مناورات عسكرية مرتقبة وسلاح روسي لمصر

وزارة الدفاع الروسية تصدر بيانا الأربعاء مفاده أن روسيا ومصر وقعتا بروتوكولا للتعاون العسكري بينهما. جاء ذلك بعد محادثات الثلاثاء بين وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو ونظيره المصري صدقي صبحي اتفق خلالها على إجراء مناورات عسكرية بحرية في البحر الأبيض المتوسط العام الجاري.

ميغ - 35 أم-2
قبل تناول موضوع السلاح الروسي لمصر يجب أن نفهم بالضبط طبيعة الصفقات التي تريد مصر إجراءها في هذه المرحلة الدقيقة.مصر شرعت في صفقات قصيرة الأجل وسريعة التسليم تتعلق بتطورات التدخل العسكري المصري في ليبيا والاحتمالات الأخرى للتدخل في أثيوبيا. هذه الصفقات هي: طائرات رافال وفرقاطات الفريم من فرنسا، وصواريخ هيلفاير من أميركا، وغواصات تايب-209 من ألمانيا، وقذائف هاشم المضادة للدروع من الأردن. في الجانب الطويل الأجل والذي يتعلق في الأساس بالاستراتيجية العامة المستقبلية للجيش المصري على المدى البعيد، نستطيع أن نميز العلاقة التسليحية مع روسيا عن غيرها.

حتى الآن لم يتم الإعلان رسميا من جانب مصر أو من جانب روسيا عن طبيعة الصفقات العسكرية التي تم توقيعها أو تلك التي سيتم توقيعها، ولا عن نوعية الأسلحة التي ستزود بها روسيا مصر، واقتصرت الأخبار حول هذا الموضوع على الصحف الروسية. لعل هذا هو السبب الرئيسي الذي يؤكد أهمية هذه الصفقات خصوصاً وأن صفقة الأسلحة التشيكية لمصر في ستينات القرن الماضى شابتها أجواء مماثلة. لم تكن هناك أهمية تذكر للأنباء التي تحدثت عن عزوف السعودية والإمارات العربية المتحدة عن تمويل الصفقات بين مصر وروسيا، ما يشير إلى أن العلاقة بين القاهرة وموسكو وصلت الى مرحلة تقترب كثيراً من علاقاتهما في حقبة ستينات القرن الماضي. هذا يظهر واضحا في زيارة كامل أعضاء هيئة الأمن القومي الروسية الى القاهرة، وقبلها زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأخيرة. الزيارة القريبة للرئيس عبد الفتاح السيسي إلى روسيا قد توضح أكثر ملامح تطور هذه العلاقات، خصوصاً وأن زيارة بدأت فعليا لوزير الدفاع المصري صدقي صبحي الى موسكو قد تشهد أزاحة الستارة عن الصفقات بين البلدين. 

على أية حال، الصحافة الروسية تشير إلى ملامح هذه الصفقات منذ العام 2013 حين تحدثت صحيفة "نوفوستي" الروسية عن اتفاق على تسليم مصر 24 مقاتلة من نوع "ميج 35 أم-2" بالإضافة الى صواريخ "كورنيت" المضادة للدروع. ثم في شهر شباط / فبراير2014 أضافت صحيفة "فيدومستي" الى الأنواع التي ذكرتها نوفوستي مروحيات مقاتلة من نوع "أم آي 35" وصواريخ "ياخونت" البحرية. ثم في الشهر نفسه وفي حوار لوكالة "سلاح روسيا" مع كبير الباحثين في مركز الأمن الدولي في أكاديمية العلوم الروسية "ستانيسلاف إيفانوف" أضاف إلى ما سبق من انواع منظومات الدفاع الجوي "بانتسير" و"تور أم" و"بوك أم"، تبعه نائب مدير عام الشركة الروسية لشؤون التعاون العسكري  "فياتشيسلاف دزيركالين" الذي أضاف في حديث لموقع روسيا اليوم أواخر العام 2014 منظومة الدفاع الجوي "أس300 فى-أم" الى ما سبق من أسلحة.

ثم شهد هذا العام تصريحات مهمة منها تصريح "إيجور سيفاستيانوف" نائب المدير العام لشركة "روس أوبورون إكسبورت" حول اهتمام مصر بدبابة القتال الرئيسية "تي-90 أم أس" إلى جانب تصريح آخر لمدير شركة ميج للصناعات الجوية "سيرجى كوروتكوف" حول استعداد شركته تزويد مصر بمقاتلات متقدمة من طراز "ميغ-35" "إذا توافرت الرغبة المصرية لذلك".

منظومة S-300VM
صاروخ ياخونت الروسي
أما آخر تناول صحافي في هذا الشأن فكان من وكالة الأنباء الروسية "تاس"، والتى أجملت أنواع الأسلحة التي تعتزم روسيا تزويد مصر بها على النحو التالي "ميغ-35 - أم آي 35 - تور أم - أس 300 - أم آي 17 - كورنيت - ياخونت" ، وأضافت إلى هذا الإجمال سطراً أثار جدلا كبيرا خصوصا في الصحافة المصرية يتحدث عن عرض شركة "أيركوت" للصناعات الجوية على مصر 12 مقاتلة من نوع "سوخوي 30". الصحافة المصرية سارعت إلى الحديث عن أن الوكالة الروسية أفادت بأن مصر اشترت هذه المقاتلات بالفعل مع أنه لا يوجد في الخبر الروسي ما يؤكد ذلك أو ينفيه. بكل الأحوال هذا إنما يشير إلى أن خبر وكالة تاس فتح الباب امام خيارين: الأول هو أن سلاح الجو المصري سوف يشتري مقاتلات السوخوي بدلا من الميغ بعد أن تم توقيع صفقة مقاتلات الرافال الفرنسية، والثاني هو أن سلاح الجو المصري حتى الأن لم يحسم خياره وأن وزير الدفاع المصري في زيارته الى موسكو سيبحث مع المسؤولين الروس إمكانية تزويد مصر بمقاتلات الميغ أو السوخوي أو الأثنتين معا. 

في الخلاصة، من الصعب تحديد أنواع الأسلحة الروسية التي ستصل أو التي وصلت فعلا الى مصر، وهذا سلوك معهود للجيش المصري خصوصا وأن النسخة الأحدث من منظومتي "بوك أم" و"تور أم" للدفاع الجوي والمسماه "أم 2" ظهرت فجأة في العرض العسكري المصري الأخير في ذكري نصر اكتوبر، في حين كان معلوماً أن مصر تمتلك فقط النسخة الأقدم "أم 1". لا مجال للشك في وجود صفقات عسكرية نوعية بين مصر وروسيا ولكن هذا النوع من الصفقات له وضعه الخاص إعلاميا وإجرائياً، خصوصا وأن الصفقات هي بين بلدين يجددان تحالفهما القديم وهي ليست مجرد صفقات تسليحية عابرة غرضها تجاري بحت. 

منظومة أم-2 خلال العرض العسكري المصري

اخترنا لك