ماذا بعد تحرير أبو الضهور؟

المشهد الميداني في سوريا يبدو أكثر وضوحاً من أيّ وقت مضى حيث تتّجه الأمور نحو حسم المعركة بمواجهة "جبهة النصرة"، بعد أن تكرّرت على مدى الشهور الأربعة الفائتة عمليات خرق كثيرة لاتفاقية مناطق خفْض التصعيد من قِبَل "النصرة" وجماعات أخرى لا تزال رغم مشاركتها في اجتماعات أستانة تشارك في غرف عمليات واحدة مع "النصرة"، مقابل عدم التزام تركي بمضمون الاتفاقيات التي تم التوصّل إليها في أستانة.

يبدو المشهد الميداني في سوريا أكثر وضوحاً من أيّ وقت مضى حيث تتّجه الأمور نحو حسم المعركة بمواجهة "جبهة النصرة"، بعد أن تكرّرت على مدى الشهور الأربعة الفائتة عمليات خرق كثيرة لاتفاقية مناطق خفْض التصعيد من قِبَل "النصرة" وجماعات أخرى لا تزال رغم مشاركتها في اجتماعات أستانة تشارك في غرف عمليات واحدة مع "النصرة"، مقابل عدم التزام تركي بمضمون الاتفاقيات التي تم التوصّل إليها في أستانة لجهة المماطلة والتسويف في قضية فصل الجماعات التي لم تبادر تركيا إلى القيام بإجراءات عملية بشأنها، ما ترك الأمر على حاله لا بل قامت تركيا بتنسيق انتشار قواتها على خط التماس مع القوات الكردية في عفرين مع "جبهة النصرة"، واعتبار الأولوية بالنسبة إليها هي الإرهاب الكردي حيث تستكمل انتشار قواتها على هذا الخط، ما استدعى في إجراء احترازي أن تُسلّم القوات الكردية مطار منغ العسكري الذي كان تحت سيطرتها إلى القوات الروسية، وإدخال المزيد من قوات الشرطة العسكرية إلى عفرين كتدبير يمنع الأتراك من الهجوم عليها.

عمليات الجيش السوري في ريف حماه الشمالي الشرقي وريف إدلب الجنوبي الشرقي انطلقت منذ حوالى ثلاثة شهور وكانت بهدف أوليّ مباشر هو توسيع نطاق أمان الطريق الرابط بين حماه وحلب عند نقطة السعن الضيّقة، وبدأت هذه العمليات بالتوسّع تدريجاً لكسب الوقت حيث من المؤكّد أن المدّة المُحدّدة لاتفاقية خفْض التصعيد على وشك الانتهاء، وهي مدّة مُحدّدة بستة شهور باتت في نهاياتها من دون أن تحدث أية تفاهمات على تجديد العمل بها وخصوصاً في ريف حماه وإدلب والغوطة الشرقية المرشّحة أيضاً للخروج من اتفاقية خفْض التصعيد، والدخول في مرحلة إطلاق العمليات الشاملة، مع العِلم أن الجنوب السوري وشمال حمص والقلمون الشرقي تصل فيها نسبة الالتزام بالاتفاقية إلى نِسَب عالية وهو ما سيجنّبها حالياً الدخول في نطاق عمليات الجيش السوري.

بالنسبة إلى العمليات الحالية من المؤكّد أنها لن تبقى ضمن حدود اتفاقية خفْض التصعيد، حيث شهدنا عملية الخرق الأكبر من خلال إطلاق الطائرات  الـ 13 المسيّرة فوق قاعدتى حميميم وطرطوس، وهي طائرات تزامنَ تحليقها مع تحليق طائرة استطلاع أميركية تعتقد وزارة الدفاع الروسية أنها كانت في مهمة توجيه الطائرات المُسيّرة، وهو ما أكّدت وزارة الدفاع الروسية أنها انطلقت من جنوب إدلب ما استدعى إرسال رسالتي استفسار لكل من وزير الدفاع التركي ورئيس جهاز المخابرات التركي.

