بلكنته البيروتيّة السلسة والمحبَّبة إلى قلبه، كان عدنان مكداش "الشرقي" يطرب سمع محبيه بمقطوعات كروية ممتعة، ومعلومات تاريخية قيّمة، وأفكار عبقريّة تُرجمت على مدار عقود من الزمن داخل المستطيل الأخضر، لينقل كرة القدم اللبنانية نحو العالمية عبر بوابة "غينيس" للأرقام القياسيّة.

اليوم، بات "الشرقي" ذكرى خالدة في عقول محبي كرة القدم اللبنانية والعربية. انتقل من دار الفناء إلى دار البقاء بعد معاناة مع مرض عضال، مخلّفاً وراءه تاريخاً مجيداً من الألقاب والإنجازات، وسمعة طيّبة لشخصية "خفيفة الظلّ" ومرحة وطيبة تدخل القلوب من دون استئذان.

في كلِّ مقابلة متلفزة، كان "الشرقي" يحرص على إطلاق مواقف تنبذ الطائفية التي تنخر عظام التركيبة السياسية والشعبية في لبنان، ويدعو إلى تحييد الرياضة عامة، وكرة القدم خاصة، عن المهاترات والمناكفات السياسية والطائفية، أملاً بالاستفادة من المواهب التي يحتضنها بلد الأرز.

خلف شخصيّة "الشرقي" الطيّبة، مقاتل ومحارب كرويّ يهوى صناعة الرّجال في أرض الملعب. وعلى الرغم من أنَّ أسلوبه التدريبي اتّسم ببعض القسوة في التعامل مع اللاعبين، فإنَّ صيحاته وصراخه، وفي بعض الأحيان كلماته القاسية، كانت كـ"السمن على العسل" عند جنود "الحاج عدنان".

عندما نادى منادٍ في تسعينيات القرن الماضي، لبّى أبناء "الحي الأنصاري" النداء. تكاتفوا خلف قائد حمل الشعلة بأمانة، وسار بها نحو المجد، لتهتف الجماهير بعد ذلك: "سنبلة القمح أنصار.. على سنّ الرمح أنصار".

مع استعادة كرة القدم اللبنانية نشاطها بعد توقّف طويل بسبب الحرب الأهليَّة (1975-1990)، أسّس ابن منطقة طريق الجديدة في بيروت الجيل الذهبيّ لنادي الأنصار، وقاده للسيطرة على اللعبة محلّياً طوال 11 موسماً متتالياً، وتحديداً بين العامين 1988 و1999، ليدخله إلى موسوعة "غينيس" للأرقام القياسية كأكثر فريق يحرز لقب الدوري في سلسلة متواصلة.

خلال مسيرة استمرَّت 38 عاماً، حصد "أبو محمد" لقب الدوري اللبناني 11 مرة، وفاز بكأس لبنان 12 مرة.

وأشرف الكابتن عدنان على تدريب المنتخب اللبناني خلال 3 فترات؛ الأولى بين العامين 1974 و1976، والثانية بين العامين 1987 و1993. أما الثالثة والأخيرة، فكانت بين العامين 2006 و2008.