بعد فرضها عقوبات على مسؤولين.. هل تردع الجرأة الصينية التنمر الأميركي؟

حرب باردة متواصلة بين أميركا والصين. هل نحن أمام مؤشرات لعسكرة الصراع في ظل عناصر التوتر المتزايدة والعقوبات المضادة بين الجانبين؟ وماذا في خلفيات العقوبات التي فرضتها الصين على مسؤولين أميركيين كبار؟

  • جاء الرد الصيني على العقوبات الأميركية رد قوي بنديته.. العقوبات على مسؤولين مقابل عقوبات على مسؤولين
    جاء الرد الصيني على العقوبات الأميركية قوي بنديته.. العقوبات على مسؤولين مقابل عقوبات على مسؤولين

قبل أيام توعدت بكين واشنطن بتحميلها عواقب فرض عقوبات ضد مسؤولين صينيين من منطقة شينجيانغ الايغورية.

بكين لم تتأخر في تنفيذ وعيدها، فقررت فرض عقوبات على مسؤولين أميركيين بينهم أعضاء في الكونغرس. وترافق القرار الصيني مع تصعيد في حدة اللهجة ضد الأميركيين، وترافق مع طلب سحب القرار الأميركي فوراً، الذي اعتبروه خاطئاً، والتوقف عن التدخل في شؤون الصين وتقويض مصالحها، كما هددت بردود إضافية بناء على تطور الوضع.

جاء الرد الصيني على العقوبات الأميركية قوياً، لفرضه عقوبات على مسؤولين رفيعين في الإدارة الأميركية، مما يعد تصعيداً من الجانب الصيني رداً على العقوبات الأميركية. 

العقوبات على مسؤولين مقابل عقوبات على مسؤولين، هكذا هو مشهد "الحلبة" السياسية بين البلدين اليوم.

وكلام المتحدثة باسم الخارجية الصينية جاء واضحاً في إيقاف أميركا عند حدها لناحية أنه "لا يحق لها التدخل بشؤون الصين الداخلية".

لكنها، وعلى الطريقة الصينية التقليدية، تركت مجالاً للأخذ والرد، إذ أضافت أن "الصين تحث الولايات المتحدة على سحب قرارها الخاطىء على الفور، ووقف أي محاولات لإلحاق الضرر بمصالح الصين".

الأمن القومي الصيني، هو خط بكين الأحمر في صراعها المستمر مع الولايات المتحدة، وهو ما يدفعها إلى القيام بنقلة نوعية في تعاطيها مع واشنطن. ولوحت الصين إلى "مزيد من الردود تتناسب مع تطور الوضع".

رمت الصين الكرة في الملعب الأميركي، فماذا ستفعل واشنطن التي تشعر بمزاحمة الصين في أكثر من ساحة من الشرق الأوسط إلى أفريقيا وصولاً إلى فنزويلا وغيرها من الدول، التي تجد أبواب الصين مفتوحة أمامها بعدما خنقها حصار أميركا؟

وماذا عن إرسال المزيد من سفن خفر السواحل إلى بحر الصين الجنوبي، في مؤشر يقرأه البعض أنه عسكرة للمنطقة، وبالتالي عسكرة الصراع؟

يقول رئيس تحرير صحيفة "إيران ديبلوماتيك" عماد ابشناس، إن "تحرشات الولايات المتحدة بالصين دفعت الأخيرة إلى التخلي عن هدوئها".

وأضاف في حديث للميادين، أن "أميركا باتت تتخطى كل المعادلات الدولية التي تم التوصل إليها بعد الحرب العالمية الثانية"، مشيراً إلى أن "الخطوات التي اتخذتها إيران ضد الولايات المتحدة أدت إلى تشجيع الصين وغيرها على تحدي أميركا".

واعتبر ابشناس، أنه "من المعالم الدولية في تحدي الولايات المتحدة، تجرؤ الأمم المتحدة على اتهام واشنطن بارتكاب الجرائم"، منوهاً إلى أن "الصين باتت اليوم قوة اقتصادية كبيرة وتتوسع في علاقاتها فيما الولايات المتحدة تتراجع على صعد مختلفة".

