هل يمكن إزالة إسرائيل؟

«ربيع فلسطين» قد بدأ وأزهاره ستحمل ثماراً طيّبة إذا ما تزامن مع صحوة عربية، ونهضة فلسطينية تنطلق من وحدة وطنية حقيقية ودائمة، و«خريف إسرائيل» قد بدأ أيضاً.

كتاب "إزالة إسرائيل" للدكتور مجدي حماد
 يوضح المؤلّف مجدي حماد في مقدّمة كتابه "إزالة إسرائيل" الصادر عن مركز باحث  للدراسات الفلسطينية والاستراتيجية أن الهدف الذي يسعى إليه لا يشير مطلقاً إلى أية إساءة يمكن أن تمسّ اليهود والدين اليهودي. فتناقض الأمّة العربية والإسلامية ليس مع اليهود واليهودية، بل مع «إسرائيل» والصهيونية، التي تستثمر استثماراً سياسياً استعمارياً في العقيدة اليهودية، وفي أوساط معتنقيها.

ويضيف حماد: «إسرائيل» تعيش حالة مرَضية على كلّ المستويات، من الجيش إلى الحكومة؛ ومن السياسة إلى الاقتصاد؛ ومن الأحزاب الهزيلة إلى الجماهير الضائعة، ومن أزمات المعيشة إلى أزمة اليهود والوجود..

 

لكن هذا التوصيف لا يعني أن نصر العرب والمسلمين على عدوّهم سهل أو قريب، ومن دون جهد وإعداد وتخطيط فالأمر يحتاج إلى الكثير من الشروط والجهود، وإلى العرق والدم والدموع، مع التخلّي عن النهج البائد القائم على الخنوع والاستسلام أو التفاوض المذلّ وغير المتوازن مع كيان الاحتلال.

 

وهنا ينتقد حمّاد تفاقم الصراعات الطائفية والعرقية في البلاد العربية والإسلامية، وتضييع الجماعات الإسلامية المتطرّفة لبوصلة التحرير، من فلسطين باتجاه سوريا والعراق واليمن وليبيا ومصر وغيرها، باسم «العنف الديني الاستعراضي» الذي لا يقتل في النهاية سوى فاعليه.

 

ويختم المؤلّف مقدّمة كتابه بأن الصراع الأساس في المنطقة هو في الواقع الصراع العربي ـ الإسلامي مع الغرب المستبدّ والداعم المطلق للكيان الإسرائيلي؛ وهذا الصراع هو الأكثر خطورة في الأجل الطويل، وأن «الصراع العربي ـ الإسرائيلي» هو «الصراع المباشر» الذي قد يكون الأكثر خطورة في الأجلين القصير والمتوسط.

 

وعليه، فإن الصراع ضد «إسرائيل» والصهيونية ينتمي إلى نمط الصراعات التاريخية ـ الاجتماعية الممتدّة؛ فهو صراع حضاري طويل الأمد، ناجم عن استهداف قوى الهيمنة الغربية للمنطقة العربية بوسائل الغزو والسيطرة والاستغلال، والتي يأتي في قلبها الاستعمار الاستيطاني الصهيوني في فلسطين، باعتبار أن الحركة الصهيونية هي جزء لا يتجزأ من منظومة الهيمنة الغربية.

 

في الباب الأول من الكتاب، وعنوانه (مدخل إلى التحرير)، وفيه فصول، يتطرّق المؤلّف إلى أن التصوّرات أو الخطط المقترحة بشأن (إزالة إسرائيل) ينبغي أن تفرّق بين المرحلة الحالية، الممتدّة إلى الأجل المتوسط، حيث سيسود منطق التسوية (برغم فشلها الذريع) وبين مرحلة أخرى يمكن أن تشهد عودة الصراع مع الكيان الغاصب سيرته الأولى، والتقدم خلالها ناحية تحقيق الهدف الاستراتيجي المتمثل في قيام «دولة ديمقراطية في فلسطين». وفي الناحيتين، ينبغي أن يكون التوجّه ناحية أربع دوائر أساسية: أولاها ـ الدائرة العربية، وثانيتها ـ الدائرة الفلسطينية، وثالثتها ـ الدائرة الإسرائيلية، ورابعتها ـ الدائرة الدولية.

