"نيويورك تايمز": ركود في السياسة الداخلية الأميركية برغم الأزمات المستعرة

لا يزال العديد من الملايين من الجمهوريين يرفضون الحصول على لقاحات فيروس كورونا، ويدينون حملة التطعيم التي تقوم بها إدارة بايدن.

  • حرائق في غرب كندا وكاليفورنيا بسبب موجة حر
    حرائق في غرب كندا وكاليفورنيا بسبب موجة حر

كتبت ماغي أستور مقالة في صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية تناولت فيها الركود في السياسة الداخلية الأميركية قائلة إنه أصبح من الصعب جداً تجاهل صفارات الإنذار.

وقالت الكاتبة إن حرائق الغابات قد اشتعلت في جميع أنحاء غرب الولايات المتحدة وكندا، مما أدى إلى انتشار الدخان على نطاق واسع لدرجة أن الشمس تحولت إلى اللون الأحمر ولسعت أعين الناس وحناجرهم في أقصى الشرق مثل نيويورك. إحدى الحرائق كبيرة جداً إلى درجة أنها تولّد طقساً خاصاً بها. لقد عانى الغرب من موجته الحارة الرابعة في أقل من شهرين. 

ترتفع أعداد حالات الإصابة بفيروس كورونا مرة أخرى على الصعيد الوطني، ومعظمها بين الأشخاص غير المحصنين، وتشهد ولايات مثل فلوريدا وميسوري زيادات مدمرة ومميتة.

ولكن، على الرغم من الأزمات المستعرة، تبدو عجلات الحكومة الأميركية عالقة كما كانت دائماً. ويرجع ذلك جزئياً إلى شدة الاستقطاب الأميركي بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي، وجزئياً لأن أعضاء الكونغرس الجمهوريين ظلوا معارضين حتى لبعض الإجراءات التي تظهر استطلاعات الرأي أن أغلبية من الناخبين من مؤيدي الحزبين يؤيدونها، مثل قيود أكثر صرامة على محطة توليد الكهرباء وانبعاثات المركبات.

لا يمكن تخيّل اتخاذ إجراء كبير بشأن تغيّر المناخ إلا من خلال الإجراءات التنفيذية التي يتخذها الرئيس جو بايدن ومشروع قانون تسوية الموازنة. وحتى مثل هذه الإجراءات قد لا تكون طموحة بما يكفي للوفاء بأهداف الأمة المناخية.

لا يزال العديد من الملايين من الجمهوريين يرفضون الحصول على لقاحات فيروس كورونا، ويدينون حملة التطعيم التي تقوم بها إدارة بايدن. لقد فعلوا ذلك حتى في الوقت الذي توضح فيه روايات العاملين في المجال الطبي في الولايات الأكثر تضرراً مدى الضرر الرهيب الذي يلحقه متغير "دلتا" بالأشخاص غير المحصنين.

وقالت جيم إي. سيتل، أستاذ مشارك في الحكومة ومدير الشبكات الاجتماعية ومختبر علم النفس السياسي في كلية ويليام وماري، إن المشكلة تكمن في أنه، في عصر الاستقطاب، "لدى النخب السياسية كل الحافز لتسييس هذه الأشياء في وقت مبكر، وبالتالي فإن الأشخاص الذين ينتبهون للسياسة يلتقطون الإطار الذي يستخدمه المسؤولون المنتخبون ووسائل الإعلام". 

وأضافت سيتل: "حتى الأحداث الكارثية والمرئية للغاية مثل حرائق الغابات وموجات الحرارة لا تحرك الأمر بالضرورة، لأن ما يحدث هو أن الناس يفسّرون هذه الأحداث من الإطار الذي بدأوا به. لذلك إذا بدأ الشخص في عدم تصديق العلم الراسخ لتغيّر المناخ الذي يقوده الإنسان، فمن المحتمل أن ينظروا إلى الدليل الأخير لتغيّر المناخ "ويقولون: (حسناً، هذا ليس دليلاً أو إنه دليل ولكن لا يمكن لوم البشر على ذلك".

وقالت جوان فريمان، أستاذة التاريخ والدراسات الأميركية في جامعة يِل والتي تدرس الاستقطاب السياسي والعنف السياسي، "إن بيئة اليوم تذكرنا بالعصور السابقة للانقسام الشديد، بما في ذلك تسعينيات القرن التاسع عشر وخمسينيات القرن التاسع عشر وستينيات القرن العشرين". وأضافت: "هناك شيء تشترك فيه تلك الفترات هو عندما تكون الأمور مستقطبة إلى هذا الحد، يكون هناك نقص في الثقة في أي شيء تقريباً - نقص الثقة في المعلومات، ونقص ثقة كل جانب في الآخر، وانعدام الثقة في المؤسسات الوطنية وقدرتها". 

وقالت فريمان: "على الرغم من أن هذه الأشياء تحدث أمامنا مباشرة، فإن الكثير من الناس لا يثقون في المعلومات التي يحصلون عليها. لا يمكنك تجاوز انعدام الثقة الأساسي للوصول إلى الحقائق أو حتى الوصول إلى أشياء ذات أهمية قصوى". وأضافت: "إذا كنت لا تثق بالمشرعين ولا تثق في الصحافة ولا تثق في الأشخاص في مناصب السلطة خارج المجال الصغير الذي يتصرفون فيه، فكيف يمكنك جذب الناس في العالم معاً للتصدي لشيء أكبر؟".

كما كتب أليكس بيرنز في "نيويورك تايمز" هذا الشهر، فإن الأحداث الزلزالية التي كان من شبه المؤكد أنها ستغيّر السياسة الأميركية في العصور الماضية لا تحدث أي تأثير اليوم. قد نكتشف قريباً "ما إذا كان الناخبون الأميركيون لا يزالون قادرين على إحداث تحولات واسعة النطاق في الرأي".

وأوضحت سيتل أنه فيما يتعلق بإمكانية تغيير آراء شخص ما - أو قبول الحقائق - من خلال المحادثات الشخصية، "فإن التحدي يكمن في أننا نميل إلى بناء حججنا على ما قد يغيّر عقولنا، وليس على ما قد يغيّر آراء شخص آخر. وليس لدينا حتى منتديات جيدة لإجراء هذه المحادثات فيها".

وقالت سيتل: "هناك مجموعة صغيرة ولكنها متزايدة من الأبحاث حول كيف يمكن أن تكون قادراً على إعداد تفاعلات عبر الإنترنت لجعلها أفضل، ولكن نوع الخيارات الأساسية التي لدينا حالياً على وسائل التواصل الاجتماعي وسلاسل التعليقات هي مجرد كارثة". 

نقله إلى العربية بتصرف: الميادين نت