولى في الكثير من دول العالم، فإن الأمر نفسه في تركيا، حتى إنها كذلك بالنسبة إلى إردوغان، الذي عبّر في العديد من الأوقات عن حبه لكرة القدم، وكان لاعباً في نادي قاسم باشا.

شعر إردوغان، طوال فترة حكمه التي وصلت إلى 20 عاماً، بأنّ المرشح الآخر، كمال كلجدار أوغلو زعيم "حزب الشعب الجمهوري"، من الممكن أن يهزمه في الجولة الأولى، بحسب استطلاعات الرأي وتقارير صحافية عالمية. لذلك، استنفر كل طاقاته في مُحاولة لقلب الموازين والاستمرار في الحكم، ولجأ إلى وجوه شابّة، من بينها مسعود أوزيل الذي يتمتع بشعبية كبيرة.

أوزيل إلى الانتخابات البرلمانية

  • انتخابات تركيا.. مسعود أوزيل بقلبٍ واحد
    أُدرج أوزيل بصفته واحداً من المرشحين للبرلمان في الانتخابات المقبلة (ويب)

ذكرت صحيفة "تركيان" خلال الشّهر الجاري أنّ أوزيل أُدرج بصفته واحداً من المرشحين للبرلمان في الانتخابات المقبلة المقرر إقامتها في 14 أيار/مايو المُقبل، ليكون ممثلاً لحزب العدالة والتنمية. وكان إردوغان قد لمّح في وقتٍ سابق إلى أن القائمة ستضم بعض الأسماء المفاجئة.

لا يخفى عن أحد العلاقة القوية والطيبة بين إردوغان ولاعب ريال مدريد وأرسنال السابق الألماني التركي مسعود أوزيل، فقد حضر إردوغان حفل زفافه عام 2019، حيث اختاره أوزيل شاهداً على زواجه من ملكة جمال تركيا السابقة، أمينة غولشي.

اقرأ أيضاً.. هنا تركيا.. إردوغان واستراتيجية السياسة في كرة القدم

لدى أوزيل قاعدة شعبية وجماهيرية كبيرة جداً على مستوى العالم بشكل عام، وفي تركيا على بشكل خاص. وعلى الرغم من أنَّه فضّل اللعب بقميص المنتخب الألماني، فإنّ الجماهير التركية تعشق أوزيل، وهو ما أثبتته الأرقام، فعندما أعلن فنربخشة التركي تعاقده معه عام 2021، بعدما أنهى أرسنال عقده آنذاك، أثار انتقاله ضجة كبيرة في تركيا، إذ تابع رحلته من لندن إلى إسطنبول 312 ألف شخص، علماً أنَّ جماهير فنربخشة لا تؤيد إردوغان، بل تظاهرت ضده في حادثة "غيتي 2013". 

ولا شكّ في أنّ شعبيته والتفاعل الكبير الذي يُحدثه عندما يقوم بالحديث عن قضية معينة كفيلان بأن يستقطب إردوغان "عازف الليل" مسعود أوزيل.

مواقف بارزة تجاه القضية الفلسطينية

  • انتخابات تركيا.. مسعود أوزيل بقلبٍ واحد
    لم يتوانَ أوزيل في الكثير من الأوقات عن إظهار تضامنه مع فلسطين في وجه اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي (ويب)

دائماً ما يُعلن أوزيل عن مواقفه السياسية بافتخار، إذ لا يخشى من المُجاهرة بالقضايا التي يُناصرها، ومن التعبير عن موقفه الحازم منها بوضوح.

لم يتوانَ أوزيل في الكثير من الأوقات عن إظهار تضامنه مع فلسطين في وجه اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي؛ ففي عام 2012، عندما كان لاعباً لريال مدريد، أعرب عن تضامنه مع الشعب الفلسطيني عامةً، وأطفال غزة خاصةً، جرّاء العدوان الإسرائيلي الغاشم على القطاع.

وفي تصريح لأوزيل نقله موقع "أطلس سبورت" الفلسطيني في العام نفسه، قال أوزيل: "لقد استشهد الطفل الصغير (حميد أبو دقة 12 عاماً)، عندما كان يلعب الكرة، وكان يرتدي قميصي. إلى كل الضحايا الأبرياء، أنا ألعب من أجلكم. الحرية لغزة. الحرية لفلسطين".

