نعم للكذب والخيانة .. لا للحب

مسرحية جديدة صادمة. "وهم" مادة مناقضة لكل المقولات المتعلقة بالحب، كتبها الروسي "إيفان فيريباييف" ومسْرحها المخرج اللبناني "كارلوس شاهين" ويعرضها على خشبة "مونو"، تقول إن كل العلاقات العاطفية القصيرة أو الطويلة الأجل كاذبة، لأن الخيانة موجودة في صميم المحبين أو الذين يدّعون الوفاء لشريك واحد، ويستنفر لهذا الغرض حكايات ووقائع دامغة يرويها 4 ممثلين، تتصدّرها حكاية من عاشا معاً 52 عاماً إعترفا بعدها بخيانة أحدهما للآخر.

الحب الكاذب أو الحب الـ "وهم" (illusions)، هو موضوع النص الروسي المباشر الذي إعتمده المخرج "شاهين" في المسرحية معتمداً على 4 حكواتية (كارول الحاج، سيرين شامي، وسام فارس، وجوزيف زيتوني) تداولوا أكثر من حكاية تُسقط أي إمكانية لوجود ما يُسمى حباً، ويتم رفع السقف إلى أعلى إرتفاع ممكن، مع تقديم نموذج ساطع لرجل عاش مع زوجته أكثر من 5 عقود، وبينما هو على فراش الموت صارحها بأنه لم يُحبها يوماً وإنما كانت هناك إمرأة أخرى ملأت عليه الدنيا وكانت رمز الجمال والحب طوال السنين التي قضاها سعيداً، والطامة الكبرى هنا أن الزوجة وفي هذه اللحظة الحساسة باحت له بأنها هي أيضاً لم تحبه أبداً وأنها عاشت وهي تحب زوج المرأة التي أعلن زوجها أنه لطالما أحبها.
ولم تتوقف التداعيات هنا بل تعدتها إلى النطاق العائلي والصداقات التي رافقت حياة كل من المقربين والأصدقاء، حيث برزت النوايا السلبية في علاقة الرجال بالنساء أو العكس، بما يؤكد – ودائماً وفق نص المسرحية – بأن أحداً من الجنسين ليس بريئاً من الكذب والخيانة في آن، وهو ما يجعل الصورة تشمل الجنسين سواسية، لكن الجرأة تكمن فيمن يجهر بخيانته أولاً بحيث يفتح الباب للآخر كي يتجرأ هو الآخر ويُعلن حقيقة عدم حبه، وأنه إستغل الشريك للتغطية على العاطفة الحقيقية لطرف آخر مرتبط بزواج من آخر لكنه يعيش ظروف خيانة ممائلة، وهكذا تدور الدوائر لنواكب إنعدام الوفاء عند الجميع فالمسرحية تُقفل الباب على وجود حتى الإستثناء، يعني ما يعرضه النص شامل وحاسم ولا يحتمل أي تأويل.
"وهم" تنفي وجود الحب. وتضرب بقوة على وتر بالغ الحساسية. إنها تقول للجنسين أنتم تعيشون تحت سقف واحد بأجسادكم فقط، أما عواطفكم فتتدفّأ في أحضان أخرى خارج سياج المنزل والعائلة، بما يؤكد أن الحب لا وجود له حتى وإن كنا نتحدث عنه ونتشدق بأنه من صميمنا.. هذا على الأقل ما ترويه المسرحية.