"نيويورك تايمز": حرب غزة تعمّق الهوّة بين المواطنين العرب وحكامهم

في ظل انقطاع التواصل الذي تشهده بعض الدول العربية مع مواطنيها نتيجة النهج المتبع في مقاربة القضية الفلسطينية، جاءت الحرب الحالية لتسلّط الضوء على هذه الهوّة بصورة أدق بعد سنوات من القطيعة.

  • "نيويورك تايمز": حرب غزة تعمّق الهوّة بين المواطنين العرب وحكامهم

تحت عنوان : "حرب غزّة تعمّق الهوّة بين المواطنين العرب وحكامهم" كتبت فيفيان نيريم في صحيفة "نيويورك تايمز" مقالاً تناولت فيه حالة التململ والغليان التي يشهدها كثير من الدول العربية على خلفية الحرب على غزة في ظل تطبيع العلاقات بين بعض هذه الدول و"إسرائيل".

وفيما يلي نص المقال منقولاً إلى العربية:

قُبيل غروب الشمس، تقدّم رجل يحمل مكبر صوت حشداً مؤلفاً من نحو 200 شخص في العاصمة البحرينية المنامة، وبدأ يصرخ بأعلى صوته.

وردّد المتظاهرون الذين كانوا يلوّحون بالأعلام الفلسطينية، كلماته بحماسة، مناشدين حكومتهم المستبّدة المتحالفة مع الولايات المتحدة طرد السفير الإسرائيلي الذي عُيّن قبل عامين، أي بعد توقيع دولة البحرين اتفاقية تطبيع للعلاقات الدبلوماسية مع "إسرائيل". 

وهتف المتظاهرون: "لا للسفارة الصهيونية على الأراضي البحرينية. لا للقواعد العسكرية الأميركية على الأراضي البحرينية". 

وعلى بُعد أقل من 4 أميال، تجمّع رجال أميركيون وأوروبيون يرتدون الزي العسكريّ الكامل لحضور حوار المنامة، وهو مؤتمر سنوي يجمع كبار المسؤولين من القوى الغربية ومنطقة الشرق الأوسط لمناقشة مسألة الأمن الإقليمي. وقد تجولوا حول قاعة احتفالات مذهبة في فندق "ريتز كارلتون" الخاضع لحراسة مشددة، بُعيد ساعات فقط من حصول المسيرات الاحتجاجية وكأنهم لا يملكون أدنى فكرة عن حدوثها بالفعل.

ووفقاً للسلطات الإسرائيلية، عندما ألقى وليّ العهد البحريني، سلمان بن حمد آل خليفة، كلمته التي أدان فيها حركة حماس، التنظيم الفلسطيني المسلّح الذي يتولّى إدارة شؤون قطاع غزة والمسؤول عن هجوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر ضد "إسرائيل" والذي أسفر عن مقتل نحو 1,200 شخص، "أثلج قلوب الكثير من الحاضرين".

إنّ الحرب في غزة التي أعقبت هذا الهجوم لم تكشف عن الهوة بين الكثير من الزعماء العرب وشعوبهم فحسب؛ بل وسعتها أيضاً.

فقد شهدت دولة البحرين، وهي دولة خليجية يبلغ عدد سكانها نحو 1.6 مليون نسمة، دعماً شعبياً هائلاً للشعب الفلسطيني قابله عداء متزايد لـ"إسرائيل" منذ بدء الحرب. ووفقاً للسلطات في غزة، فقد ردّ الجيش الإسرائيلي على هجوم حماس بقصف غزة وفرض حصار عليها ضمن حملة عسكرية أسفرت عن مقتل أكثر من 16 ألف شخص.

وفي ظل انقطاع التواصل الذي تشهده بعض الدول العربية مع مواطنيها نتيجة النهج المتبع في مقاربة القضية الفلسطينية، جاءت هذه الحرب لتسلّط الضوء على هذه الهوّة بصورة أدق بعد سنوات من القطيعة. ففي الكثير من الاحتجاجات التي شهدتها المنطقة، لم يكتف المتظاهرون بإدانة "إسرائيل" على جرائمها فحسب، بل هتفوا دعماً لحماس وانتقدوا حكومات بلادهم على دعمها لـ"إسرائيل". 

ففي المغرب والأردن، تظاهر الآلاف لمطالبة دولتيهما بقطع علاقاتهما مع "إسرائيل". وفي القاهرة، تجمّع المتظاهرون المؤيدون للشعب الفلسطيني في ميدان التحرير، المكان الذي انطلقت منه انتفاضة "الربيع العربي" في مصر، وأحيوا الصرخة الثورية دفاعاً عن لقمة العيش والحرية والعدالة الاجتماعية.

وفي البحرين، صرّح المتظاهرون بأنهم قد وجدوا روابط مشتركة بين تحرير الفلسطينيين من ظلم الصهيونية وتحرّرهم من القمع السياسي الذي يرزحون تحت وطأته، بالإضافة إلى شعورهم العميق بالهوية العربية والإسلامية المشتركة. 

وقالت فاطمة جمعة، وهي شابة بحرينية تبلغ من العمر 22 عاماً شاركت في احتجاجات المنامة: "أتطلع إلى أن نكون شعباً حرّ الإرادة. فوجودنا وحريتنا مرتبطان بوجود فلسطين وحريّتها".

لعقود من الزمن، رفضت معظم الحكومات العربية إقامة علاقات مع "إسرائيل" قبل إنشاء الدولة الفلسطينية. لكن هذه الحسابات تغيرت في السنوات التي سبقت الحرب، إذ قام القادة المستبدون بموازنة الرأي العام السلبي تجاه "إسرائيل" مقابل الفوائد الاقتصادية والأمنية التي ستنتجها هذه العلاقة، والتنازلات التي قد ينتزعونها من الولايات المتحدة، الحليف الأكبر للكيان الصهيوني.

وفي هذا السياق، قالت إلهام فخرو، الزميلة المشاركة في "تشاتام هاوس"، وهي مؤسسة بحثية: "تسعى حكومة البحرين لأن تكون صوت الاعتدال في الولايات المتحدة، وهي تستخدم علاقتها الجديدة مع "إسرائيل" بشكل متزايد لتشكيل هذا التصور في واشنطن. إلّا أنّ الأمر في البحرين، له تأثير مختلف تماماً".

 

نقلتها إلى العربية: زينب منعم.

في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 أعلنت كتائب القسام معركة "طوفان الأقصى"، فاقتحمت المستوطنات الإسرائيلية في غلاف غزة، وأسرت جنوداً ومستوطنين إسرائيليين. قامت "إسرائيل" بعدها بحملة انتقام وحشية ضد القطاع، في عدوانٍ قتل وأصاب عشرات الآلاف من الفلسطينيين.