بوغدانوف للمعارضة: لا تكونوا سبباً لتقسيم سوريا والأسد باق حالياً

الموفد الروسي ميخائيل بوغدانوف يبلغ بعض المعارضين السوريين أن التقسيم واقع إن لم يذهبوا للتفاوض مع الحكومة. والرئيس بشار الأسد يبدى استعداد دمشق لتسهيل مساعي موسكو رغم عدم اقتناعها بالمعارضة لإدراكه كما موسكو نفسها أن المعارضة ستفشل بالاتفاق. فهل ستنجح المساعي الروسية؟ يبدو أنها ستفشل حتى ولو حصلت بعض الاجتماعات. ذلك أن أي نجاح يفترض توافقاً روسياً أميركياً... وهذا لا يزال بعيد المنال.

هل ينجح بوغدانوف في جمع أكبر تمثيل للمعارضة السورية؟
ليس ميخائيل بوغدانوف من القيادات الروسية المعجبة بالإدارة السورية للصراع. فهو وخلافاً للرئيس فلاديمير بوتين ووزير الخارجية سيرغي لافروف كان قد انتقد غير مرة الدولة السورية ما اعتبره البعض تبايناً مع القيادة الروسية والبعض الآخر توزيع أدوار. لكن هذه المرة يأتي مكلفاً برسالة واضحة ومثلثة الأهداف من بوتين.
أولها تفعيل الحل السياسي منعاً لإقامة مناطق عازلة في سورية، وثانيها توسيع التمثيل المعارض لكي لا يبقى الائتلاف محتكراً التحاور، وثالثاً دعم القيادة السورية الحالية حتى التوصل إلى إقناع الجميع بأن بقاء الأسد لفترة غير قصيرة ضروري لهذا الحل. لفهم مهمة بوغدانوف نائب وزير الخارجية الروسية يجب معرفة الآتي:

ـ هو يأتي بعد تفاقم الاشتباك الروسي الغربي بسبب اوكرانيا والذي ظهر جلياً في قمة العشرين في أستراليا. لا بد إذاً من منع الغرب الأطلسي من احتكار الملف السوري بذريعة محاربة داعش. كان استقبال بوتين العلني للوزير وليد المعلم رسالة واضحة.

ـ هو يأتي وسط تفكك لافت للائتلاف وتبادل أطرافه الاتهامات وتخلي الغرب شيئاً فشيئاً عنه. هذا ما بدا واضحاً من خلال الاجتماع الهزيل لأصدقاء سورية الذي ضم مؤخراً ١١ دولة من أصل ١٦٠ كما ظهر من خلال إلغاء اجتماع للائتلاف مع الاتحاد الاوروبي وظهر من خلال التصريحات الرسمية الأميركية والتي كان روبرت فورد السفير الاميركي السابق في سورية الأوضح تعبيرا عنها حين قال ان الائتلاف لم يقدم يوماً أي اقتراح موثوق كبديل للاسد. ناهيك عن ان اوباما وكيري قالا بوضوح ما تقوله القيادة العسكرية عندهما من أن الأولوية الآن هي لمحاربة داعش وليس إسقاط الأسد . وهم لو استطاعوا طبعا اسقاطه سابقا لفعلوا. 
ـ هو يأتي بعد إرجاء المفاوضات الإيرانية الغربية مع ما تحمله من رغبة الطرفين الايراني والاميركي بالتوصل الى اتفاق ما يعني قبولا اميركيا فعليا بدور ايراني وبعدم إزعاج إيران حالياً بالملف السوري. 
ـ وهو يأتي كذلك وسط خطة جدية للجيش السوري للسيطرة الكاملة على حلب ما يعني سحب ورقة مهمة من يد تركيا المتنافرة حاليا مع حلفائها الأطلسيين بسبب عنادها في الملف السوري واستمرارها في المطالبة باسقاط الأسد كشرط لوقف تقدم داعش

ـ وهو يأتي بعد تعدد خطوات اعادة العلاقات الدبلوماسية بين دول عربية وغربية من جهة ودمشق من جهة ثانية

ـ وهو يأتي بعد معلومات عن انشقاقات حصلت وستحصل في صفوف المسلحين

ـ وهو يأتي بعد ان تبين ان اقتصار ضرب داعش على الطائرات لن يكفي ولا بد من قوة على الارض. والقوة الوحيدة في سورية هي الجيش السوري الذي سيضم لاحقا الحيش الحر وبعض المسلحين الذين يصفهم الاطلسي بالمعتدلين . هذه نقطة نوقشت وقد تظهر تفاصيلها قريبا

ـ وهو يأتي اخيراً بعد تخلي العالم تقريباً عن إيجاد حلول لمشكلة النازحين السوريين ما دفع منظمة العفو الدولية لفتح نار انتقاداتها ضد دول خليجية لعدم استقبال اللاجئين

تفترض موسكو إذاً أن الجميع بحاجة لدورها الآن، أي أميركا المحرجة بكيفية نقل تعاونها مع الجيش السوري إلى العلن، والائتلاف المتروك غربياً على قارعة الطريق، والأطراف المسلحة الخائفة من داعش والدولة السورية الراغبة بإنهاء القتال إذا ما كان ذلك يبقيها سيدة الموقف ولو مع بعض التنازلات.

وفق المعلومات قال بوغدانوف لبعض المعارضين إن التقسيم واقع إن لم يذهبوا للتفاوض وقال إن جنيف واحد يحدد مستقبل البلاد ولكنه بحاجة لتعديلات لا بد منها خصوصاً أنه لم يلحظ تماماً كيفية محاربة الإرهاب.

يسعى بوغدانوف لجمع أكبر تمثيل للمعارضة رغم أن الأسد قال له حرفياً إن كل هذه المعارضة لا تستطيع أن تمون على شارع واحد أو مسلح واحد . لو نجح في ذلك فإن مؤتمراً أولاً للمعارضة سيعقد قريباً في موسكو للاتفاق على تشكيل وفد تفاوضي. يليه اجتماع ثان بين المعارضة وممثلي الحكومة.
حسب المعلومات فإن وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل وافق حين زار موسكو على هذه الحركة الروسية مشترطاً أن تفضي إلى رحيل الأسد لكنه لم يحصل على أي ضمانة بهذا الشأن.  

الأسد من جهته قال لبوغدانوف إن دمشق ستسهل تماماً مساعي موسكو حتى ولو أنها ليست مقتنعة بالمعارضة ربما لإدراكه كما موسكو نفسها أن المعارضة ستفشل بالاتفاق لأنها أتقنت منذ بداية الأزمة السورية أن تتفق على ألا تتفق. لكن ماذا لو فشلت مساعي موسكو؟ يبدو أنها ستفشل حتى ولو حصلت بعض الاجتماعات. ذلك أن أي نجاح يفترض توافق روسيا وأميركا. وهذا لا يزال بعيد المنال... للأسف. 

اخترنا لك