بعد تقارب إيران - السعودية.. هل تنجح الصين في التوسط بين روسيا وأوكرانيا؟

تساءلت مجلة "تايم" الأميركية عن إمكانية أن تكرر الصين وساطتها "التاريخية"، التي حققت التقارب بين السعودية وإيران، في خطوة مشابهة في الحرب الدائرة في أوكرانيا، مستخدمةً نفوذها القوي.

  • الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح نظيره الصيني شي جين بينغ في لقاء جمعهما في بكين، العام الماضي.
    الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح نظيره الصيني شي جين بينغ في لقاء جمعهما في بكين، العام الماضي.

نشرت مجلة "تايم" الأميركية الأسبوعية، مقالاً بعنوان "توسطت الصين للتو في هدنة تاريخية بين السعودية وإيران، هل يمكن أن تفعلها في أوكرانيا بعد ذلك؟".

ووصف كاتب المقال تشارلي كامبل الخلاف بين إيران والسعودية، بأنّه من الصراعات المستعصية على الحل، وأنّه في أقلّ قليله، يُعدّ متجذراً، وعميقاً ومتشابكاً في التاريخ، ويتداخل في "خوضه وكلاء" في جميع أنحاء الشرق الأوسط، ما يؤكد أنّ محاولة الصين بناء سلامٍ على خط هذا الصراع، "ليست مكاناً سيئاً للبدء".

كما رأى أنّ التفاهم على تطبيع العلاقات الدبلوماسية بين طهران والرياض، أعطى الصين دوراً مهماً كوسيط هدنة عالمي، واصفاً إياه بالتطور الذي يدل على رغبة الرئيس الصيني، شي جين بينغ، الجديدة في الاستفادة من نفوذه الاقتصادي في المفاوضات كطرفٍ ثالث.

هل حان الوقت لتلعب الصين أدواراً عالمية محورية؟

وعليه، طرحت المجلة سؤالاً ما إذا كانت الصين مستعدة للعب دورٍ مركزيٍ في التفاوض على تسوية للصراع الدائر في أوكرانيا، خصوصاً بما تمتلكه من أوراق نفوذٍ وتأثير قوية.

وذكّر المقال بأنّ صحيفة "وول ستريت جورنال" كشفت، أمس الثلاثاء، أنّه من المقرر أن يجري الرئيس الصيني مكالمة فيديو مع الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، وهي أول محادثة مباشرة بينهما منذ بداية الحرب في أوكرانيا، قبل أكثر من عام.

من جهته، قال جوناثان سوليفان، مدير برامج الصين في معهد آسيا للأبحاث، إنّ إقحام الصين نفسها في مختلف الصراعات ومحاولة التأثير فيها "لتحقيق اتفاقات سلام هو تطور مهم"، ربما تشعر الصين أن الوقت حان لوضع "نفوذها الدبلوماسي والاقتصادي خلف خطابها".

ولفت المقال إلى حديث صحيفة "غلوبال تايمز" الصينية، حول التقارب الإيراني السعودي الذي تمّ بوساطة صينية، حيث قدمته الصحيفة كدليلٍ على أنّ بكين يمكن أن تلعب دوراً حاسماً في أوكرانيا.

 وكان وانغ يي، كبير الدبلوماسيين الصينيين، قد صرّح، بعد إعلان يوم الجمعة، بأنّ الإعلان يُظهر أنّ بكين وسيط موثوق، وقد أوفت بأمانة بواجباتها بصفتها الدولة المضيفة.

ودعا الكاتب إلى الاهتمام بحديث اللواء يحيى رحيم صفوي، كبير المستشارين العسكريين للمرشد الأعلى الإيراني، إذ قال بأنّ التقارب الإيراني السعودي "زلزال" يبشر بـ"حقبة ما بعد أميركا" في الشرق الأوسط.

تطوّر الحرب، و"مدى استعداد" زيلينسكي للتسوية.. يصعبان الأمور

ويشير المقال إلى صعوبة الوضع في أوكرانيا حالياً، بما يجعل من الصعب أن يتم إنجاز وساطة كهذه، إذ تتزايد الهجمات الصاروخية والخسائر اليومية.

ويطرح المقال تساؤلاً مركزياً حول إمكانية أن يستخدم الرئيس الصيني نفوذ بكين الكبير، في روسيا على موسكو، ويلفت إلى أنّه في حال كان شي على استعداد لاستخدام نفوذه لدفع بوتين إلى القبول بتسوية ما، فإنّ الأمر الآخر المطروح هو مدى "استعداد" الرئيس الأوكراني لإنجاز تسوية.

ويقول البروفيسور ستيف تسانغ، مدير معهد "SOAS" الصيني في جامعة لندن: "شي في أفضل وضع للتوسط في السلام، إذا كان مستعداً وقادراً على لعب دور الوسيط النزيه".

وأوضح المقال أنّ رغبة الرئيس الصيني في إعادة صوغ نفسه كرجل دولة عالمي، على حساب الولايات المتحدة، قد يكون العامل الحاسم في الذهاب إلى مثل هذه الجهود. 

وأكّد الكاتب على أنّ أي اتفاق سلام يتطلب أمرين تمتلكهما الصين ولا يمتلكهما الغرب، الأول هو النفوذ مع روسيا، والثاني هو خط اتصال مع بوتين.

وأوضح المقال أنّ التسوية التي من الممكن أن يتوسط فيها الرئيس الصيني في أوكرانيا، من شأنها بالتأكيد، تضخيم فكرة التراجع الأميركي، وأنّه بينما يظل زيلينسكي والرئيس الأميركي جو بايدن متفقين بشكل وثيق بشأن الحاجة إلى صد روسيا، فإن الانقسامات حول مستوى وطبيعة الولايات المتحدة عالمياً، تتزايد.

وكان مدير مكتب الشؤون الخارجية المركزي الصيني، وانغ يي، قد قال في اجتماع مع الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، عُقد منتصف الشهر الماضي، "إنّ الصين مستعدة للعمل مع المجتمع الدولي لإيجاد حل سياسي، وإنهاء الصراع في أوكرانيا، في أقرب وقت ممكن".

كما قالت وزارة الخارجية الصينية في بيان عقب الاجتماع في فرنسا: "تبادل الطرفان وجهات النظر حول القضية الأوكرانية". 

اقرأ أيضاً: التقارب بين السعودية وإيران: وساطة صينية ترسّخ تراجع الهيمنة الأميركية

اخترنا لك