بيانات أجهزة الاستخبارات البريطانية على سحابة "أمازون"!

تطرح هذه الصفقة تساؤلات كبيرة، خصوصاً أنّها تتمّ بين قطاع عام وقطاع خاص، وبالتالي، فإنّ بيانات قومية سرية باتت عملياً خاضعة لإجراءات الأمن في شركة تجارية.

  • بدأت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية بالاعتماد على التقنية السحابية منذ سنة 2013
    بدأت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية بالاعتماد على التقنية السحابية منذ سنة 2013

أبرمت "أمازون" صفقة مع وكالات تجسّس بريطانية لاستضافة مواد سحابية سرّية. الاتفاق المفاجئ والغريب للوهلة الأولى يهدف إلى تعزيز استخدام تحليلات الذكاء الاصطناعي في عمليات التجسّس، بعد أن أبدى عدة مسؤولين أمنيين بريطانيين اهتمامهم باستخدام الذكاء الاصطناعي لتطوير عمليات وكالاتهم.

وتعاقدت وكالات ثلاث، هي "MI6" و"MI5" واستخبارات الإشارة، مع "أمازون"، بهدف الاستفادة من ذراع الحوسبة السحابية فيها "AWS". وقد دعم جهاز استخبارات الإشارة في بريطانيا "GCHQ" شراء نظام سحابيّ من "أمازون" بعد التدقيق في مستوى الأمان الرقمي للنظام.

ومن المتوقّع أن يثير الاتفاق اهتمام وكالات ودوائر حكومية أخرى، كوزارة الدفاع، إلا أنه أيضاً يثير مخاوف بشأن سلامة بيانات فائقة السرية، باعتبار أنّ "أمازون" شركة أميركية، وبالتالي فإنَّ هذه البيانات التي تمتلك سمات سيادية ستكون في ضيافة طرف ثانٍ في دولة أخرى.

وجرى تسريب بعض تفاصيل الاتفاق بشكل عرضي، إذ كان من المفترض أن يظلّ سرياً بالكامل. وبحسب المعلومات المسرّبة، تناهز قيمة الاتفاق مليار جنيه إسترليني على مدى عقد كامل، على أن يتمّ الاحتفاظ ببيانات الوكالات الأمنية البريطانية على خوادم لـ"أمازون" في الأراضي البريطانية، مع تحديد شرط يمنعها - نظرياً - من الوصول إلى المعلومات السرية في منصّتها السّحابية!

ويهدف هذا الاتفاق إلى نقل بيانات الوكالات الأمنية إلى خدمة سحابية، لتسهيل مشاركة المعلومات بين العملاء والجواسيس من المواقع الميدانية خارج الحدود والمقرات الحكومية، وتوفير تطبيقات أمنية لهؤلاء العملاء والجواسيس، كالترجمة الفورية الدقيقة وتحديد الأهداف وتشخيص الأفراد والمنشآت واعتراض الاتصالات بعد تحديد كلمات معيّنة فيها. كما تسمح الخطوة المثيرة للجدل لوكالات الأمن البريطانية بتبادل البيانات في ما بينها بسرعة فائقة، بعد أن كانت العملية سابقاً تخضع لبيروقراطية مكتبية مفهومة.

وقال الرئيس السابق للمركز الوطني للأمن السيبراني في المملكة المتحدة، سياران مارتن، إنّ الصفقة السحابية ستسمح لخدمات الأمن "بالحصول على معلومات من كميات هائلة من البيانات خلال دقائق، بدلاً من الأسابيع والأشهر"، نافياً أن يؤثر النظام الجديد في كمية المعلومات التي تحتفظ بها وكالات الاستخبارات. ولم يعلّق مارتن على المخاوف بشأن ازدياد الهجمات الإلكترونية في المملكة عموماً، ومدى سلامة تخزين بيانات سرية في خدمة حوسبة سحابية.

وتطرح الصّفقة الجديدة تساؤلات كبيرة، وخصوصاً أنّها تتمّ بين قطاع عام وقطاع خاص، وبالتالي، فإنّ بيانات قومية سرية باتت عملياً خاضعة لإجراءات الأمن في شركة تجارية.

وفي حين تعتبر هذه الاتفاقيّة الأولى من نوعها بالنسبة إلى المملكة المتحدة، فإنَّ جهاز الأمن البريطاني متأخر عن نظرائه في الولايات المتحدة في استخدام الخدمات السحابية التجارية، إذ إنَّ وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية "سي أي إي" وقّعت عقدها السحابي الأول بقيمة 600 مليون دولار مع "AWS" في العام 2013، نيابة عن جميع وكالات الاستخبارات الأميركية. 

وتمَّت ترقية هذا التزويد السحابي العام الماضي بموجب صفقة جديدة مع "كونسورتيوم" يضم "AWS" و"Microsoft" و"Google" و"Oracle" و"IBM".

وقال الأدميرال مايك روجرز، الرئيس السابق لوكالة الأمن القومي الأميركية، إنَّ الانتقال إلى التخزين السحابي ساعد ضبّاط الاستخبارات على التركيز على المشتبه بهم المحتملين، موضحاً أنَّ النظام "يمنحنا السرعة والمرونة. ومن خلال القدرة على جمع المزيد من البيانات، يزيد احتمال تحديد تلك الإبرة في كومة القشّ".