 

كما أن استكشاف احتمالات المستقبل بالنسبة للكيان الإسرائيلي ينبغي أن يدخل في اعتباره أيضاً طبيعة هذا الكيان، الذي يمثّل ظواهر ثلاث متداخلة، وهي: ظاهرة الاستعمار الاستيطاني، وظاهرة التوسع الإقليمي، وظاهرة الوسيط الاستعماري.

 

وعلى هذه القاعدة يناقش المؤلّف الخيارات والبدائل التي يقدّمها أنصار التسوية ومعارضوها بإسهاب، شمل التجارب الاستيطانية الشبيهة في جوانب منها بتجربة الكيان الاستيطاني الصهيوني، مثل تجربة النظام العنصري في جنوب أفريقيا والاستعمار الأوروبي الاستيطاني في الجزائر والهند وغيرهما.

 

في هذا السياق، يشير المؤلّف إلى رفض «إسرائيل» لما سمّي «السلام العادل» مع الشعب الفلسطيني والشعوب العربية، بمعنى الممكن المتمثل بالعيش المشترك في «دولة واحدة» ديمقراطية لجميع مواطنيها العرب واليهود، بحيث تشكّل جزءاً من المنطقة، أو ذاك الحلّ الممكن الذي تلا الحلّ الأول تاريخياً، والمتمثل بتسوية في «حلّ الدولتين» مع ضمان حق العودة للاجئين الفلسطينيين. وقد اختارت «إسرائيل» نموذجاً ثالثاً، حتى بعدما تبنّى الحكّام العرب حلولاً ومبادرات سلمية طرِحت رسمياً على «إسرائيل»، والتي اختارت نموذج الدولة الصليبية، أو نموذج الصراع المستديم.

 

بعد ذلك، يعرض المؤلّف لتحوّلات النظام الدولي المؤثّرة في مسارات الصراع العربي ـ الصهيوني، بحسب مصالح القوى الكبرى والدول الإقليمية المرتبطة بها.

 

وهنا يقدّر الدكتور حمّاد أن صيانة مصالح القوى الاستعمارية الاقتصادية والاستراتيجية في المنطقة باتت تستلزم تحوّل دولة الاستعمار الاستيطاني في فلسطين إلى «دولة عادية»، وفقاً لما يمكن أن يُطلق عليه اصطلاح «الاستعمار الاستيطاني الحديث»، بحيث يسهل في النهاية دمجها في المنطقة، ويحدث اللقاء بين أهداف «إسرائيل» وأهداف المنظومة الرأسمالية الغربية في هذه المنطقة.

 

في الباب الثاني («إسرائيل» إلى زوال)، وفيه فصول عدّة، يؤكد الباحث أن الصراع الأساسي الذي تفرضه قوى الهيمنة الأميركية المعاصرة، سيستمر، حتى بفرض التوصل إلى «تسوية شاملة» للصراع العربي ـ الصهيوني بالمعنى الرسمي الدارج حالياً، وأن الدور الإسرائيلي ـ الصهيوني سيستمر أيضاً في خدمة أهداف الولايات المتحدة في المنطقة، إلى جانب مصالحه الخاصة.

 

كذلك، فإن أية تسوية في المنطقة ـ مهما كان نطاقها ـ لن تحلّ الصراع المباشر، ولن تُنهيه، طالما استمر «الوجود الإسرائيلي الاستيطاني» في فلسطين، بحكم نوازعه الاستعمارية وارتباطه العضوي بقوى الهيمنة الاستعمارية؛ وليس أدلّ على ذلك من فشل كلّ المشاريع والمبادرات والقرارات الدولية، على مدار العقود الماضية، في تحقيق «السلام» وإنهاء الصراع في المنطقة.

 

وفي هذا الإطار، تحدث المؤلّف عن مأزق المشروع الإسرائيلي من ناحية، وعن أن الشعوب العربية والمسلمة لن تبقى على حالها من الإحباط والقعود، من ناحية أخرى، ولو أن المستقبل المنظور هو للتسويات الجزئية المنفردة، وللسلام الإسرائيلي المدعّم بهيمنة أميركية كاملة.

