"وجود".. كتاب يفنّد المزاعم الصهيونية بشأن فلسطين

يطرح كتاب "وجود" القضية الفلسطينية بسرد حقائق مبسط يفنّد الفرضيات المزعومة ببحث موثق. كيف بدأت الحكاية وأين انتهت، منذ العهد العثماني، مروراً بالاحتلال البريطاني وقرار التقسيم وانتهاء إلى ما آل إليه الأمر اليوم من تأسيس كيان صهيوني يتربع على عرش العالم العربي

عديدة هي النظريات التي يفترضها المتصهينون كوسيلة لتبرير التصهين الذي بات معلناً اليوم. تقول إحدى النظريات إن فلسطين أرض الميعاد التي ينبغي أن يهاجر إليها اليهود في تحقيق لنبوءة توراتية ولكن ثيودور هرتزل -عراب الحركة الصهيونية- يقول بخلاف ذلك: "أستطيع أن أخبركم كل شيء عن أرض الميعاد باستثناء موقعها". ويتابع "هل نختار فلسطين أم الأرجنتين؟ سنأخذ ما يمنحوننا إياه. الأرجنتين خصبة ومساحاتها شاسعة، وبينما لن تلاقي هجرة اليهود قبولاً، يجب أن نغيّر الرأي العام لنجعله يؤمن بتميّز حركتنا. اسم فلسطين بصداه التوراتي سيجذب اليهود بقدرة خارقة".

يدعي آخرون أن الفلسطينيين باعوا أرضهم واليوم يطالبون بها. هي دعاية صهيونية صرفة، فأي عاقل سيبيع أرضه ومكانته الاجتماعية وأهله ويبذل دماءه ليحصل مقابلها على خيمة وأشلاء هوية واضطهاد استمر على مدى قرن؟ وإن كان كذلك، فلما يحدث كل ما يحدث في فلسطين اليوم؟ هنا يتناول الكتاب حقائق وأرقاماً تدحض بالدليل بطلان هذه الفرضية.

في ترسيخ لدعاية أخرى تقول "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض"، تقول غولدا مائير "ليس الأمر كما لو أن الفلسطينيين سكنوا فلسطين، ذهبنا هناك ولم نجد أحداً". أما موشي دايان، فبعد تنفيذ الصهاينة ما يربو على سبعين مجزرة بحق الفلسطينيين -لم تكن مجزرة جنين أفظعها- فيقول إن "العقاب الجماعي حل ناجع! لو يعلم هؤلاء الإسرائيليون كم قرية طمسنا بالبلدوزرات ليعيشوا هنا لما تصرفوا باستهتار".

ينادي آخرون بأن الهولوكوست هو أفظع ما حلّ بقوم منذ بدء الخليقة. ماذا عن ضحايا الحربين العالميتين الأولى والثانية؟ ألم يكن الضحايا بشراً؟ ماذا عن المجازر بحق الفلسطينيين؟ هل تبرر المحرقة تنفيذ هولوكوست ممنهج بحق فلسطين؟

ينتقلون إلى فرضية أخرى، هي أن فلسطين كانت صحراء جرداء وجاء الصهاينة يعمّرونها وهي اليوم حضارة قائمة. فاتهم أن أريحا أقدم مدينة في العالم وأن الحضارة الفلسطينية قديمة قدم التاريخ.

ثم تقفز إلى الواجهة مزاعم "إرهاب" المقاومين في قلب للمفاهيم، فالمحتل غدا ديمقراطياً ساعياً للسلام بينما الذائد عن أرضه يخل بهكذا سلام وهو "إرهابي" ينبغي القضاء عليه، في معادلة اتحد فيها عرب اليوم مع الصهيوني ضد الإرهاب الذي لم يكن سبب وجوده في العالم العربي إلا الصهيونية.

"لديكم اثنتان وعشرون دولة عربية، إذهبوا إلى أي منها واتركوا لنا فلسطين"، أترى فرنسا كانت لتقبل بهذه الفكرة بداعي وجود ثمانية وعشرين دولة في الاتحاد الأوروبي؟

يطرح كتاب "وجود" القضية الفلسطينية بسرد حقائق مبسط يفنّد الفرضيات المزعومة ببحث موثق. كيف بدأت الحكاية وأين انتهت، منذ العهد العثماني، مروراً بالاحتلال البريطاني وقرار التقسيم وانتهاء إلى ما آل إليه الأمر اليوم من تأسيس كيان صهيوني يتربع على عرش العالم العربي بدعوى التقدمية ومكافحة الإرهاب، مغفلاً إرهابه.

يتطرق كتاب "وجود" إلى الجانب القانوني، حيث يورد التشريعات الإسرائيلية الداعمة للاستيلاء على الأراضي، كما يعرض شهادات إسرائيلية تفيد باستيلاء أصحابها على عقارات فلسطينية وطرد أهلها والتمتع بحماية القانون في محاكم تدعي العدالة.

يأتي الكتاب أيضاً على ذكر خطاب الكراهية الذي يبثه الحاخامات في دور العبادة اليهودية بينما يضرب عنه العرب صفحاً ويدعون إلى نبذ "إرهاب المساجد". ويختتم بشهادة حق لمؤرخ بريطاني يقول فيها إن فظائع الصهيوني تفوق بمراحل فظائع النازية.