هالير الذي انتصر بالإرادة

قاد سيباستيان هالير أمس منتخب كوت ديفوار للتأهّل إلى المباراة النهائية في بطولة أمم أفريقيا 2023. هو نفسه اللاعب الذي كان يعاني قبل نحو عام من مرض السرطان وابتعد عن الملاعب.

  • هالير بعد تسجيله هدفه أمس (Getty Images)
    هالير بعد تسجيله هدفه أمس (Getty Images)

قبل مباراة كوت ديفوار أمام الكونغو، أمس، في نصف نهائي بطولة أمم أفريقيا 2023، لم يكن سيباستيان هالير قد سجّل أيّ هدف في البطولة. كان هذا كثيراً على لاعب مهاجم وهدّاف وتنتظر منه بلاده وشعبها الكثير خصوصاً أنها تستضيف البطولة، أي أنها بحاجة إلى أهدافه بعد التأهّل غير المتوقّع من المركز الثالث في دور المجموعات.

لكن في مباراة نصف النهائي أمس "خرج المارد من قمقمه" وقال كلمته، إذ تمكّن هالير من تسجيل هدف الفوز الوحيد لمنتخب كوت ديفوار ليؤهّله إلى المباراة النهائية حيث سيلعب أمام منتخب نيجيريا. هدف يساوي بطولة.

هكذا وبين ليلة وضحاها تحوّل هالير إلى "بطل قومي" في كوت ديفوار وصنع فرح شعبه الذي يتوق إلى العودة للتتويج بلقب بطولة أمم أفريقيا خصوصاً أنها على أرضه.

بالتأكيد لا يمكن وصف شعور هالير بهذا الهدف الذي قاد به منتخب بلاده إلى المباراة النهائية. بعد المباراة تحدّث عن الفخر بهذا الإنجاز، ولا سيما أنّ قلّة كانوا يتوقّعون وصول منتخب كوت ديفوار إلى المباراة النهائية وإمكانية تتويجه باللقب، ولو أن البطولة على أرضه، وذلك لوجود الكثير من المنتخبات القوية مع أفضل النجوم.

لكن ما يجب قوله قبل كل شيء هو أن إرادة هالير هي التي انتصرت، إذ لا يمكن أن ننسى أن هذا اللاعب كان قبل نحو عام يعاني من مرض السرطان.

حينها اكتشف هالير المرض بعد أيام فقط من قدومه إلى فريق بوروسيا دورتموند. أي أنه كان قادماً إلى مرحلة جديدة في مشواره الكروي مع طموح لا أفق له في فريق من أقوى الفرق في الكرة الأوروبية. لم يكن الأمر سهلاً. ترك هالير كلّ شيء. ترك طموحه وترك الملعب وتسجيل الأهداف وأصبح زائراً دائماً للمستشفيات، حيث أجرى عمليتين جراحيتين إضافة إلى العديد من جلسات العلاج الكيماوي.

هكذا تحوّلت حياة هالير من الفرح بتسجيل الأهداف إلى الوجع بسبب المعاناة من المرض. ضاق العالم عليه بما رحب. تحوّل العشب الأخضر في الملعب الذي كانت تسرّ به عيناه إلى سرير في المستشفى وماكنات علاج تقسو على جسده الذي كان شامخاً في الملاعب.. كثُرت المتاعب.

تحدّث هالير حينها عن صعوبة ما كان يمرّ به خصوصاً عندما انتشرت صوره في فترة علاجه وشاهدها أطفاله. بدا ذاك اللاعب القوي بنظر كل من عرفه في مشهد "ضعف" لم يعرفه. قال حينها: "إنها اللحظات الأقسى".

غير أن هالير سرعان ما استعاد طموحه لكن في مهمة غير الكرة، وأسبغه بالإرادة التي تحتاجها حالته. استعاد شموخه. انتصر في النهاية. تمكّن من أن يقهر المرض وغلبه بتعافيه منه. عاد إلى أسرته وإلى الملعب كما لو أنه "وُلد من جديد"، تماماً كما كان أمس بهدفه، بعد غياب عن التسجيل، يعود من بعيد.

"إنها اللحظات الأقسى"، تلك الجملة التي قالها هالير في فترة مرضه، تحوّلت أمس إلى "اللحظات الأحلى" بعد تسجيله هدفه. الإرادة تصنع المستحيل.