غائبان عن الوعي يحللان واقع مصر الإجتماعي

شاب وإمرأة فقط. يكتفي بهما المخرج محمود كامل لتوصيل رسالة واضحة عن الحياة الإجتماعية والسياسية في مصر عبر فيلمه:"خارج الخدمة"، مع ممثلين عبقريين(أحمد الفيشاوي،و شيرين رضا) لم نلاحظ تفوقهما سابقاً كما هما في الفيلم الجديد، الذي لفتنا بقوة ، وجعلنا نتفاءل نسبياً بإمكانية خروج السينما المصرية إلى الفضاء العربي مجدداً بدل تقوقعها في مصر، وتغرّبها عن محيطها العربي.

المخرج محمود كامل يوصل رسالة واضحة عن الحياة الإجتماعية والسياسية في مصر
هما سعيد وهدى. تشاء الظروف أن يكون الشاب واحداً من المدمنين على المخدرات يحصل عليها بأكثر من طريقة نظراً لضيق أوضاعه وفراغ جيوبه، يستدين في الغالب ثم لا يسدد، فيطارد ويتعرض للضرب والإهانة، وينام في الشارع، ويأكل أي فتات يتوفر له، إلى أن يقصد السيدة الأرملة هدى التي إختارت الإنعزال عن العالم، ورفض منطق الزواج وترتيب حياتها من جديد، ولا يضيف سعيد شيئاً على حياتها أكثر من قدرته على جلب المخدرات إلى منزلها لكي تظل في حال غياب عن الوعي فتنسى كل الأجواء المحيطة بها وتركز على أخذ المعلوم في الأوقات التي تريدها. هو ينقصه المال وهي توفره له لكي تظل وإياه في حال تأمل وغياب عن الوعي لأطول مدة ممكنة.

 

لم نر أياً من "أحمد" الكثير المشاكل مع المنتجين، ولا "شيرين"الزاهدة في القبول بالعروض السينمائية، حيث ما تزال تتمتع بجمال خاص رغم إقترابها من الخمسين، ما يجعلنا نعجب بما قدماه لكن في"خارج الخدمة"كانا إكتشافاً حقيقياً كممثلين، نعم قدّما دورين في منتهى الإجادة، مع كاستنغ مثالي راهن عليهما وربح الرهان بإمتياز. هو غاب عن أدواره اللاهية التي قدمته عابثاً لا مبالياً مع زيادة في الطين بلة كانت مشاكل حمل إحدى الصبايا منه ورفضه الإعتراف لاحقاً بالمولودة، ومع ذلك إتصل به المخرج "كامل"عارضاً عليه الدور فقبل وخضع لتدريبات كثيرة أثمرت ما شاهدناه من أداء ممتاز.

 

وهي كانت معظم شخصياتها على الشاشة فتاة بورجوازية، أو هي لئيمة لا تطاق رغم جمالها، مع ذلك أبلغنا المخرج الذي إلتقيناه بعد العرض في القاهرة، بأن"شيرين"تهيبت الدور في البداية وبعدما قرأت قالت له: شكراً على ثقتك. ومن خصوصيات نص "عمر سامي" أنه الأول له، ونأخذ من خلال الشخصيتين العبرة من أفواه المدمنين الحشاشين، عن الشباب ، الأمن، المستقبل، المرأة ، الحالة الإقتصادية بعد خمس سنوات ثورة ، وصولاً إلى فوضى المطالب الشعبية غير المترابطة وأولها: رغيف العيش.

شريط خاص مختلف فيه ثراء في الصورة والنص والممثلين الرئيسيين.