"ذي أتلانتك": ترامب ينتقل إلى مرحلة الإحراق للحفاظ على السلطة

أظهر المؤتمر الصحافي للرئيس ترامب في البيت الأبيض أنه يعلم أن احتمالات إعادة انتخابه تتلاشى، وأنه سيحاول أي شيء للحفاظ على السلطة.

  • الرئيس ترامب خلال مؤتمره الصحافي. الصورة لوكالة أسوشيتد برس.
    الرئيس ترامب خلال مؤتمره الصحافي. الصورة لوكالة أسوشيتد برس.

كتب راسيل بيرمان في مجلة "ذي أتلانتيك" الأميركية أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب رفع ليلة أمس خطر الوقوع في أزمة دستورية إلى مستوى جديد. فقد أصدر سلسلة غير عادية من التهم التي لا أساس لها بشأن الانتخابات التي هو على وشك خسارتها، بزعمه أن الديمقراطيين كانوا يسرقون الأصوات، وأن وسائل الإعلام قد نشرت عمداً "استطلاعات زائفة" لقمع إقبال الجمهوريين، وأن المسؤولين "الفاسدين" في ديترويت وفيلادلفيا كانوا يجدون أصوات الديمقراطيين لتقليص تقدمه المفترض.

وقال الكاتب إنها أشياء مروعة أن يقولها رئيس وهو في المنصب. فقد هدد "بالكثير من التقاضي" وأعرب عن أمله في أن تنقذه المحكمة العليا، التي تتمتع الآن بأغلبية 6–3 من المحافظين بفضل تعييناته. لكن على الرغم من كلماته القتالية، فإن لغة جسده كانت تقول لهجة مختلفة تماماً. فقذ قرأ من بيان مُعد سلفاً، وبالكاد نظر إلى الكاميرات، كان صوته رتيباً خالياً من الحيوية التي يستخدمها أمام الآلاف من الناس في التجمعات. فأكثر الموالين المخلصين للرئيس يستجيبون بشكل أفضل لطاقته، للعاطفة العالية المستوى، والغضب الساطع أحياناً. لكن كلامه ليل أمس لا يحتوي على أي من ذلك. ترامب هو رجل الاستعراض الذي يقدّر العرض على أي شيء آخر، ويشاهد مقابلاته مع الصوت، وينتقد المظاهر بدقة، ويشهر بخصومه بأنهم "نائمون" وذوي "طاقة منخفضة". عندما يعود ترامب لمشاهدة أدائه ليلة أمس، سيرى مندوب مبيعات لم يكن يجيد البيع.

ما يهم، بالطبع ، ليس ما يقوله ترامب، أو كيف يقوله ، ولكن ما يفعله - وما يفعله أنصاره بناء على طلبه.

لقد ألقى ترامب الخطاب الذي كان خصومه يخشونه، وهو الخطاب الذي أشار إلى أنه قد يستخدم الأدوات الكبيرة المتاحة له - آلية الحكومة، وحلفاء جمهوريين راغبين، ومحاكم محافظة ممتثلة - للتمسك بالسلطة وإحباط إرادة الناخبين. قد يتابع ترامب هذا المسار جيداً، لكن حجته كانت غير منطقية إلى حد كبير، وشكاواه من العد المتأخر لأوراق الاقتراع بالبريد - على الرغم من أنها قديمة كما هي في هذه المرحلة - تنبع من ديناميكيات خلقها حلفاؤه. فقد أدت المخاطر الصحية للوباء إلى زيادة الاهتمام بالتصويت عن طريق البريد، وأدت هجمات ترامب على نزاهة الممارسة إلى انحراف حزبي كبير في الأشخاص الذين استفادوا من هذا الخيار. ففي ولايات مثل بنسلفانيا، توسل الديمقراطيون للجمهوريين الذين يسيطرون على الهيئة التشريعية للسماح لمسؤولي المقاطعة بالبدء في فرز الأصوات المبكرة قبل يوم الانتخابات لضمان نتيجة سريعة، كما يفعلون في الولايات التي يقودها الحزب الجمهوري مثل فلوريدا، والتي فاز بها ترامب. لكن هؤلاء المشرعين رفضوا.

