أفلام خالدة | "سينما الجنة": تحفة السينما الإيطالية الحديثة

قبل 33 عاماً سُحر العالم كله بشريط بالغ الروعة عنوانه "cinema paradiso" كتبه وأخرجه الإيطالي غيسيبي تورناتوري، واعتُبر إلى اليوم تحفة سينمائية خالدة.

  • "سينما الجنة": تحفة السينما الإيطالية الحديثة

كُتب الكثير عن فيلم cinema paradiso (سينما الجنة) للمخرج الإيطالي غيسيبي تورناتوري، الذي صوّر وعُرض عام 1988، ونوقشت مادته في أهم المهرجانات العالمية ومعاهد ومنتديات السينما.

وأفاد تقرير نشر في ذلك العام أن كل محب للسينما ابتاع في ذلك العام نسخة فيديو من الشريط ليضمها إلى مكتبته. والحق أن مشاهدة الفيلم ومدته 155 دقيقة هي متعة مشهدية خالصة، استطاع تورناتوري تحقيق أقصى ما يمكن توقعه من شريط سينمائي توفرت له صياغة تتدفق حنيناً إلى أفلام أواسط الأربعينات مروراً بروائع الخمسينات والستينات وصولاً إلى سبعينات القرن الماضي، مع استعراض رشيق لمشاهد تجمع أشهر نجمات ونجوم السينما الخالدين مصحوبة بنظرات فرح وأمل على وجه طفل لم يتعد التاسعة من عمره (سالفاتوري لاباسيو)، يجسد طفولة المخرج تورناتوري نفسه.

  • "سينما الجنة": تحفة السينما الإيطالية الحديث

كل ما يقوله الشريط هو من ذاكرة ونوستالجيا الطفل الذي عاش في قرية تميزت بصالتها الشهيرة "سينما الجنة"، ومن حسن حظه أن المسؤول عن آلة العرض في كابينة الصالة آلفريدو (الفرنسي فيليب نواريه – توفي عام 2006 عن 76 عاماً) كان ودوداً جداً وقدّر عالياً ميله للتعرف على هذا الفن، سواء من آلة العرض أم من العارض نفسه، مع انبهاره بكل لقطة وسؤاله عن تفاصيل التحضير لها وآلية تصويرها.

وكانت الإجابات دائماً جاهزة عند آلفريدو عندما تعامل مع الصغير وكأنه نجله، وغاص معه في كلام عن السينما وأهلها وكم عكست الوقائع في تلك الفترة من الزمن، وكأنما تحول الشريط إلى تنفيذ مهمتين: رصد سينما تلك الحقبة من الزمن النموذجي في إنتاجاته، مع استعراض الواقع التاريخي الذي رافقها.

كل هذا والطفل يكبر وتتسع ذاكرته أكثر ليُطلعنا على أن حبه للسينما دفعه للاحتفاظ بكل اللقطات التي كانت تمنعها الرقابة ويتم اقتطاعها من الشريط ووضعها جانباً، وعندما رحل آلفريدو احتفط بها صديقه الصغير الذي استخدمها في شريطه المدهش هذا حين تعلم السينما وفجر حبه لها، وآخر ما صوره وثائقي عن المؤلف الموسيقي العالمي الراحل أنيو موريكوني بعنوان: "ennio"، وفيه شهادات من أهم النجوم مثل كلينت إيستوود الذي صور "من أجل حفنة من الدولارات"، فكانت الموسيقى الأجمل من موريكوني بصفرات نغمية جاذبة.

  • المخرج تورناتوري على الشاشة
    المخرج تورناتوري على الشاشة

"سينما الجنة"، شارك فيه ممثلون كثر كضيوف شرف وأكثرهم تم استعراض لقطات من أفلامهم في العصر الذهبي الذي عاشه تورناتوري، الذي اعترف في حديث تلفزيوني أنه أفرغ كل ما في ذاكرته من مخزون مشهدي وعاطفي وإنساني، معترفاً أنه كلما أراد إنجاز شريط جديد يصاب بالرعب لئلا يقدم عملاً أقل من: "سينما الجنة"، لذلك ذهب مرحلياً إلى الأعمال الوثائقية من خلال رصد المسيرة الذهبية لصديقه الحميم موريكوني الذي وضع موسيقى "سينما الجنة"، وبالتالي فإن المشاريع المقبلة ستعيده إلى الفيلم الروائي.