هذا التصعيد الخطير سيدفع الروس إلى تفعيل دعم القوات السورية التي لن تتقيّد بمضمون اتفاقية خفْض التصعيد وستسكمل تقدّمها من دون الدخول أن تعير اهتماماً لأيّ أمر آخر.

من المُرجّح أن تكون القوات المُتقدّمة إلى مطار أبو الضهور قد وصلت إليه قبل أن تكون المقالة قد نُشرَت بالنظر إلى تسارُع العمليات وهو ما يستدعي الحديث عن مرحلة ما بعد أبو الضهور.

حالياً تتقدّم القوات إلى أبو الضهور من ثلاثة اتجاهات:
1- من الجنوب على جبهة عرضها 20 كلم أصبحت فيها القوات على بُعد 1 كلم من المطار.

2- من الشمال على جبهة عرضها 11 كلم أصبحت فيها القوات على بُعد 17 كلم من المطار. 

3- من الشرق على جبهة عرضها 4 كلم أصبحت فيها القوات على بُعد 11 كلم. 

التقدّم ستكون نتيجته تطويق الجماعات الإرهابية داخل طوق واحد مقسوم في المرحلة الأولى إلى شمالي وجنوبي.

ما تقدّم ذكره في اتجاهات الهجوم أصبح قيد التحقّق وهو ما يجعلنا ننظر إلى الاتجاهات اللاحِقة والتي بات الجيش السوري قادراً على إطلاقها، حيث أن نظرة إلى الموقف القتالي وخريطة السيطرة تأخذنا  إلى الجزم باتجاهات التقدّم اللاحقة.

  • من أبو الضهور يمكن للجيش تطوير عملياته نحو مدينة سراقب شمال غرب على خط تقدّم يُقارب الـ 25 كلم، ويضع القوات على مسافة 16 كلم من مدينة إدلب، وهو خط يمكن لن يتم استثماره في ما بعد بالوصول إلى كَفَريا والفوعة.
  • من حلبان جنوب غرب أبو الضهور نحو مدينة معرّة النعمان مروراً بغدقة ومعرشورين على خط تقدّم يُقارب 22 كلم.
  • من كفَريّا غرب سنجار باتجاه معرّة النعمان مروراً بجرجناز وتلمنس على خط تقدّم يُقارب 19 كلم.
  • من خوين الكبير نحو خان شيخون مروراً بالتمانعة على خط تقدّم يُقارب 16 كلم ومن عطشان نحو خان شيخون على خط تقدّم يُقارب 15 كلم.

في حال نفّذ الجيش السوري هذه الاندفاعات من المؤكّد أن عملية ربط بين خان شيخون وسراقب مروراً بمعرّة النعمان ستكون ضمن مسار العمليات، ومن المحتمل أن يُطلق الجيش السوري عمليات مُتزامنة باتجاه ريف حلب الغربي وريف حلب الجنوبي الغربي، لمواكبة العمليات ودعم القوات المتقدّمة على الخطوط المذكورة بهدف تشتيت جهد الجماعات المسلّحة وإلزامها بالبقاء في مواقعها ومنعها من التحرّك وتقديم الدعم وكسْر قدرة المناورة لديها.

الأمر الأخير أنه من المُبكر الحديث عن معركة مدينة إدلب إلاّ إذا كنّا أمام إطلاق للعمليات في الريف الجنوبي الغربي، حيث المسافة بين نقاط تمركز الجيش الحالية في ريف حلب الجنوبي الغربي وبلدتي كَفَريا والفوعة لا تتجاوز 26 كلم، وهو خط تقدّم مُشابه لخطوط التقدّم المذكورة أعلاه، ويمكن أن يشكّل مفاجأة كبرى في سير العمليات، خصوصاً أن مساحات الاقتراب هي مساحات منبسطة يمكن باستخدام الطيران والمدرّعات تحقيق عامل الصدمة والسرعة، وتحقيق أهداف متعدّدة سيكون فك الحصار عن بلدتي كَفَريا والفوعة على رأسها.