السياسات الأميركية المُتّبعة لاستكمال المشروع الصهيو- أميركي

الاستراتيجية الأميركية المُتّبعة في سوريا خصوصاً، ومنطقة الشرق الأوسط عموماً، اتّسمت بالثبات في تعنّتها بالمواقف، لتتمكّن من إشعال الحرب في سوريا أكثر فأكثر، فقد استغلّت واشنطن الكثير من الملفات ذريعة لبقائها في المنطقة، وذلك من خلال ذرائع مُحاربتها للإرهاب المُتمثّل بداعش، وتمسّكها بالملف الإيراني وتواجد القوات الإيرانية في سوريا، وصولاً إلى ذريعة أن أيّ رحيل للقوات الأميركية منوط بخروج القوات الإيرانية من الأراضي السورية.

مُعضلات كثيرة أوجدتها الإدارة الأميركية منذ دخولها معترك الشأن السوري، لتجعل من نفسها الراعي الأكبر "لمُناهضة الإرهاب"، ولتبدأ مُمارساتها العدوانية في الشمال الشرقي من سوريا، وقتل الأبرياء السوريين بطيران ما يُسمّى "التحالف الدولي"، فالتطوّرات التي حصلت على الأرض السورية منذ الانتصار في الجنوب السوري، والذي يُعدّ إحباطاً للخطط الأميركية، على اعتبار أن واشنطن وإسرائيل كانتا تأملان من تحويل الجنوب السوري إلى مستعمرة أو منطقة آمنة للكيان الإسرائيلي، ومن ثم تحرير الغوطة ومحيط دمشق بالكامل، وصولاً إلى الحدود الشمالية والشمالية الغربية وشرق الفرات، حيث كان التواجد الأكبر لتنظيم داعش الإرهابي والذي صنعته أميركا وزجّت به في سوريا لتحقيق مشروعها التقسيمي، لكن إحباط هذه الخطط كان كفيلاً بالبحث الأميركي عن ذرائع وخطط جديدة، تمكّن الإدارة الأميركية من استدامة بقاء قواتها في سوريا، ريثما يتم تحقيق مُنجزات سياسية، تكون متوافقة مع الأهواء الأميركية.

ما جرى على الساحة السورية بوجود الحليفين الروسي والإيراني، جعل من أميركا تتحوّل في استراتيجيتها، أو لنقل الانتقال إلى الخطة البديلة، لأن الخطة الأولى قد فشلت بامتياز، فمسألة الناتو العربي أو الحلف الشرق أوسطي ومؤتمر وارسو واجتماع بروكسل من أجل ملف اللاجئين، كلها خطط بديلة للفشل الذي مُنيت به واشنطن في سوريا، وضمن جمع هذه الخطط يُصبح عنوان الخطة الأميركية الجديدة هي التمهيد عبر ما سبق من خطط لإعلان صفقة القرن،  ذلك انطلاقاً من الضغط على سوريا  وإمكانية وقف الانتصارات المشتركة السورية الروسية الإيرانية على الصعيدين السياسي والعسكري، وفي جانب آخر، الضغط عبر العقوبات الاقتصادية على سوريا وحلفائها، حتى بات هذا النهج الأميركي وسيلة من أجل محاولة كَسْر هذا الحلف، ونتيجة هذه الممارسات الأميركية، شهدت المنطقة العربية والاقليمية تكتلات من نوع آخر، حيث لقاء القوى الثلاث السورية والإيرانية والعراقية التي اجتمعت في دمشق، مُعلنة وبكل صراحة تفوّق هذه البلدان في حربها ضد أميركا والإرهاب، لتتبعه زيارة وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو مُتزامنة مع زيارة وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الشرق أوسطية والتي هي تتمة لمؤتمر وارسو وإمكانية تشكيل تحالف عربي خليجي ضد إيران وسوريا وضمناً روسياً، فالصفعة رُدّت بلقاء القوى الثلاث الآنفة الذكر.

ملف الشمال السوري وشرق الفرات قد أخذ من الوقت كثيراً، حيث أن القيادة السورية أعطت ما يكفي من هوامش للضامِن التركي، مع العِلم أن الدولة السورية ترى في تركيا غازية للجغرافية السورية، وعليه فقد انتهى زمن إعطاء الفُرَص، لتكون القمّة العسكرية في دمشق، بداية لنهج سوري جديد في التعامل مع الأميركي والتركي على السواء، فكل الإرهاصات التي ترافقت مع بداية الحرب على سوريا لن تكون نفسها في خاتمة هذه الحرب، فالكلمة الفصل كانت وستبقى للجيش السوري.