CGTN: مبادرات بايدن لن تؤثر في العلاقات الصلبة بين الصين وفيتنام

لعلاقات القوية بين الصين وفيتنام متجذرة في الروابط بين الحزب الشيوعي الصيني (CPC) والحزب الشيوعي الفيتنامي (CPV)، والتي تختلف بشكل كبير عن نهج الولايات المتحدة.

  • مبادرات بايدن لن تؤثر في العلاقات الصلبة بين الصين وفيتنام
    مبادرات بايدن لن تؤثر في العلاقات الصلبة بين الصين وفيتنام

خلال زيارة دولة إلى فيتنام يوم الأحد الماضي، وقعت الولايات المتحدة وفيتنام اتفاقية جديدة رفعت العلاقات الفيتنامية الأميركية إلى شراكة استراتيجية شاملة. وأرجعت العديد من وسائل الإعلام الأميركية سبب الزيارة إلى أنها محاولة لمواجهة النفوذ الصيني.

موقع "سي جي تي أن" الصيني تناول الزيارة وتحدث عن الهدف منها وهو محاولة احتواء الصين من قبل الدول المجاورة، وتأثير هذه الزيارة على العلاقات الصينية الفيتنامية.

فيما يلي المقال كاملاً منقولاً إلى العربية:

حذرت الصين الولايات المتحدة مرة أخرى وطلبت منها ترك "عقلية الهيمنة والحرب الباردة" في التعامل مع الدول الآسيوية. حيث عززت واشنطن علاقاتها مع فيتنام في نهاية الأسبوع الماضية، وهدف ذلك هو "مواجهة الصين".

خلال زيارته الرسمية لفيتنام يوم الأحد، وقع الرئيس الأميركي جو بايدن والأمين العام للجنة المركزية للحزب الشيوعي الفيتنامي (CPV) نجوين فو ترونج اتفاقاً جديداً يرفع العلاقات بين فيتنام والولايات المتحدة إلى شراكة استراتيجية شاملة.

بينما أكد بايدن أن قرار الولايات المتحدة لا علاقة له باحتواء أو عزل الصين، يقول الخبراء إن الأجندة الاستراتيجية غير المعلنة وراء خطوة واشنطن لا تزال "إزالة المخاطر" تحسباً لصراعات مستقبلية محتملة مع الصين.

وفي المقابل، لا تزال الصين هادئة فيما يتعلق بترقية العلاقات بين فيتنام والولايات المتحدة. حيث أن بكين واثقة من علاقاتها مع جارتها الاشتراكية. العلاقات القوية بين الصين وفيتنام متجذرة في الروابط بين الحزب الشيوعي الصيني (CPC) والحزب الشيوعي الفيتنامي (CPV)، والتي تختلف بشكل كبير عن نهج الولايات المتحدة.

ذكّرت وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ لوسائل الإعلام يوم الاثنين عندما طُلب منها الرد على ترقية العلاقات الأميركية الفيتنامية "أكدت فيتنام مراراً أن تطوير علاقات شراكة التعاون الاستراتيجية الشاملة بين الصين وفيتنام هو الأولوية القصوى لدبلوماسيتها… ونرى أن تطوير العلاقات الثنائية لا ينبغي أن يستهدف أي طرف ثالث أو يضر بالسلام والاستقرار والتنمية والازدهار الإقليمي".

وأضافت: "نطلب من الولايات المتحدة احترام الرغبة المشتركة لدول المنطقة بالاستقرار والتعاون والتنمية، والالتزام بالقواعد الأساسية التي تحكم العلاقات الدولية، والتخلص من عقلية الهيمنة والحرب الباردة عند التعامل مع العلاقات مع الدول الآسيوية".

يصر بايدن على أن الولايات المتحدة لا تهدف إلى بدء "حرب باردة" مع الصين، بل تهدف إلى تحسين العلاقات بين القوتين الرئيسيتين. ومع ذلك، فسرت العديد من وسائل الإعلام الأميركية زيارة بايدن إلى فيتنام على أنها محاولة لمواجهة نفوذ الصين، مما يشير أيضاً إلى أن أهداف واشنطن قد تكون أعمق من مجرد مبادرات دبلوماسية.

هناك بالتأكيد بعض الحقيقة في التفسيرات بأن اهتمام واشنطن برفع علاقاتها مع فيتنام مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالتوترات المستمرة بين الصين والولايات المتحدة. ولولا وجود هذه التوترات، ربما لم تكن واشنطن حريصة على تعزيز علاقاتها مع فيتنام.