في قناة "فوكس نيوز"، وصف جون روبرتس تصريحات ترامب بأنها كلمات رجل كان يخسر ويحاول التمسك بالسلطة. حتى صحيفة "نيويورك بوست" الموالية له وصفت الرئيس بأنه "محبط" واتهاماته بأنها بـ"لا أساس". كان المتحدثون على قناة CNN أكثر ذبولاً: اعتبر جيك تابر مظهر ترامب وصمة عار. وقال للمشاهدين "كنا نعلم أن الرئيس لن يخسر بلباقة إذا خسر. لكن بصراحة، مشاهدته وهو يسقط هكذا أمر مثير للشفق". وقال المدافع الاسمي الوحيد لترامب على الشبكة، السناتور السابق ريك سانتوروم، إن اتهامات الرئيس كانت بلا أساس و"خطيرة". 

مشرعو الحزب الجمهوري لم يقبلوا مزاعم ترامب كذلك. وغرد السناتور ميت رومني من ولاية يوتا، الجمهوري الوحيد الذي صوت لإقالة الرئيس من منصبه في وقت سابق من هذا العام، قائلاً: إن "عد كل صوت هو من صميم الديمقراطية". 

وحض سبنسر كوكس، حاكم ولايته الذي سيصبح قريباً، الأمريكيين على عدم تصديق "المزاعم التي لا أساس لها والتي تدمر الثقة في العملية". 

وقال النائب ويل هيرد من تكساس إن خطاب الرئيس "لم يكن خطيراً وخاطئاً فحسب، بل إنه يقوّض الأساس ذاته الذي قامت عليه هذه الأمة".

وكما أشار سانتوروم كان هناك خطر في رسالة ترامب. فإذا أظهرت الانتخابات أي شيء، فهو أن هناك ملايين الأميركيين الذين يتمسكون بكل كلمة للرئيس، والذين، حتى لو ترك البيت الأبيض في نهاية المطاف، سيعتقدون أن هزيمته كانت نتيجة تزوير. وبين المحافظين، هناك حديث بالفعل عن مطالبة الجمهوريين في المجلس التشريعي لولاية بنسلفانيا بنقض الإرادة الشعبية وتقديم ناخبيهم (إلى المجمع الانتخابي) نيابة عن ترامب. (أكد أحد كبار مشرعي الحزب الجمهوري في الولاية، من خلال متحدث، أنهم لن يفعلوا ذلك). 

وعندما سئل عما إذا كان يتعين على الجمهوريين في الولاية "إبطال" الانتخابات، أجاب السناتور ليندسي غراهام من ساوث كارولينا: "أعتقد أن كل شيء يجب أن يكون على الطاولة". 

لم يقتحم أنصار ترامب الشوارع بأعداد كبيرة، لكنهم تجمعوا خارج مكاتب الانتخابات في ديترويت وفيلادلفيا وأماكن أخرى للاحتجاج على فرز الأصوات القانونية. وقال مسجل مقاطعة كلارك بولاية نيفادا، جو غلوريا، للصحافيين اليوم إنه "قلق على سلامة الموظفين".

ولم يشر الرئيس ترامب إلى أنه يهتم بأي من ذلك. أثناء حديثه ليلة أمس، استمرت الأرقام القياسية التي يمكن أن تدل على هزيمته في الظهور - بضعة آلاف أخرى من الأصوات لجو بايدن في جورجيا، وبعد ذلك بوقت قصير، ظهر بضعة آلاف من تقدم ترامب في ولاية بنسلفانيا. وبدا أن الرئيس يعرف أن النهاية قادمة. وبينما كان يبتعد، صرخ أحد المراسلين وراءه: "هل أنت خاسر حزين؟" تجاهله ترامب وغادر الغرفة.

ترجمة: هيثم مزاحم - الميادين نت

بعد 4 سنوات من ولاية الرئيس دونالد ترامب يخوض الأخير انتخابات جديدة للفوز بولاية ثانية، فيما يخوض الديمقراطيون معركة العودة إلى الرئاسة مستفيدين من أخطاء ترامب والمشاكل التي أغرق فيها أميركا.