ثلاثية الأبعاد... طائرة مسيّرة سورية بنظام تحكّم فعّال

المهندس السوري الشاب خضر محمد الذي كان يرسم الطائرات على مقاعد الدراسة وجدران الحيّ في بلدته الساحلية، حقق حلمه عبر صناعة أول طائرة مسيّرة بمواصفات هامة.

  • المهندس خضر مع طائرته المسيّرة
    المهندس خضر مع طائرته المسيّرة

شغف الشاب السوري خضر محمد بالطيران منذ نعومة أظافره أثمر تفوّقاً وتميّزاً فكانت له طائرته المسيّرة الخاصة!

الطفل الذي كان يرسم الطائرات  على مقاعد الدراسة، وعلى جدران الحيّ في بلدته الساحلية أمسى مهندساً في  الميكاترونيك،فأفضى تخصصه بعد جهودٍ وتفانٍ عبر تزاوج الفرعين (هندسة الميكاترونيك وهندسة الطيران) إلى تصنيع طائرة مسيّرة هي الأولى من نوعها بنظام تحكّم خاص، بعيداً عن النماذج والأنظمة التجارية الجاهزة. 

"كنت أرسم الطائرات بمختلف أنواعها وأتمعّن في أشكالها الهندسية الرائعة"،يقول المهندس الواعد للميادين نت.

وتقديراً لبراعته ولبيان أهمية هذا المشروع، التقى وزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور بسام ابراهيم في الوزارة الطالب محمد الذي نفّذ مشروعه بإشراف الدكتورين رئيس قسم الميكاترونيك عيد العبود وياسر عملة.

نموذج للشباب العربي

لمسنا خلال تواصلنا مع المهندس السوري الشاب، وهو الذي عكف على الإعادة  وتفادي الأخطاء رغم سقوط وتضرر الكثير من النماذج التي صنعها، ما يجعله نموذجاً للشباب السوري والعربي الذي يقارع موجات التيئييس وتثبيط الطاقات التي يحاول البعض نشرها.

نعم، محمد  الذي ندرك أن في نبرته ذلك التصميم والعزم الثاقبين، حقق حلمه في صناعة أول طائرة مسيّرة قدّمها كمشروع تخرّج له.

نظام وحدة التحكّم

قبل التعرّف إلى خصائص الطائرة، لا بدّ من التعريف بـ الميكاترونيكس أو الميكاترونكس (بالإنجليزية: Mechatronics)‏ وهو مصطلح يستعمل للدلالة على حقل هندسي واسع ومتشعّب جداً، وهذا الحقل الهندسي يجمع بين الهندسة الميكانيكية، والهندسة الكهربائية.

أمّا الـ "راسبيري باي" فهو عبارة عن تطوير كاميرا مراقبة صغيرة، بعد شراء الكاميرا الخاصّة بهذا النوع من الحواسب والتي يتم وصلها باللوحة الأُم مُباشرة.

  • خضر في جامعة البعث (الميادين نت)
    خضر في جامعة البعث (الميادين نت)

تتميّز طائرة الشاب السوري بنظام وحدة التحكم الذي يجعلها تحلّق، فضلاً عن  برامجها والإلكترونيات التي تسمح للطيار الآلي بالتحليق كما أن جسمها يتصّف بمساحة داخلية صغيرة نسبياً مقارنة مع الأجنحة ما يحقق هدفها وهو الاستطلاع إلى جانب مساعدة الطائرة على الطيران بسرعات منخفضة ما يصعّب عملية اكتشافها.

 "تكمن أهمية وخصوصية هذه الطائرة في نظام وحدة التحكم الذي يجعلها تطير وفق أي البرامج والإلكترونيات التي تسمح للطيار الآلي بالتحليق بالطائرة، وتعمل ببرمجيات خاصة ومكتوبة باجتهاد شخصي، فنظام التحكم بها يعمل بطورين: طور التحكم المباشر أي التحكم بالطائرة بشكل يدوي اعتماداً على إشارات المعلومات القادمة من الطائرة (الفيديو، زوايا الميل اللحظية.. الخ)، يوضح محمد.

ويردف قائلاً " مسافة الاتصال في هذا الطور محدودة بمدى تغطية القاعدة، وتصل إلى 3 كيلومترات بوجود مكرر واحد، أما الطور الثاني الذي يميز هذه الطائرة هو طور الملاحة الذاتي، أي أن الطائرة تستطيع الذهاب ورسم المسار من موضعها الحالي إلى موضع الهدف (إحداثيات الهدف المدخل للنظام) بالاعتماد على إشارات الموضع القادمة من نظام تحديد المواقع العالمي"GPS"، حيث لا يتطلب هذا الطور اتصالاً مباشراً مع القاعدة".

هيكل ثلاثي الأبعاد

أمّا عن هيكل الطائرة المسيّرة فهو مصمم عبر برنامج "سوليد ووركز" وهي مصنوعة من البلاستيك بواسطة تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد وأجنحتها تتمتع بمسارات للأسلاك وأعصاب للتقوية داخلية، وهي مخفية ما يزيد من قوة الجناح والانسيابية بينما تخضع أبعادها للمعادلات الايروديناميكية.

ولكن هل تحدّث هذه المسيّرة لأغراض مدنية وعسكرية؟  يجيب: "يمكن تطوير الطائرة لتخدم في المجال العسكري أو المدني، فهي مصممة لأغراض الاستطلاع ومزودة بكاميرا تبث الصور في الزمن الحقيقي إلى المشغل الموجود في القاعدة، ففي المجالين آنفي الذكر يمكن تطويرها بإضافة حساسات أو مشغلات تخدم الغرض والهدف من التطبيق المختار للطائرة".

  • من التجارب على الطائرة (الميادين نت)
    من التجارب على الطائرة (الميادين نت)

 

ففي المجال المدني يمكن القيام بمهمات الاستطلاع والمراقبة الأولية لخطوط انابيب النفط او الغاز حيث تعد المراقبة الارضية مكلفة والمسح الجوي ورسم الخرائط ونظم المعلومات الجغرافية وغيرها من التطبيقات الجغرافية المكانية
اما في المجال العسكري فيمكنها القيام بمهمات استطلاع ومراقبة لاراضي العدو كما يساعد نظام الملاحة الجوية الذاتي للطيران لمسافات كبيرة تصل الى عشرات الكيلومترات بدون اتصال مباشر مع القاعدة وغيرها من التطبيقات العسكرية الخاصة.
وعن الصعوبات والعقبات التي واجهته في التصميم والتنفيذ ذكر محمد ان الصعوبات كانت في التكلفة العالية للاختبارات والتجارب حيث من الضروري القيام بتجارب لبرنامج التحكّم الذي هو عقل الطائرة في ظروف الطيران والتحليق الحقيقية.

ولعل في كلام محمد  الختامي عبرة للجميع، "أود أن أقول أن أي نجاح لي في هذا المجال ماهو إلا دافع للاستمرار بالبحث العلمي في مجال تكنولوجيا الطائرات المسيرة وأي إخفاق في التجارب والاختبارات لن يزيدني سوى جدّية في العمل واستمرار حتى أحقق النجاح".