مدرجات أوروبا الشرقية تجتاحها "العنصرية".. في براغ لم يُنسَ كامارا

غلين كامارا يتعرَّض مُجدَّداً لهتافات عنصرية من فريق صربي، ومدرب الفريق، ستيفن جيرارد، يردّ على هذه الحادثة.

  • مدرجات شرقيّ أوروبا تجتاحها
    مدرجات شرقيّ أوروبا تجتاحها "العنصرية".. في براغ لم يُنسَ كامارا

أثارت حادثة قتل الأميركي الأفريقي جورج فلويد، على يد شرطي أبيض، موجةً عالمية ضد العنصرية. هذه الموجة اجتاحت ملاعب كرة القدم "الخالية"، في الوقت الذي كانت الجماهير تتابع المباريات من خلف الشاشات بسبب فيروس "كورونا". وعمد اللاعبون إلى الركوع، كإشارة إلى اعتراضهم على العنصرية، وخصوصاً أن "العنصرية" ظاهرة في ملاعب كرة القدم، تطال اللاعبين بين فترة وأخرى.

ورأى لاعبون آخرون لاحقاً أن هذا الركوع غير مفيد، ولن يقدّم أو يؤخّر في مسألة العنصرية. وهذه وجهة النظر التي تبنّاها اللاعب الإيفواري ويلفريد زاها.

في مدرجات براغ "العنصرية".. تتحوَّل إلى عادة

  • مدرجات شرقيّ أوروبا تجتاحها
    اللافتة التي حملها "هولغانز" سلافيا براغ ضد كامارا لاعب رينجرز

لكن العنصرية، التي تُعَدّ "ظاهرة" في الملاعب، بدأت تتحوّل في بعض المدرّجات إلى عادة رائجة ومتوارثة، كأنها دخلت السُّلَّمَ، قِيَمياً وتربوياً، في بعض المناطق، وهذا ما عكسته الحادثة التي تعرَّض لها لاعب رينجرز، الفنلندي غلين كامارا، بسبب لون بشرته (ينحدر من أصول أفريقية)، إذ أطلقت عليه جماهير سبارتا براغ صفّارات الاستهجان مع كل كرة يلمسها، في المباراة التي جمعت فريقه أمام سبارتا في الدوري الأوروبي.

اللافت في هذه الحادثة أن جماهير سبارتا ممنوعة من دخول الملعب في المنافسات الأوروبية من جانب الاتحاد الأوروبي لكرة القدم "يويفا"، بعد أن قامت بتقليد أصوات القِرَدة ضد أورلين تشواميني، لاعب موناكو في آب/أغسطس الماضي، لكن الاتحاد الأوروبي "يويفا" سمح بدخول 10 آلاف طفل، دون 14 عاماً، للملعب الذي شهد مباراة سبارتا براغ ورينجرز في العاصمة التشيكية.

الأطفال في المدرجات ظلوا يصفّرون على كامارا حتى الدقيقة الـ 74، عندما طُرد بعد تعرُّضه لبطاقة صفراء ثانية. وفي الحديث عن الركوع، لم يقم لاعبو سبارتا بهذه الحركة.

بدوره، ندّد ستيفن جيرارد، مدرب غلاسكو رينجرز، بصفّارات الاستهجان التي تعرَّض لها لاعبه كامارا في أثناء مواجهة سبارتا.

وقال جيرارد "إذا وجهوا صفّارات استهجان ضد غلين بسبب ما حدث الموسم الماضي، فهذا يخيّب ظني تماماً، لكنه لا يدهشني".

وأضاف "يجب القيام بجهد أكبر. لست أنا فحسب، بل الجميع أيضاً. يتطلّب الأمر عقوبات أكثر جدية ضد الأشخاص العنصريين. يجب القضاء على هذا الأمر".

وتابع: "لكن، إلى أن يقوم مَن هم في السلطة بشيء ما، ويأخذوا الأمر على محمل الجد، فسوف نضطر إلى التعامل مع مثل هذه المواقف فترة طويلة".

