"فيتنام+": ذكرى معركة "ديان بيان فو" والنصر الذي هز العالم

خلال 56 يوماً من القتال الشجاع والإبداعي، حقق الجيش والشعب الفيتنامي انتصار ديان بيان فو الذي "تردد صداه عبر القارات الخمس وهز العالم" آنذاك.

  • جنود فيتناميون يرفعون علم النصر على تحصينات حرروها في حملة ديان بيان فو يوم 13 آذار 1954. (VNA)
    جنود فيتناميون يرفعون علم النصر على تحصينات حرروها في حملة ديان بيان فو يوم 13 آذار 1954. (VNA)

في افتتاحيته أمس الأربعاء، تناول موقع "فيتنام +" ذكرى الانتصار الذي تحقق قبل 7 عقود من الزمن، من قبل الشعب الفيتنامي على جيش الاحتلال الفرنسي وسيطر على قاعدة "ديان بيان فو"، ويستذكر كيف تم التحضير للمعركة وإنجاز النصر.

فيما يلي نص المقال منقولاً إلى العربية:

قبل 7 عقود في 13 آذار/مارس من العام 1954، شن الجيش الثوري الفيتنامي أول هجوم على قاعدة "ديان بيان فو" شديدة التحصين للمستعمرين الفرنسيين، ليبدأ بذلك ملحمة عسكرية استمرت 56 يوماً، سحق خلالها جيش الاحتلال الفرنسي وأدت إلى انتصار تاريخي للشعب الفيتنامي، وإلى توقيع اتفاقيات جنيف لإنهاء الاحتلال والحرب واستعادة السلام في الهند الصينية.

قبل المعركة بنحو عام، قام المستعمرون الفرنسيون بدعم وتدخل أميركي، بتبني خطة "نافار" لتحويل ديان بيان فو إلى أقوى قاعدة عسكرية في الهند الصينية من أجل السيطرة على كامل شمال غرب فيتنام ولاوس العليا وتدمير القوات الوطنية الفيتنامية وبسط النفوذ الاستعماري على مجمل أقاليم المنطقة.

أغدق الجنرالات الفرنسيون الثناء في ذلك الوقت على قوة التحصين في القاعدة وأطلقوا عليها اسم "القنفذ" كون دفاعاتها شديدة من كل الاتجاهات. وفي وادي مونغ ثانه، دفعت فرنسا بـ 16200 جندي في 21 كتيبة توزعت في مناطق شمالية ووسطى وجنوبية تضم 49 تحصيناً متصلة مع بعضها البعض، ويؤمن الجسر الجوي بين فرنسا ومطاري مونغ ثانه وهونغ كوم، الدعم الحيوي من خلال ما يقرب من 100 رحلة طيران مغادرة ووصول يومياً، تنقل نحو 200 إلى 300 طن من البضائع وإنزال 100 إلى 150 جندياً بالمظلات.

كان الجيش الثوري الفيتنامي ينظر إلى القاعدة العسكرية كفخ يستطيع من خلالها سحق القوات النظامية للمستعمر الفرنسي، الذي تتفاخر جنرالاته بقوة النيران التي يملكونها للقضاء على قوة أكبر منهم بأضعاف.

وقبل المعركة، جاء نائب الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون، الذي أصبح فيما بعد رئيساً للولايات المتحدة، لتفقد بناء هذه القاعدة العسكرية وللتأكد من استخدام الاستثمار الأميركي في الهند الصينية بشكل فعال، وأعرب عن ارتياحه وثقته بقدرة القاعدة المذكورة على تأمين المصالح الغربية في الهند الصينية لفترة طويلة الأمد.

