"كان على الفلسطينيين ألاّ يرحلوا عن فلسطين عام 48"

الرائعة "رائدة طه" أنارت مسرح المدينة بدءاً من ليل 28 أيلول/سبتمبر2017 بنصّها الشفاف المباشر والثري بالأحداث والوقائع والصور، وحضورها الجاذب الواثق الملوّن بالضحكة والدمعة في آن، والعنوان"36 شارع عباس- حيفا" مع مافيه وعنه من نوستالجيا نابضة بالحياة والأمل رغم القلق الدائم على الحاضر والمستقبل من تداعيات السياسات الصهيونية في تيئيس الفلسطينيين ودفعهم إلى الإستسلام، لكنهم "باقون غصباً عن إسرائيل" وممارساتها القمعية المذلّة.

"رائدة طه" تنفعل رقصاً مع حوارها الثري (تصوير داليا خميسي)

بهذه الروح قدمت الكاتبة والممثلة "رائدة" عملها الجديد في عرض إفتتاحي أول، حضره الفنان الفلسطيني العالمي "محمد بكري" وكان يجلس في الصف السادس؟؟ ويعود ريع العرضين الأولين للجمعية الخيرية " ulyp" وهي إختصار لـ

"united Lebanon youth"، مع حقيقة أن الجمهور لم ينس عملها المؤثر السابق "ألاقي زيك فين يا علي" بإدارة المخرجة "لينا أبيض"، بينما تعاونت في عملها الجديد مع المخرج "جنيد سري الدين" الذي تساءلنا على مدى وقت العرض أي فكرة إخراجية إعتمدها بينما الخشبة خالية تماماً من أي ديكور أو إكسسوارات، أو لقطات فيديو لـ"حيفا" أو شارع عباس، أو حتى لفترة الرحيل عن المنطقة عام 1948، كنوع من كسر حدة الفراغ القاتل على الخشبة، والذي تقلص بصورة كبيرة مع كاريسما الفنانة الآسرة "رائدة".

النص لها، وفضاء المسرح لها، وعالم القضية مفتوح على مصراعيه أمامها، لسانها من يوميات ولكْنة أبناء الأرض، إنفعالها مضبوط على إيقاع الحق الفلسطيني، لكن "رائدة" عند تسجيل موقف لم تتوان عن القول بصوت عال وحزم" كان على الفلسطينيين عام 1948 ألاّ يرحلوا عن فلسطين ولو ذُبحوا" وهنا دوّت الصالة بالتصفيق، ومن خلال قصص أخواتها ووالدتها والأقارب والجيران في شارع عباس، أعادت رسم الخط البياني لناس "حيفا" وإمتداداتهم إلى أوروبا والعالم، فلا شيء يخفى عنها تعرف الجيران والأحبة واحداً واحداً، وتحترم رغبة والدتها في إبقاء أخبار عمليات المقاومة ضد الجيش الإسرائيلي سرية لأنها واحدة ممن شاركن فيها بفعالية. وتتحرك الـ"وان وومان شو" وحيدة على الخشبة، تمسك بكل الخيوط ولا تتوه عن أي منها، أو تتجاوزه.

وإعتمدت بطلتنا على أسلوب يمنع الرتابة في الأداء الصوتي، من خلال الصوت الصدامي من وقت لآخر، بشكل يمنع الكسل عن آسماع الحضور، خصوصاً وأنها العنصر الوحيد على الخشبة، وخدمها ذلك في التلوين، من خلال الرقص الإيحائي الخفيف، وتقمص شخضية، الشابة "نضال"، أو السيدة الوالدة، أو "فؤاد" الذي كان يلقب بـ "العملاق الفلسطيني"، وصولاً إلى الأخبار المتفرقة التي لا تنتهي، عن "البلاد"( عندما سألنا الفنان بكري عن نجله النجم العالمي آدم الذي يعيش في نيويورك رد بأنه إجا البلاد يقعد معانا أسبوعين) وأهلها الذين يصنعون أسطورة البقاء على أمل النصر الناجز قريباً.