وفي براغ، هناك فريق آخر اسمه سلافيا براغ. وفي مباراة بين رينجرز وسلافيا، تعرّض اللاعب نفسه لهجوم عنصري أيضاً، من أوندريه كوديلا مدافع الفريق، بحيث شكا كامارا كلماتِ خصمه، بحيث كانت النتيجة تشير إلى تقدم فريق سلافيا براغ التشيكي بهدفين في ميدان رينجرز، وفي طريقه لانتزاع ورقة الترشح إلى ربع النهائي. لكن، قبل ثلاث دقائق على صفّارة النهاية، أظهرت الصور المباشرة، اقتراب كوديلا من وجه كمارا، وتوجيه كلمات أراد إخفاءها بتغطية فمه، ليثور كمارا ويلاحق كوديلا. وكاد الأمر يتطوّر إلى شجار كبير.

بعد ذلك، قرر الاتحاد الأوروبي لكرة القدم إيقاف كوديلا مدةَ 10 مباريات، وأدى الإيقاف إلى حرمان كوديلا أيضاً من مباريات منتخب جمهورية التشيك في بطولة أمم أوروبا، وأُوقف كامارا 3 مباريات في بطولة الدوري الأوروبي لإساءته إلى لاعب آخر، وذلك عقب تحقيق أجرته لجنة القيم والانضباط التابعة لـ"يويفا" في الواقعة، وفرض الاتحاد الأوروبي أيضاً غرامة قدرها تسعة آلاف يورو (10763 دولاراً) على رينجرز.

بعد ذلك، قام "هوليغانز" الفريق (مجموعات عنيفة من الجماهير) بتوجيه رسالة إلى كامارا شتموه فيها، من خلال صورة انتشرت من حساب وهمي في وسائل التواصل، وهم يحملون لافتة.

لاعبو الفريق نفسه رفضوا الركوع في مباراة أرسنال في "اليوروبا ليغ". يومها، وجَّه ألكسندر لاكازيت رسالة قوية بركوعه مباشرة أمام لاعبي فريق خصمه قبل انطلاق المباراة.

وفي عام 2019، قامت جماهير النادي نفسه بالتعرض لروميلو لوكاكو عندما كان لاعباً في إنتر ميلانو الإيطالي.

وفي العاصمة الصربية أيضاً، تحوّل ملعب "بلغراد" إلى مسرح حرب شهد تضارباً وإهانات بين اللاعبين والمدربين. ففي عام 2012، اقتحمت الجماهير الملعب بعد نهاية مباراة صربيا وإنكلترا تحت 21 عاماً.

معاناة مشتركة

  • مدرجات شرقيّ أوروبا تجتاحها
    مدرجات شرقيّ أوروبا تجتاحها "العنصرية".. في براغ لم يُنسَ كامارا

في شرقي أوروبا أيضاً، وبعيداً عن صربيا، شهدت المدرّجات مجموعة من الأحداث المشابهة، ومنها تحدي مجموعة من مشجّعي نادي ليفسكي صوفيا البلغاري، لحملات الاتحاد الأوروبي، بحيث وضع الجمهور لافتة كُتب عليها "قولوا نعم للعنصرية" في عام 2014.

في البلقان أيضاً، غُرمت مجموعة من الأندية، ومنعت الجماهير من دخول الملاعب في كرواتيا ومونتينيغرو وصربيا أيضاً، بسبب أصوات القردة واللافتات والهتافات العنصرية، فضلاً عن الأهازيج "النازية" التي ترفعها الجماهير. وفي هذه الحالات تتنصل الأندية من أي مسؤولية، وترمي اللوم على المجموعات المتطرفة من الجماهير.

لكنّ الدول تسعى لمحاولة الحدّ من هذه الأحداث، كي لا يتم تعميم ما يجري داخل الملعب على الدولة وشعبها، بصورة كاملة وشاملة، فتقوم بلغاريا مثلاً بفرض غرامات تصل إلى 2500 يورو والسَّجن لأسابيع، لكن الدول تواجه صعوبات في مواجهة هذا الأمر، فبعض الأندية مشبع بالعنصرية في الدوريات المحلية. وهنا يمكن الحديث عن رئيس نادي "FCSB" (شتيوا بوخارست سابقاً)، جيجي بيكالي، الذي يقول إنه غير مرحِّب باللاعبين من أصول أفريقية.

"اجتياح" العنصرية لم يكن فقط لمدرّجات شرقي أوروبا، بل هو ظاهر في كل مكان، وخصوصاً في وسائل التواصل الاجتماعي. والاتحادات والقائمون على اللعبة يقفون عاجزين عن محاربتها.