دمشق وموسكو بمواجهة الحصار.. الاقتصاد أولاً!

تدرك موسكو ومعها دمشق بعد 5 سنوات على الوجود الروسي في سوريا، بأنه إذا ما غادرت روسيا موقعها السياسي والعسكري في سوريا فإن التبعات ستكون خطرة جداً على المنطقة.

  • تدرك موسكو ومعها دمشق بأنه إذا ما غادرت روسيا موقعها السياسي والعسكري فإن التبعات ستكون خطرة جداً على المنطقة
    تدرك موسكو ومعها دمشق بأنه إذا ما غادرت روسيا موقعها السياسي والعسكري فإن التبعات ستكون خطرة جداً على المنطقة

قد تكون زيارة وزير شؤون الرئاسة السورية إلى موسكو على رأس وفد اقتصادي، قبل أيام، قد مرَّت بعيداً من التداول الإعلامي، رغم ارتباطها الوثيق باستكمال المحادثات أو الاتفاقيات الروسية السورية، التي تمّ التوصل إليها خلال زيارة نائب رئيس الحكومة الروسية بوريسوف الأخيرة والوفد الروسي، وبات من الممكن البناء عليها لإطلاق ورقة شراكة روسية سورية لمواجهة العقوبات، بما فيها قانون "قيصر" الأميركي.

ازدحام القراءات والتأويلات لزيارة الوفد الروسي وحضور سيرغي لافروف بعد 8 سنوات إلى دمشق، يمكن تفسيره بأنه مجرد مساومة اقتصادية روسية مؤقتة - لعبور الحاجز النفسي الذي خلّفه الضغط الأميركي على موسكو، ومنع إعادة العملية السياسية إلى جنيف، وممارسة ضغط داخلي روسي من قبل تيار يعارض سياسة بوتين في سوريا - بوجوب التوصل إلى تفاهمات نهائية حول اللجنة الدستورية قبل الانتخابات الرئاسية السورية في حزيران/يونيو 2021.

هذه الزيارة، كما تؤكد النتائج، ليست أبعد من دعم كامل للدولة السورية سياسياً واقتصادياً، فهي لا تندرج تحت عنوان مبادرات روسية تقايض أو تساوم مواقف دمشق حول العملية السياسية أو تحرير إدلب أو حتى الشرق السوري. كان حضور لافروف في دمشق على خلفية قانون "قيصر"، وليس أستانة أو أي عنوان آخر.

ومن مآخذ البعض في موسكو على دمشق، مواقفها المتصلّبة في وجه الطروحات الروسية، ما يستدعي إبداء مرونة في التفاوض من جانب الطرف السوري، والتخفف من بعض الشكليات التي قد تُفسَّر على نحو أن القيادة السورية لا ترغب في التعاون أو إنجاز أي تقدم على صعيد العملية السياسية قبل الانتخابات، وترديد عبارة أن لا اتفاق من دون الاتفاق على كل شيء.

في المقابل، ترى دمشق أن العملية السياسية يجب أن تكون مبنية على استراتيجية مرحلية طويلة الأمد، لتجنب أفخاخ قد تضعها تركيا من خلال مجموعاتها داخل وفد المعارضة، كما تحدث الرئيس الأسد في لقاءاته الأخيرة إلى وسائل إعلام روسية.

ولم تسمح أرتال السيارات المزدحمة أمام محطات الوقود في المدن السورية منذ شهرين بتلمّس الدعم الروسي للتخفيف من تبعات "قيصر" ووطأته، ثم جاءت الخسائر الهائلة في حرائق الأحراج والأراضي الزراعية في أرياف اللاذقية وحمص وطرطوس وحماة، الأمر الذي تلقفته السفارة الأميركية في دمشق سريعاً، لتدعو الحكومة السورية إلى حماية مواطنيها، في محاولة ساذجة وخطاب غير محترف، لاختبار قدرتها على تأليب البيئة الحاضنة، كما وعد "قيصر" في طيات أهدافه، من دون فهم أميركيّ لخصوصية هذه البيئة التي ثبتت على مواقفها طيلة الحرب، رغم كل الضغوطات المعيشية والأمنية على حياتها. 

تدرك موسكو، ومعها دمشق، بعد 5 سنوات على الوجود الروسي في سوريا، أن تبعات مغادرة روسيا موقعها السياسي والعسكري في سوريا ستكون خطيرة جداً على المنطقة، فالتواجد الروسي يهدف إلى ضمان الأمن، وجعل النظام العالمي أكثر عدلاً وتوازناً، كما قال الرئيس الأسد. إنّ نقل أنقرة للمسلحين من المجموعات الإخوانية والقاعدية إلى جبهة أذربيجان، وقبلها ليبيا، ليس إلا أولى ملامح توسع المشروع التركي في الإقليم بعد فشله في سوريا، وهو أساس انخراط موسكو في الحرب السورية، ولن تسمح بانتقاله إلى أسوارها.