ستواجه الاستراتيجيات الأميركية لاحتواء الصين فشلاً مؤكداً

أعربت الولايات المتحدة عن رغبتها في تحسين العلاقات مع فيتنام بشكل بارز خلال زيارة نائبة الرئيس الأمريكي كامالا هاريس إلى هانوي في عام 2021. بينما أظهرت فيتنام موقفاً أكثر استرخاءً لهذه الشراكة، لم تخف الولايات المتحدة إلحاحها في إشراك فيتنام في استراتيجيتها في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، والتي تتخذ "احتواء الصين" كواحد من بنود أجندتها الأساسية.

وتأتي هذه الخطوة أيضاً في وقت تتطلع فيه الولايات المتحدة إلى "إزالة المخاطر" من حالة عدم اليقين الناجمة عن التوترات مع الصين، لا سيما فيما يتعلق بتكنولوجيا أشباه الموصلات والمعادن الأرضية النادرة.

أكد بايدن على التعاون العميق بين الولايات المتحدة وفيتنام في مختلف القطاعات التكنولوجية بما في ذلك الحوسبة السحابية وأشباه الموصلات والذكاء الاصطناعي والطيران، مع تسليط الضوء أيضاً على أهمية فيتنام في توريد المعادن الحيوية. وهذا يدعم خطط الولايات المتحدة للسعي إلى تقليل الاعتماد على الصين وتنويع سلاسل التوريد لتخفيف التوترات المستقبلية بين الصين والولايات المتحدة.

ومع ذلك، فإن تحقيق هذه الأهداف سيكون صعباً ويستغرق وقتاً طويلاً. على سبيل المثال، يعتبر بناء البنية التحتية والخبرة المطلوبة لإنتاج رقائق متقدمة عملية معقدة ستستغرق سنوات.

إذا نجحت الولايات المتحدة في مساعدة فيتنام في تطوير قدراتها على إنتاج أشباه الموصلات، فإن الصين ستكسب وليس تخسر. إذ أن قطاع أشباه الموصلات المزدهر في فيتنام سيسهل جهود الصين لتنويع سلسلة توريد الرقائق، مما يضعف بشكل فعال الاستراتيجيات الأميركية لاحتواء الصين.

الصين وفيتنام ملزمتان بالأيديولوجية الاشتراكية

على الرغم من انخراط فيتنام مع الولايات المتحدة، فإن جوهر الأمر هو أن علاقاتها مع الصين لا تزال لا مثيل لها. ويرتبط البلدان ارتباطاً وثيقاً اقتصادياً، حيث تعد الصين أكبر شريك تجاري لفيتنام. هذا التعاون في سلاسل التوريد والتنمية يعتبر أمراً بالغ الأهمية للاستقرار والازدهار الإقليميين.

يشير الخبراء إلى أن نزاع بحر الصين الجنوبي هو أحد آخر المسائل المتبقية التي لم يتم حلها بين الصين وفيتنام. اتفق الجانبان على معالجة الأمر من خلال المفاوضات، ومن غير المرجح أن تسمح فيتنام الولايات المتحدة لاستخدام نفسها لتقويض أمنها القومي، نظراً إلى علاقاتها التجارية العميقة والأيديولوجية الاشتراكية المشتركة مع الصين.

وفي حين أن الولايات المتحدة قد تسعى إلى الاستفادة من موقع فيتنام الاستراتيجي وإمكاناتها الاقتصادية في استراتيجيتها في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، فإن فيتنام لن تسمح لمثل هذه المشاركة بتقويض علاقاتها التاريخية والاقتصادية مع الصين. تتماشى رغبة فيتنام في لعب دور في تنويع سلسلة التوريد مع المصالح الإقليمية لضمان استقرار ومرونة سلاسل التوريد.

تأثرت العلاقات التاريخية بين فيتنام والولايات المتحدة بالفظائع وجرائم الحرب خلال حرب فيتنام. وتستمر التأثيرات عبر الأجيال لهذه الأحداث على تطور علاقات الطرفين.

تدرك هانوي أن الاختلافات الأيديولوجية تمثل تحدياً هيكلياً في علاقاتها مع واشنطن. لذلك، لا يزال الحفاظ على شراكة مستقرة ووثيقة مع الصين أمراً بالغ الأهمية لتحقيق تطلعات فيتنام الاشتراكية. في حين أن شراكة فيتنام مع الولايات المتحدة قد تتطور باستمرار، إلا أنها لن تقارن أبداً عمق وصلابة علاقات فيتنام مع الصين القائمة على التاريخ المشترك والثقة المتبادلة.

 

نقلتها إلى العربية: وانغ مو يي.