لبنان على طريق انجاز الاستحقاقات الدستورية بعد إنذار بري

دعوة رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري إلى انتخابات مُبكرة جاءت لقطْع الطريق على أية محاولة لتمديد ولاية البرلمان في الربيع المُقبل تحت ذرائع عدّة أبرزها عدم تمكّن وزارة الداخلية من إنجاز البطاقة المُمغنطة.

اللبنانيون ينتظرون الانتخابات التشريعية منذ العام 2013

عندما قرّر البرلمان اللبناني تمديد ولاية أعضائه للمرة الثالثة في حزيران/ يونيو الماضي لـ11 شهراً، كانت غالبية القوى السياسية تُحذّر من الفراغ في السلطة التشريعية لاسيما بعد اختبار الفراغ في رئاسة البلاد لنحو عامين ونصف العام، وما تركه من تداعيات سلبية على لبنان، الأمر الذي فتح  التحقيق بالمُلابسات التي أدّت إلى خطف وقتل العسكريين اللبنانيين على يد تنظيم داعش الإرهابي، إلا نتيجة من نتائج الفراغ في سدّة الرئاسة عام 2014.

 

ووضف نائبٌ لبناني مُخضرَم دعوة رئيس البرلمان نبيه بري للانتخابات المُبكرة بالحرب الاستباقية التي يشنّها منذ فترة رئيس المجلس لمواجهة احتمال بدأ يلوح في الأفق لتأجيل الانتخابات النيابية، أو تطييرها تحت عناوين شتى، ليصبح المجلس التشريعي الذي يرأسه أمام تمديد رابع (البرلمان اللبناني الحالي كان يجب أن تنتهي ولايته في حزيران/ يونيو عام 2013، ولكن تعذّر التوافق على قانون جديد للانتخابات التشريعية دفع في اتجاه التمديد لثلاث مرات على أن تجرى الانتخابات التشريعية في أيار/ مايو المقبل).

 

اللافت، وبحسب الصحافي إبراهيم بيرم في حديث للميادين نت، أن "بري ذهب في معرض هذه الحرب إلى حدّ وصف أيّ تأجيل مُحتمَل للانتخابات الموعودة بأنه عملية انقلابية، وأنه مُستعدّ لجبهه بكل ما أوتي من قوة، بل إنه مستعد لصنع "انتفاضة" تقف في وجه هذا الاحتمال المرفوض جُملة وتفصيلاً".

 

واللافت أيضاً أن الرئيس بري يوشِك أن يكون وحيداً في رفْع الصوت مُبكراً اعتراضاً وتحذيراً من احتمال التمديد الرابع للمجلس، الأمر الذي يطرح السؤال عن الأبعاد والهواجس والوقائع المكتومة التي حدت برئيس السلطة التشريعية إلى قرْع جرس الإنذار.

 

عضو كتلة المستقبل النيابية عمّار حوري من جهته لم يعلّق على دعوة الرئيس بري، ودعا إلى متابعة بيانات الكتلة، مؤكّداً للميادين نت أن "تيّار المستقبل مع إنجاز الاستحقاقات الدستورية في مواعيدها، وهو كان من أكثر المُتمسّكين بإجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها، ومن باب أولى أن ينسحب هذا الخيار على الانتخابات التشريعية".

 

بدوره أكّد عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب نوّار الساحلي للميادين نت أنه "يجب أن يتوافق الأفرقاء السياسيون لتقريب موعد الانتخابات إلى آخر العام الجاري أو أول العام المقبل في حال كانت هناك صعوبة في إنجاز البطاقة المُمغنطة بسرعة"، مشيراً إلى أن "هناك مواد تسمح بإجراء الانتخابات من دونها".

ودعا الساحلي الحكومة إلى إنشاء هيئة الإشراف على الانتخابات وهو ما فعلته في جلستها الأخيرة، ما يعني إظهار النيّة الجديّة لإجراء الانتخابات في موعدها، لأن قانون الانتخاب الجديد ينصّ على ضرورة تأليفها ( لبنان سيعتمد قانوناً جديداً للانتخابات البرلمانية على قاعدة النسبية وذلك للمرة الأولى في تاريخه).

 

وجاء في نصّ القانون الجديد حرفيّاً:"تُعيّن الهيئة (هيئة الإشراف على الانتخابات) ضمن مهلة أقصاها ثلاثة أشهر من تاريخ نشْر هذا القانون"، وبما أنّ القانون قد صدر في 16 حزيران/ يونيو 2017، ويجب أن تكون الهيئة قد عُيّنت قبل 16 أيلول/ سبتمبر 2017 (نجحت الحكومة في ربع الساعة الأخيرة في تعيين الهيئة، وذلك قبل يومين من انتهاء المهلة التي نصّ عليها قانون الانتخابات).

 

إذاً، يبدو أن الحكومة تهيّبت من دعوة رئيس البرلمان لإجراء الانتخابات التشريعية قبل موعدها، وعمدت إلى تعيين هيئة الإشراف على الانتخابات في اللحظات الأخيرة، ما يعني أن موعد الانتخابات التشريعية لن يتغيّر حتى الساعة، ومن المفترض إجراء الانتخابات في أيار/ مايو المقبل، ما لم يطرأ حدث غير عادي يُطيح مُجدّداً بالاستحقاق الدستوري الذي ينتظره اللبنانيون منذ فترة طويلة.

اخترنا لك