 

في المبحث الرابع من الفصل الأول في الباب الثاني، يتوقف الكاتب عند ما سمّاه (الحرب الديموغرافية في فلسطين)، والتي استندت إلى حقيقة واحدة، وهي أن قيام وبقاء «إسرائيل» مرتبطان أصلاً بمدى النجاح في توفير أغلبية يهودية في هذه «الدولة»، التي كان اليمين الصهيوني فيها يصرّ على أنها تمتدّ على كلّ أرض فلسطين التاريخية، ثم دخل مرحلة التراجع ليؤكد على أغلبية هذه الأرض؛ في حين باتت بعض القيادات الفلسطينية، التي أدركت عناصر هذه المعركة، تتحدث عن «المعركة البيولوجية»، التي تذهب إلى أن «الرحم الفلسطيني» يماثل «السلاح النووي» الحاسم والرادع.

 

في المقابل، فإن المشروع الصهيوني العنصري لم يعد قادراً على ضمان بقاء من لم يهاجر بعد من «يهود الكيان» إلى خارجه (بسبب الانتفاضة والمقاومة وأسباب اقتصادية واجتماعية عديدة) إلاّ باقتلاع الشعب الفلسطيني وإبادته، وشطبه من الوجود، لأنه يعتبر وجود هذا الشعب وتنامي أعداده بشكل هائل، داخل فلسطين التاريخية، يشكّل بحدّ ذاته خطراً على بقاء ومستقبل الوجود الإسرائيلي، نظراً لانخفاض نسب الإنجاب لدى اليهود والإسرائيليين؛ ناهيك عن انعدام الأمل تقريباً بهجرات مستقبلية واسعة لليهود في «الشتات» إلى الكيان، الذين لن يستبدلوا نعيم عيشهم المستقر والمزدهر في الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وإنجلترا والبرازيل وكندا، بمخاطر عيش يومية في أرض مغتصبة، بمواجهة شعب يقاوم بإصرار من أجل تحريرها وإنجاز تحرّره الوطني كاملاً.

 

في الفصل الثاني من هذا الباب، وعنوانه (نهاية إسرائيل)، يقول المؤلّف إن هناك «عقدة مخفيّة» كامنة في أعماق المجتمع الإسرائيلي، وتتلخص في الاعتقاد الجازم بأن «نهاية إسرائيل» قادمة لا محال. ففي 17/8/2006، أي أثناء ما سمّي (حرب لبنان الثانية)، وبينما كانت الطائرات الإسرائيلية تدكّ المدن والقرى اللبنانية، وتسيل دماء المدنيين، نشرت صحيفة «معاريف» مقالة للصحافي الإسرائيلي «يونتان شيم»، بعنوان: «أُسِّست تل أبيب في عام 1909، وفي عام 2009 ستصبح أنقاضاً!".

 

وفي المبحث الأول من الفصل الثاني، يورد الباحث أفكاراً لكتّاب إسرائيليين حول (أصول هاجس النهاية) المتجذرة في الوجدان الصهيوني حتى قبل إنشاء «الدولة». فيما يعرض المبحث الثاني لـ(المفارقات التأسيسية) التي عانى منها المشروع الصهيوني منذ انطلاقته، والتي أسهمت مع مرور الوقت في تغيير أشكاله، من دون أن تغيّر طبيعته الدينية العنصرية والمرتبطة بالاستعمار الغربي في الوقت عينه.

 

في المبحث الثالث، يتحدث المؤلّف عن (إشكاليات الهوية المضطربة)، ما بين مصطلح «دولة اليهود» ومصطلح «الدولة اليهودية»، وتفريق هذين المصطلحين معاً عن ما يُسمّى (دولة إسرائيل).

 

ويتوقف هنا عند الصيغة المستحيلة التي ابتدعها قادة الكيان: دولة يهودية وديموقراطية؛ أي أن «إسرائيل» دولة قومية لليهود، لكن بنظام ديمقراطي. وهذا يعني إلغاء مشروعية مقاومة الشعب الفلسطيني لهذه الدولة؛ بل وإلغاء شرعية وجود هذا الشعب نفسه على أرضه المحتلة في العام 1948، وبما يمهّد لترحيله في الظروف المناسبة (الترانسفير).

 

بعد ذلك، يقدّم الباحث إجابة من الواقع للكاتب «إياد زيعور» لقضية (نهاية إسرائيل)، بتحليل جدليّة الكمّي والنوعي، استناداً إلى خبرة العدوان الإسرائيلي على لبنان في تموز يوليو 2006، ليخلص إلى أن الأمور تتحسن باتجاه انقلاب المعادلة التي أنتجت «إسرائيل»، وأن رهانها على النوعية للبقاء في مواجهة الكمية المعادية لها بدأ يخسر؛ فالكميّة تتحول إلى نوعية، كمثال المقاومة في لبنان، التي هزمت فيها النوعية العربية الكمية الإسرائيلية.

