3 وظائف غير كافية.. مصريون يشكون ارتفاع الأسعار وتدني المدخول

بعد ارتفاع الأسعار في الأسواق المصرية بصورة كبيرة، نتيجة التضخم، عمد كثيرون من المصريين إلى البحث عن فرص عمل إضافية، إلى جانب أعمالهم الأساسية، من أجل رفع نسبة مداخيلهم الشهرية، حتى يتمكنوا من تلبية احتياجاتهم الأساسية.

  • 3 وظائف غير كافية.. مصريون يشتكون من ارتفاع الأسعار وتدني المدخول
    3 وظائف غير كافية.. مصريون يشكون ارتفاع الأسعار وتدني المدخول

تشهد مصر، اليوم، تضخماً كبيراً بسبب تغير سعر صرف الدولار، والذي يتأرجح في السوق السوداء بين 40 جنيهاً (في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي) و50 جنيهاً (في كانون الأول/ديسمبر الماضي)، ليتخطى، في مطلع العام، 60 جنيهاً. ولا يزال يرتفع، مسجلاً أكثر من 70 جنيهاً، قبل أن يعاود الهبوط، منذ أيام، إلى 54 جنيهاً، في مقابل السعر الرسمي المستقر عند نحو 31 جنيهاً في البنوك المصرية (9 شباط/فبراير).

هذا الأمر يؤثر مباشرة في أسعار السلع والخدمات في مصر، حتّى إن البعض أصبح لديه هوس في شراء كميات كبيرة من السلع، قبل أن تشهد ارتفاعاً مرتقباً في سعرها في شهر رمضان المقبل. ويأتي هذا مع ثبات نسبي في مداخيل المصريين، فالتحدي بات كبيراً في أن تحافظ الأُسَر المصرية على استقرارها خلال الفترة المقبلة.

هذا الواقع المستجد دفع كثيرين من المصريين إلى البحث عن فرص عمل إلى جانب أعمالهم الأساسية، من أجل رفع نسبة مداخيلهم الشهرية، حتى يتمكنوا من تلبية احتياجاتهم الأساسية، بعد أن وصل سعر كيلو اللحم البقري، في بعض مناطق مصر، إلى 360 جنيهاً، أي أكثر من 11 دولاراً (وفقاً للسعر الرسمي)، ليشهد ارتفاعاً في سعره تخطى 300% منذ عام 2014. وارتفع سعر كيلو الفول بالنسبة نفسها خلال المدة ذاتها، ليصل إلى 40 جنيهاً، أي 1.30 دولار.

3 وظائف غير كافية

تشكو أميرة غلاء المعيشة، وخصوصاً في الأشهر الأخيرة، بعد توالي الانخفاضات المتكررة لسعر صرف الجنيه، الأمر الذي جعل تسيير شؤون حياتها وأسرتها صعباً جداً. فهي أم تُعيل طفلين، وتتقاضى راتباً عن زوجها المتوفى قيمته 1500 جنيه (50 دولاراً وفق السعر الرسمي)، وهو يُعَدّ رقماً زهيداً نسبة إلى الغلاء الفاحش في الأسواق.

لجأت أميرة إلى عدة وظائف لتسد رمق الأسرة. فإلى جانب عملها في وظيفة حكومية نهاراً، تعود إلى المنزل عصراً لتبدأ وظائف أخرى، منها صناعة الشمع والرايزن والإكسسوارات، بالإضافة إلى امتهانها الكتابة والتأليف.

تقول أميرة لـلميادين نت: "أحب الأشغال اليدوية منذ صغري، وكنت أصنعها لي ولأهلي، لكن حالياً أصنع الرايزن، بالإضافة إلى منتوجات من الشمع، وأبيعها عبر الإنترنت".

الربح ليس كافياً، ولا تستطيع الاعتماد عليه، لأنها تسوّقه عبر الإنترنت فقط. فإلى جانب عملها الأساسي صباحاً في الوظيفة الحكومية، وليلاً في الكتابة والمونتاج، لا تزال تحتاج إلى الكثير لتصل إلى الحد الأدنى، الذي يحميها من الاقتراض كل شهر، لتُعِيل طفليها.

تعلّق أميرة على الأوضاع الحالية قائلة: "إحنا ناس إللي مفروض بيقولوا عنا طبقة متوسطة، وطول عمرنا عايشين كويس، لكن الفترة دي من أصعب الفترات، ومحتاجين الحد الأدنى، إلّي هو 15 ألف جنيه".

وفقاً لمشروع الموازنة العامة للدولة (2024/2023) المقدَّم من وزير المالية محمد معيط، أخذت معدلات التضخم في الارتفاع، ووصلت إلى 32.7% في آذار/مارس 2023، الأمر الذي أدى إلى أن يتخذ البنك المركزي قراراً يقضي برفع سعر الفائدة إلى 2% خلال الشهر نفسه، لترتفع من 17.75% إلى 18.75%، من أجل السيطرة على الضغوط التضخمية السائدة.

وأضاف التقرير أن معدلات التضخم سجلت متوسطاً سنوياً مقداره 13.8% في عام 2022، و5.9% في عام 2021. وارتفعت أسعار معظم السلع مؤخراً، وخصوصاً بعد ارتفاع سعر الصرف، الأمر الذي أثّر بصورة خاصة في أسعار السلع الغذائية ومستلزمات الإنتاج، بصورة عامة.

لا حقوق وظيفية في الأعمال الحرة

قانون العمل المصري لا يمنع العمل في أكثر من وظيفة، لكن واحدة منها فقط سيحصل خلالها العامل على كل الحقوق التي يشرعها الدستور والقانون، مثل التأمينات الاجتماعية والخدمة الطبية وغيرها. لذلك، فإن أغلبية العاملين في أكثر من وظيفة تُبقي الأمر سراً، أو تُضطرّ إلى التنازل عن حقوقها في بعض الوظائف، في مقابل استقرار الوظائف الأخرى.

وعلى رغم أنه، في ختام العام الماضي، أقر المجلس القومي للأجور رفع الحد الأدنى، بدءاً من كانون الثاني/يناير للعام الجديد، ليصل إلى 3500 جنيها (نحو 113 دولاراً، وفقاً للسعر الرسمي)، بدلاً من 3000 جنيه، فإن الكثيرين لا يزالون لا يتلقون الحد الأدنى هذا.

ويتزامن ذلك مع مشروع قانون مقترح يناقشه البرلمان بشأن ضريبة الدخل وتغيرات قد تحدث خلال الأشهر المقبلة فيها، ليتم إعفاء كل من دخله أقل من 30 ألف جنيه (أقل من 1000 دولار).

أيمن سالم، شاب ثلاثيني من محافظة بور سعيد، توقف عمله في مجال التنمية قبل فترة وجيزة، فاضطُرّ إلى العمل في إحدى المكتبات في المحافظة. ولأن راتبه غير كافٍ، لجأ إلى العمل في أحد المصانع، بالإضافة إلى استغلاله موهبة اكتشفها عن طريق الصدفة في صنع أعمال يدوية.

يتقاضى أيمن شهرياً من عمله في المصنع ما يوازي 129 دولاراً شهرياً (وفق السعر الرسمي)، وهو بالتأكيد لا يكفيه في تلبية احتياجاته الأساسية. أما في عمله في الأشغال اليدوية، من خلال صناعة الحقائب المطبوعة، فيقدَّر متوسط دخله منها بـ50 دولاراً شهرياً.