"أم كلثوم"حلّقت بجناح واحد في بعلبك

كرّمت مهرجانات بعلبك الدولية كوكب الشرق الخالدة "أم كلثوم" في ذكرى مرور 50 عاماً على أول ظهور لها في المهرجانات العريقة، من خلال سهرتين أحيتهما المطربتان المصريتان "مي فاروق" و"مروة ناجي" ليلتي الجمعة والسبت في 20 و21 تموز/يوليو الجاري على خشبة معبد باخوس، حيث تجلّت موهبة "مي" بقوة وإمتاع، بينما قاد الأوركسترا اللبنانية الشرق عربية المايسترو المصري هشام جبر معتمداً على توزيع سيمفوني غير موفق للألحان الخالدة، وهو ما أحدث لغطاً في صفوف الحضور عوّضته "مي" بطاقتها الصوتية المدهشة التي هزّت مشاعر الحضور فتابعوها حتى اللحظات الأخيرة بشغف وإنسجام وإعجاب.

الحفل حلّق بجناح واحد. "مي فاروق" كنا نسمع عن حضورها الأوبرالي، ولم نسمعها بشكل حي كما حدث ليلة الجمعة في العشرين من الجاري، حيث إستطاعت أن تجود وتُطرب على أرفع مستوى، فقد غنّت بإحساس عميق وصادق فرفعت منسوب المتعة عند الحضور في الفصل الثاني ،أي بعد 15 دقيقة من إنهاء زميلتها المطربة "مروة ناجي لوصلتها مع مقاطع من أغنيات "أم كلثوم" (ألف ليلة وليلة، فكروني، سيرة الحب، حيرت قلبي معاك، يامسهرني) وقد لاحظنا مشكلة عندها في أداء بعض الحروف (الراء، والسين، والشين) مع صوت أدّى تقليداً ولم يقدّم إحساساً خاصاً.

"مي فاروق" كانت المفاجأة التي أسعدت الحضور، صوت واثق، قوي، مرتاح إلى طبقاته الفياضة والمرتفعة، مع قلب حاضر في كل عبارة غنّتها، فألهبت حماسة وتأييداً وإندفاعاً، عند الحضور بالكامل، وكم كانت الأذن السميعة مستنفرة عند الحضور عندما تململوا من التوزيع الموسيقي السيمفوني الذي أنجزه المايسترو "هشام جبر" لكل الألحان التي غنّتها "مي" و"مروة"، وبدت الأمور فاقعة في أخطاء التوزيع للألحان الخالدة (للكبار محمد عبد الوهاب، رياض السنباطي، وبليغ حمدي) ومع غناء "مي" الحاضرة بحنجرة ماسية وإنسجام الجمهور معها شعر الجميع بغياب بعض الجمل الموسيقية القوية والفاعلة والجميلة وعلى آلات وترية من القانون والغيتار والكمان، لتحل محلها أخرى بإيقاع خفيض رومانسي لا ينسجم مع فرح الغناء في روائع "أم كلثوم".

هذا الرأي في التوزيع السيمفوني، وفي تواضع صوت "مروة ناجي" أمام عظمة "الست"، نقلناه إلى وزيرة الثقافة المصرية الدكتورة "إيناس عبد الدايم"في ختام الليلة الأولى فبادرتنا بالحرف "أنا معاك مية المية"، وعلى الخط نفسه كان رأي المايسترو المتميز "أندريه الحاج" مديرالأوركسترا الشرق عربية (التي أسّسها الراحل الدكتور وليد غلمية) الذي نظّم وأشرف على تحضيرات الأوركسترا (54 عازفاً) لحفلي بعلبك، وكانت إشادات من كل صوب بموهبة "مي" (أبدعت في غناء مقاطع من أغنيات:أغداً ألقاك، أمل حياتي، وإنت عمري) وكم ترددت من حولنا عبارات الإستحسان تعبّر عن روعة ما إستطاعته هذه المطربة التي كانت جديرة فعلاً بالمهمة التي ظهرت من خلالها على المسرح لتحية روح الكبيرة "أم كلثوم".