ولفت إلى أن الصين "تحاول ردع الولايات المتحدة حالياً، لكن لا يبدو أنها تتجه إلى حرب عسكرية أو اقتصادية"، مشيراً إلى أن "الصين لم تعد تعتمد على الولايات المتحدة لأن اقتصادها تخطى عقبة الارتباط بالاقتصاد الأميركي".

من جهته، قال محلل الشؤون السياسية والدولية في معهد "كاتو"، دوغ باندو، إنه "لم نصل بعد إلى الحرب الباردة لكن المواجهة تتصاعد".

وأشار في حديث مع الميادين، إلى أن "الصين تتخذ نهجاً صارماً بالنسبة لقضايا معينة بينها بحر الصين الجنوبي وهونغ كونغ"، مشدداً على أن "أميركا والصين تمتلكان قدراً كبيراً من الإمكانيات، لذا فإن المواجهة بينهما خطيرة وقد تتحول إلى صراع عسكري".

وأوضح باندو، أنه "في الأشهر الأربعة الفاصلة للانتخابات الرئاسية الأميركية، ستحتل الصين مركزاً مهما في التنافس الانتخابي".

كيف لأميركا تقبل الشراكة الاستراتيجية الإيرانية الصينية؟ 

الجرأة الصينية الواضحة بالرد على التنمر الأميركي، تأتي فيما أكدت الخارجية الصينية التعاون مع إيران في مجالات مختلفة، وسط بروز اهتمام الإعلام الأميركي بهذه الشراكة وتركيزه على دلالاتها.

 وبعد إعلان طهران عن خطة التعاون الشاملة المشتركة مع الصين لمدة 25 عاماً، توالت ردود الفعل في الصحف الأجنبية والغربية.

فصحيفة "ذا وول ستريت جورنال" الأميركية رأت في الخطة "شراكة استراتيجية واسعة النطاق" تعمل عليها طهران وبكين لتخفيف الضغوط الاقتصادية الأميركية على البلدين، معتبرة أن الوثيقة "ستؤدي إلى تخفيف تلك الضغوط وستخرج إيران من العزلة الاقتصادية التي تسببت فيها إجراءات الحظر الأميركية".

وبحسب محللين غربيين، فإن الهدف من الاتفاقية "هو إظهار أن البلدين لديهما بدائل للغرب حتى لو لم تنجح بعض هذه المشاريع".

وخلصت "ذا وول ستريت جورنال" إلى أن "الصين ستستفيد من موارد إيران النفطية، وتستفيد إيران من استثمارات الصين وفقاً لبنود الاتفاقية".

وكانت "نيويورك تايمز" رأت أن هذه الشراكة "قد تقوض جهود الرئيس الأميركي دونالد ترامب لعزل طهران".

رئيس تحرير صحيفة "إيران ديبلوماتيك" عماد ابشناس، قال للميادين، إن الإدارة الأميركية باتت تهدد العلاقات الدولية.

واعتبر أن "خطة التعاون الشاملة ترسم العلاقات الإيرانية الصينية لمدة 25 عاماً لمواجهة العقوبات الأميركية على البلدين"، مشيراً إلى أن "لدى الصين اتفاقيات مماثلة مع نحو 100 دولة، وكذلك لدى إيران اتفاقيات مع دول أخرى".

وأضاف ابشناس أن "الصين وشرق آسيا وأوروبا تحتاج إلى الطاقة الموجودة في منطقتنا، والاتفاقية تؤدي إلى خسارة أميركا بالمنطقة"، مشدداً على أن "أحد أسباب التوصل إلى الاتفاقية هو وقوف الصين إلى جانب إيران في وجه العقوبات الدولية".

محلل الشؤون السياسية والدولية في معهد كاتو، دوغ باندو، أكد بدوره أن "أميركا ستنظر إلى الاتفاقية على أنها ستصعب تطبيق العقوبات".

وأوضح باندو للميادين، أن "الاتفاقية بين الصين وإيران تحبط الولايات المتحدة وستشكل نقطة خلاف صينية أميركية جديدة"، منوهاً إلى أن الاتفاقية "ستؤكد عدم جدوى العقوبات الأميركية".

 

اخترنا لك