"ليلى مراد" بلغت المئة عام

في 17 شباط/فبراير الجاري أتمت الفنانة الكبيرة "ليلى مراد" عمر ميلادها المئوي الأول، وها هي مصر، كما عدد من المنابر الإعلامية العربية تُحيّي صاحبة الذكرى في عيدها هذا، وكأنها موجودة معنا، رغم مرور 23 عاماً على رحيلها. الفنانة التي إعتزلت وهي في القمة، شكّلت مع زميلتها "أسمهان"عنصري منافسة للسيدة "أم كلثوم"، لكن الزمن إحتضن إبداعات الثلاث الغنائية، وحلّق بهن إلى يومنا هذا، متجاوزاً الكثير من الإشاعات التي حكمت صورهن وواقعهن.

المطربة ليلى مراد

لم تبدّل صاحبة المناسبة الكثير في إسمها اليهودي: فـ "ليليان" أصبحت "ليلى"، و "مردخاي" باتت "مراد"، لكنها محت ديانتها وشهرت إسلامها وأدّت كافة المناسك المطلوبة لترسيخ صورتها كإمرأة مسلمة، إعتبرتها إسرائيل خسارة جسيمة لها لأن اليهودي يعود نسبه إلى أمه وليس والده. وهي عرفت كيف تحمي نفسها من كل التداعيات المحيطة بها والحسّاسة إلى حد، فإعتزلت وهي لم تُنم الـ37 عاماً إلتزاماً بقرارها الحاسم الغناء لم يعد أولوية عندها كإهتمام وممارسة، فيما عاشت أغنياتها وأفلامها وأخبارها الفنية والخاصة طوال الـ 63 عاماً المنصرمة، وكأنها لم تزل على قيد الحياة وتزاول الغناء.

صوتها حاضر عبر هوائيات الإذاعات (الدنيا غنوة، أنا قلبي دليلي، أُطلب عيني، يا عز من عيني، عيني بترف، الحب جميل، إضحك كركر، وغيرها) وأفلامها (قلبي دليلي، غزل البنات، سيدة القطار، بنت الأكابر، ليلى بنت الفقراء، ليلى بنت مدارس، يحيا الحب) ملء البصر على شاشات الفضائيات، ولن تمر المناسبة عادية على الدورة 34 لمهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي (بين 3 و10 تشرين الأول/أكتوبر المقبل) لأن رئيس المهرجان "الأمير أباظة" أعلن عن إحتفالية تكريمية تتضمن عرض أحد أفلامها ونشر كتاب عنها، مع حفل غنائي لتذكر أبرز ما غنّت.

الفنانة الكبيرة لم تكن الوحيدة التي ولدت وعاشت وإشتُهرت في مصر من أصل يهودي، لكنها الوحيدة التي إشتهرت وتعرضت لمضايقات وحملات موتورة على خلفية أصلها رغم إعلانها صراحة إشهار إسلامها وقطع كامل رباطها العائلي مع عائلة "مردخاي" في الأراضي المحتلة، ورفضها إستقبال أي من أفرادها في منزلها، لا بل هي طلبت رسمياً من قيادة الثورة حمايتها من الخارج والداخل لكي تعيش في سلام، ولبّى طلبها أول رئيس بعد الثورة "محمد نجيب"، وتطورت صداقتها مع عضو قيادة الثورة "وجيه أباظة" إلى حب فزواج فإنجاب ( لها منه أشرف، ومن المخرج فطين عبد الوهاب: زكي).

هي مئوية أولى تمر على تاريخ ميلادها. ولأنها تعيش بما تركته من روائع الأغنيات والأفلام، فإن هناك موعداً دائماً لإحياء كل مناسباتها سواء في ذكرى الميلاد أو الوفاة.