اقرأ أيضاً.. أوزيل يناصر أطفال فلسطين...الحرية لغزة

خلال شهر نيسان/أبريل الجاري، أعلن أوزيل تضامنه مع الشعب الفلسطيني ضد هجمات "جيش" الاحتلال على المواطنين العزل في قطاع غزة في شهر رمضان، وغرّد في "تويتر": "يُفترض أن يكون رمضان شهر التواضع والعبادة، لكن رمضان في فلسطين مختلف... لندعُ من أجل سلامة إخواننا وأخواتنا في فلسطين".

وإلى جانب فلسطين، يعدّ أوزيل لافتاً في تصريحاته، وتبنيه قضايا تحظى بإجماع في الشارع التركي. إذ يُدرك أنه سيترك تأثيراً واسعاً نسبة إلى عدد متابعيه. وفي تغريدة عام 2019، انتقد صمت الحكومات الإسلامية عن الظُلم الذي يتعرّض له مسلمو الإيغور، ما جعل النّاس في العالم كلّه يتحدثون مرة أخرى عن قضية الإيغور.

أوزيل والانفصال عن ألمانيا

  • انتخابات تركيا.. مسعود أوزيل بقلبٍ واحد
    انضمّ أوزيل إلى فنربخشة التركي عام 2021 (أ ف ب)

"مثل الكثير من الناس، تعود أسلافي إلى أكثر من بلد. نشأت في ألمانيا، وجذور عائلتي في تركيا. لديَّ قلبان؛ أحدهما ألماني والآخر تركي". هذه الكلمات قالها مسعود أوزيل بعد الانتقادات الكبيرة التي تعرّض لها عام 2018، عندما تم نشر صورة تجمعه مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

اقرأ أيضاً.. اعتزال أوزيل دولياً: خسارة لألمانيا وللكرة الساحرة

مع مرور السنوات، بدا أنّ قلب أوزيل الألماني توقف، بعد الانتقادات الكبيرة التي تعرَّض لها إثر إقصائه من كأس العالم في روسيا عام 2018 مع المنتخب الألماني، ما أدى به إلى الاعتزال الدولي، رافضاً تمثيل منتخب "المانشافت" مجدداً، بعد شعوره بالعنصرية وعدم الاحترام جراء الانتقادات التي وُجهت إليه في وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي وبيانات الساسة الألمان بسبب أصوله التركية وديانته الإسلامية.

ويحظى أوزيل بشعبية استثنائية في تركيا بسبب تعرضه لما وصفه هو نفسه بالعنصرية من قبل زملائه في الاتحاد الألماني لكرة القدم، واختياره اللعب أخيراً في بلده الأم.

مسيرة أوزيل.. 17 عاماً من الطرب

  • انتخابات تركيا.. مسعود أوزيل بقلبٍ واحد
    تُوج أوزيل بلقب كأس العالم مع ألمانيا عام 2014 (أ ف ب)

بدأ أوزيل مسيرته في شالكه، قبل أن ينضم إلى فيردر بريمين؛ الفريق الذي كان بوابة عبوره وانتقاله إلى ريال مدريد عام 2010. وبعد 3 سنوات مع الفريق "الملكي"، انتقل أوزيل إلى الدوري الإنكليزي الممتاز ليلعب مع أرسنال. بعد ذلك، انضمّ إلى فنربخشة التركي (2021)، قبل أن يختتم مسيرته في باشاك شهير؛ الفريق المحسوب على إردوغان.

وتُوّج أوزيل بلقب كأس العالم 2014 مع منتخب ألمانيا، وحقَّق لقباً في الدوري الإسباني، ومثله في كأس إسبانيا مع ريال مدريد. وفي أرسنال، حصد 4 ألقاب في كأس الاتحاد الإنكليزي، فهل ينجح أوزيل في الدخول إلى البرلمان التركي؟ وهل يقدّم تمريرة حاسمة "Assist" تساعد إردوغان على الوصول إلى الهدف مجدداً، وهو رئاسة تركيا؟

اقرأ أيضاً.. رسمياً.. مسعود أوزيل يعتزل كرة القدم

يشهد يوم 28 أيار/مايو جولة إعادة من انتخابات الرئاسة في تركيا، حيث سيتنافس فيها رجب طيب إردوغان وكمال كليجدار أوغلو، بعد جولةٍ أولى في 14 أيار/مايو، لم يتمكن أي مرشحٍ من حسمها. وبينما اكتمل مشهد البرلمان، فإن تركيا أمام استحقاقٍ رئاسي مصيري لتحدد خياراتها.