بعد إدراك مؤامرة وحيل المستعمرين الفرنسيين، في أوائل شهر كانون الأول/ديسمبر في العام 1953، قرر المكتب السياسي لحزب العمال الفيتنامي "الحزب الشيوعي الفيتنامي" الآن، إطلاق حملة عسكرية تستهدف القاعدة الفرنسية، واعتمد الإستراتيجية القتالية المتمثلة في "هجوم سريع/نصر سريع"، لكن الجنرال فو نغوين جياب عدل من الإستراتيجية بعد النظر في توازن القوى بين الجانبين، واتخذ القرار الأصعب في حياته المهنية بالانتقال إلى مفهوم "هجوم ثابت/ تقدم ثابت"، وتم تعميم الخطط التكتيكية والإستراتيجية للقتال بشكل مفصل ودقيق لدور كل الوحدات والأفراد لإنجاز المهام والتراص كجسم موحد الجهود والتصميم لتحقيق النصر. حفروا خنادق أعمق، ووضعوا كمائن متقدمة على قرب من القاعدة الفرنسية، ونظموا خطوط الإمدادات اللوجستية والتواصل بين الكتائب العسكرية المختلفة وتنسيق النيران بمشاركة عشرات الآلاف من الفيتناميين استعداداً للمعركة الكبرى.

وأرسل سكان مقاطعة ثانه هو وحدها 9000 طن من الأرز إلى خط المواجهة، وساهم سكان مقاطعة لاي تشاو بـ 2666 طناً من الأرز، و226 ​​طناً من اللحوم، و210 أطنان من الخضروات، وتطوع 16972 شخصاً، وقدموا الخيول وعربات النقل والأخشاب لبناء الطرق والجسور، وفي الفترة من عام 1951 إلى عام 1954، تبرع سكان المنطقة الخامسة بأكثر من 1.32 مليون طن من الأرز غير المقشر ومبالغ كبيرة من المال.

وفي رسالته التي أرسلها إلى الجنود في 11 آذار/مارس 1954، قال الرئيس هوشي مينه آنذاك، إن المهمة صعبة للغاية ولكنها أيضاً مجيدة للغاية. وأعرب عن إيمانه الراسخ بأن الجنود سيستغلون انتصاراتهم السابقة للتغلب على كل العقبات والمشقات للقيام بالواجب الأسمى بتحرير البلاد.

في تمام الساعة الخامسة من مساء 13 آذار/مارس 1953، فتحت القوات الفيتنامية النار على حصن هيم لام، لتبدأ حملة ديان بيان فو، وبعد تدميره توجهوا نحو حصن دوك لاب وأجبروا تحصين بان كيو على الاستسلام، وبالتالي دمروا البوابة الشمالية لقاعدة ديان بيان فو، ووقع أكثر من 2000 جندي فرنسي في عداد القتلى أو الأسرى، ودمرت 25 طائرة، وتم القضاء على فوج عسكري بأكمله، وخلال شهر من المعارك هاجم الجيش الثوري التحصينات بشكل متزامن، وشدد الحصار، واستولى على مطار مونغ ثانه، وأجبر العدو على اتخاذ وضع الانسحاب والتقهقر، وفي الفترة من 1 إلى 7 أيار/مايو 1954، سيطرت القوات الفيتنامية على كل المواقع في الشرق وشنت هجوماً عاماً لتدمير قاعدة ديان بيان فو العسكرية بأكملها.

وفي اليوم الأخير، رفع الجيش الفيتنامي شعاره "عازمون على القتال، مصممون على الفوز" على قمة نفق قيادة الجنرال الفرنسي دي كاستريس بحلول منتصف ليل 7 أيار/مايو 1954، وتم القبض على جميع جنود القوات الفرنسية.

خلال 56 يوماً من القتال الشجاع والإبداعي، حقق الجيش والشعب الفيتنامي انتصار ديان بيان فو الذي "تردد صداه عبر القارات الخمس وهز العالم" آنذاك، وتم اجتثاث القاعدة العسكرية "التي لا تقهر" حسب ما زعم جيش الاستعمار الفرنسي. 

مرت 70 سنة على انتصار ديان بيان فو، الذي سيظل مصدر فخر للفيتناميين ومعلماً ذهبياً رائعاً في التاريخ، كما قال آنذاك زعيم البلاد الكبير هوشي منه.

 

نقلها إلى العربية: حسين قطايا.