 

ويطرح الباحث هنا هذا السؤال: هل تستطيع «إسرائيل» أن تتخلص من خوفها من الحرب بعد أن تبدّل التوازن الاستراتيجي، بدخول ما سمّاه «الاستراتيجية الصاروخية» في الحساب؟ (أي صواريخ إيران وحزب الله وحماس). وللخوف الإسرائيلي من الحرب بعدٌ آخر، وهو الخوف الحقيقي وليس المصنطع من القوّة النووية الإيرانية (حينما تصبح حقيقة برأي المؤلّف).

 

وهناك أيضاً الخوف الإسرائيلي من تراجع التأييد الأميركي للكيان، وتأثيراته على الرأي العام الإسرائيلي. لكن الباحث يرفض تقديرات بعض المحلّلين والباحثين العرب حول انتهاء وظيفة «إسرائيل» بالنسبة للولايات المتحدة، أو أن المشروع الصهيوني بات في طور الانتهاء أو إعادة النظر الجذرية فيه من قِبل قادة هذا المشروع، بسبب التحوّلات الإسرائيلية والإقليمية والدولية التي حصلت خلال العقود الأخيرة، وفي أوّلها عملية التسوية التي انخرطت فيها «إسرائيل» لتثبيت المشروع الصهيوني وليس لإسقاطه.

 

في الباب الثالث من الكتاب، وعنوانه (جدل الصراع والتسوية)، فصول ومباحث عدّة، يحدّد الباحث فيها نقطة البداية في الجدال الدائر بين مسارين في هذه المرحلة التاريخية من الصراع العربي ـ الإسرائيلي: مسار الصراع ومسار التسوية؛ وهذه الثنائية التاريخية تجسّدها قضايا أربع أساسية:

 

1 ـ التحرير والتسوية.

 

2 ـ الحلّ المطلق.

 

3 ـ الحروب النظامية والمقاومة الشعبية.

 

4 ـ خريطة صراعات المستقبل.

 

إن أية دراسة لتاريخ الصراع، وبخاصة تاريخ النضال الفلسطيني، تؤكد أن المستقبل سيصبّ في أحد مسارين في وقت واحد؛ حيث من المرجّح أن يتمحور مسار النضال حول الفلسطينيين الذين يعيشون خارج الأراضي الفلسطينية، وأن يتمحور مسار التسوية (أوسلو) حول الفلسطينيين الذين يعيشون في مناطق «الحكم الذاتي»، ولن يكون أحدهما بديلاً عن الآخر؛ فلا أوسلو قادرة على تحقيق أهداف الشعب الفلسطيني، ولا استئناف النضال قادر على تحقيق نصر حاسم في أفق منظور من الزمان.

 

ويتحدث الكاتب عن (صدام المسارات)، حيث سيكون لكلٍ من مسار الصراع ومسار التسوية «جماهيره» ومقوّماته الخاصة المستمدّة من وضعه.

 

ويعبّر التطوّر الجذري في مسيرة الصراع، مع ظهور المقامات الشعبية والمسلّحة (في فلسطين ولبنان)، إثر انتهاء عهد الحروب النظامية بين الدول العربية و«إسرائيل» (في العام 1973)، يعبّر عن فرضيات أربع:

 

أولاها: أن الحروب النظامية الشاملة باتت مستحيلة، ما يعني أن الحلّ العسكري الحاسم بات ممتنعاً؛

 

وثانيتها: أن الحروب النظامية المحدودة واردة، أي قيام حروب ومواجهات عسكرية جديدة؛

 

وثالثتها: أن المقاومة الشعبية المسلّحة ضرورة؛

 

ورابعتها: أن المقاومة الشعبية المدنية واجبة، ما يشير إلى أشكال النضال السلمي المساندة.

 

في الباب الرابع والأخير من الكتاب، وعنوانه (برنامج حلّ عربي حضاري)، يدعو المؤلّف في البداية إلى إعادة الاعتبار الفعلي ـ لا الرسمي ـ لمؤسسة القمّة العربية، وتفعيل موسّسات العمل العربي المشترك.

