النيل يودّع سمراءه "مديحة يسري" عن 97 عاماً

لم تمض سوى 4 أيام على نقلها إلى المستشفى العسكري تفادياً لطردها من أحد المستشفيات الخاصة لعدم قدرتها على سداد فواتيرها، حتى أُعلن أن الفنانة الكبيرة "مديحة يسري" الملقبة بـ "سمراء النيل" توفيت في سريرها بغرفة العناية الفائقة عن 97 عاماً، متأئرة بإنخفاض ضغط الدم في الساعات الأولى من صباح يوم الأربعاء في الثلاثين من أيار/مايو على أن تُوارى الثرى بعد الظهر.

بدا وكأنما التدخل الرسمي لمنع إحراجها وإخراجها طرداً من المستشفى، جاء في الوقت المناسب جداً وإلاّ لكانت مشكلة لا يمكن تبريرها لو أنها ماتت وسط فوضى التهديد بطردها من السرير الخاص، وأشارت المعلومات المتوفرة عن اللحظات التي سبقت الوفاة أن تدهوراً مفاجئاً وسريعاً أصابها ولم يمهلها سوى دقائق حتى لفظت آخر أنفاسها عند مباشرة إنقاذها من الأطباء المعالجين، لتقضي هذه الفنانة الكبيرة طاوية حقبة مضيئة من العطاء النموذجي بعدما تعلقت حياتها بثلاثة من كبار مطربي ذاك الزمن، فبدأت صامتة مع الموسيفار "محمد عبد الوهاب" في فيلم "ممنوع الحب" عام 1942، لتلمع في السنة نفسها مع الموسيقار "فريد الأطرش" في "أحلام الشباب" إخراج "كمال سليم"، وتصاعدت وتيرة حضورها بعد ذلك حتى بلغت 90 فيلماً، كان آخرها "الإرهابي" مع الفنان "عادل إمام"، أما الثالث "محمد فوزي" فتزوجته.

لم توفق في حياتها الخاصة رغم أنها حاولت بناء عائلة مع أربعة رجال تزوجتهم تباعاً (محمد أمين، أحمد سالم، محمد فوزي، والأخيركان شيخاً معمماً)، لم تتفق مع أي منهم، وحده الفنان " فوزي" أنجبت منه وحيدها "عمرو" الذي شكّل على الدوام كل شيء في حياتها لكن القدر أخذه منها شاباً أمام عينيها فبقيت تبكيه كل الفترة التي عاشتها من بعده "كان روحي التي أحيا بها، ما أحببت أحداً بالقدر الذي منحته لـ "عمرو" لكن الله عز وجل شاء أن أحيا وحيدة من دون رجل إلى جانبي وكان صعباً علي كثيراً قبول هذا الوضع"، وكانت في لحظات معاناتها القاسية تخاطب روح إبنها قائلة "جيّالك قريّب، أنا مشتاقة أضمّك إلى الأبد، الأرض ما كانتش منصفة معانا، السما قادرة تعوّضنا وتجمعنا".

عدة أمراض دهمتها، عدا عن إشكالات الشيخوخة التي أرهقتها في الأعوام الأخيرة، وقد زارها عدد لا بأس به من النجوم، وتم تكريمها في أكثر من مناسبة، بحيث صرّحت مؤخراً "ما فيش أجمل من حد يقلّك سلامتك، وكنت بعيّط من كلمة ماما اللي بيقولوها بعض الفنانين".