"مفهوم" حل الدولتين لترامب ونتنياهو واحد

على هامش اجتماعه برئيس وزراء إسرائيل في نيويورك، قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأنه يدعم "حل الدولتين"، إذا وافق الفلسطينيون والإسرائيليون على ذلك. طبّل وزمّر وغنّى بعض المراقبين لهذا التصريح للرئيس ترامب لأنهم فهموه بصورةٍ خاطئة، إذ أن مفهوم القيادة الفلسطينية لتطبيق خيار "حل الدولتين"، يعني إقامة دولة مستقلّة كاملة السيادة على الأراضي الفلسطينية المحتلة في حرب حزيران 1967، وحدودها الرابع من حزيران 1967، وعاصمتها الأبدية القدس الشرقية، أي كامل القدس الشريف.

مفهوم ترامب لا يختلف عن مفهوم نتنياهو، بل أن نتنياهو هو مَن أقنع ترامب بالقبول بحل الدولتين

مفهوم ترامب لحل الدولتين يتماشى مع مفهوم رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، وأركان حزب الليكود الذي يترأسه، كما أنه يتماشى أيضاً مع الأحزاب اليمينية الأخرى المتطرّفة. فنتنياهو يدعّي باستمرار أنه مع حل الدولتين، ولكن إحداهما ستكون عبارة عن حُكم ذاتي "ممسوخ جداً"، وهو عبارة عن أقل من إدارة مدنية، والسيادة الأمنية الكاملة على كل المناطق الفلسطينية تعود فقط لإسرائيل، مع شروط أخرى تعجيزية وأهمها أن يكون الكيان الفلسطيني منزوع السلاح، وعلى القيادة الفلسطينية لهذا الكيان أن تعترف بقانون القومية الذي أقرّه الكنيست الإسرائيلي مؤخّراً، أي الاعتراف والقبول بأن إسرائيل هي دولة قومية لليهود فقط!

وإضافة إلى الشرطين، الاعتراف بقانون القومية، ونزع السلاح، فإن هناك شروطاً أو مطالب إسرائيلية مرفوضة ومن أهمها: شطب حق العودة للاجئين الفلسطينيين، وكذلك شطب بحث موضوع القدس على طاولة التفاوض ، إذ أنها ستبقى العاصمة الأبدية والموحّدة لدولة إسرائيل، وشطب بحث موضوع إزالة المستوطنات من الأراضي الفلسطينية المحتلة.

أي أن نتنياهو يريد الضحك على الفلسطينيين والعالم بمنحهم حكماً ذاتياً ضعيفاً وهزيلاً ... وبالطبع فهو ضد عودة قطاع غزّة إلى سيادة هذا الكيان الفلسطيني، وبالتالي تقام الدويلة الفلسطينية المحاصرة في منطقة القطاع فقط ! ومَن أراد من الفلسطينيين أن يكون في دولته فعليه الذهاب إلى القطاع الذي قد تتم عملية توسيع مساحته مستقبلاً من خلال ممارسة ضغوطات على مصر للتنازل عن حوالى خمسمائة كيلومتر مربع من أراضي سيناء!

وقانون القومية هو خطوة أساسية من خطوات حل الدولتين حسب المفهوم الإسرائيلي، إذ أن كل فلسطيني سيحصل على جواز سفر هذا الكيان مهما تمّت تسميته – حسب ما يقوله نتنياهو – وبمن فيهم أبناء فلسطين الذين يتواجدون في أراضي عام 1948، أي داخل الخط الأخضر، وهؤلاء مع أبناء الكيان الفلسطيني الهزيل سينتخبون مجلسهم التشريعي الفلسطيني، ولا يكون لهم حق في ممارسة الاقتراع للكنيست الإسرائيلي، وبالتالي يصبح البرلمان الإسرائيلي "الكنيست" لليهود فقط، ولمَن هو موال وتابع لهم!

مفهوم ترامب لا يختلف عن مفهوم نتنياهو، بل إن المعلومات تؤكّد على أن نتنياهو هو مَن أقنع ترامب بالقبول بحل الدولتين حسب المفهوم الإسرائيلي من أجل جرّ الدول العربية المعتدلة لاتّخاذ قرارات تطبيعية علنية، ومن أجل خِداع العالم كله بأن الرئيس ترامب يؤيّد خيار الدولتين، فلماذا تبقى المقاطعة الفلسطينية لإدارته.

المرحلة القادمة صعبة جدا، ويجب الادراك بأن نتنياهو لن يقبل بخيار الدولتين حسب المفهوم الفلسطيني، فهو في الواقع لا يستطيع حتى القبول بكيان هزيل للفلسطينيين حاليا، لان اليمين الاسرائيلي المهيمن على الحكم في اسرائيل يريد التخلص من الشعب الفلسطيني، ولن يتردد في تهجير الفلسطينيين مرة اخرى إن سنحت الفرصة لتحقيق له هذه الاماني والطموحات الخطيرة!