 

وهنا يسهب الباحث في شرح مفهوم (الصراع الحضاري) وموقع المقاومة فيه، ليخلص إلى رسم ملامح ما سمّاه (الحلّ الحضاري) للصراع.

 

أما في ركائز الحلّ العربي لمعالجة المسألة الإسرائيلية، فيدعو حمّاد إلى إنتاج طروحات جديدة تفتح آفاق التغيير باتجاه «التسوية التاريخية بين الشعبين الفلسطيني واليهودي»، وأساسها الحوار المفتوح بينهما والتعايش السلمي، من دون المسّ بأيّ حق من «حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرّف»، ولو على سبيل التكتيك.

 

وعن استراتيجية التحرير، يحدّد الباحث منطلق أهدافها في أن غزو الصهيونية لفلسطين استهدف أساساً اقتلاع شعب من أرضه، ومحاولة إبادته مادياً أو سياسياً، واصطناع شعب، وإعادة إنتاج تاريخ له وثقافة، وربطه بتعسف جغرافياً وتاريخياً بفلسطين، ليحلّ محلّ الشعب الفلسطيني. ومن ثمّ تنطلق هذه الاستراتيجية في سعيها إلى سلام حقيقي، يعالج المشكلات الجوهرية التي ترتّبت على الغزو الصهيوني لفلسطين، من مبدأ التحرير، الذي يتأسّس على عدم الاعتراف بالوضع القائم في فلسطين، وباحتلال أراضي أقطار عربية، ومن مبدأ الحاجة إلى تغييره. وبالطبع، سيكون للشعب الفلسطيني الدور الرئيس في كلّ مفاصل هذه الاستراتيجية.

 

أما في فصل الختام (الربيع العربي)، يقرأ المؤلّف تداعيات الثورات الشعبية العربية التي انطلقت من تونس أواخر العام 2010، وأهمها صعود القوّة السياسية العربية الشعبية، كما يدل تأمّل مواقف الكيان الإسرائيلي القلقة من هذا التطوّر المركزي.

 

وهذا يعزّز الاعتقاد بأن أيّ تغيير في معطيات الصراع في المنطقة لن يحدث بمجرّد تغيير في موازين القوى العسكرية، ولا بمجرّد حرب أخرى؛ بل سيحدث أساساً بفعل التغيّرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، التي يمكن أن تحصل في مجتمعات المنطقة، والتي ستشمل المجتمع الصهيوني بالضرورة.

 

ويتوقف الباحث عند نموذج لمثل هكذا تغيّرات، وهو النموذج المصري، حيث يحلّل بشكل موجز مدى وعمق التحوّل في السياسة الخارجية لمصر بعد ثورة 25 يناير كانون الثاني 2011، والتي أسقطت حكم حسني مبارك، «الكنز الاستراتيجي» في العقل الإسرائيلي، خصوصاً لناحية مصير معاهدة كمب ديفيد والعلاقات الاقتصادية والتجارية والثقافية التي كان نظام مبارك يسعى لتوسيعها بشكل حثيث.

 

في الخاتمة (ربيع فلسطين وخريف إسرائيل)، يقدّر الباحث أن «ربيع فلسطين» قد بدأ، أسوة بالربيع العربي، وأن أزهاره ستحمل ثماراً طيّبة إذا ما تزامن مع صحوة عربية، ونهضة فلسطينية تنطلق من وحدة وطنية حقيقية ودائمة.

 

وفي المقابل، فإن «خريف إسرائيل» قد بدأ، ضمن إشارات ومعطيات لا مجال للشك فيها أو التقليل من أهميتها.

 

أما «الربيع الفلسطيني»، فلن يمرّ إلاّ بالصبر والصمود، وبتحقيق المصالحة الشاملة، وتأمين موقف عربي وإسلامي موحّد وداعم للشعب الفلسطيني حتى الانتصار النهائي على المشروع الصهيوني وكيانه العنصري المحتل في فلسطين.

 

يرى الباحث أن «ربيع فلسطين» قد بدأ وأن أزهاره ستحمل ثماراً طيّبة إذا ما تزامن مع صحوة عربية، ونهضة فلسطينية تنطلق من وحدة وطنية حقيقية ودائمة، وأن «خريف إسرائيل» قد بدأ.