بوتين في مواجهة النازيين الجدد

 أدت الولايات المتحدة دوراً محورياً في إعادة النازيين إلى المشهد السياسي، منهم على سبيل المثال العالم الألماني النّازي الّذي أصبح مدير "ناسا" فيرنر فون براون.

  • هاجم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الستراوسيين منذ بداية العملية العسكرية بصراحة
    هاجم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الستراوسيين منذ بداية العملية العسكرية بصراحة

أدى الستراوسيون دوراً محورياً في الأزمة الأوكرانية منذ العام 2014 وحتّى الآن. تعتبر هذه الفرقة من أتباع الفيلسوف الألماني الشهير ليو ستراوس (1899 - 1973). ارتكب هؤلاء عدة جرائم منذ نشأتهم قبل نصف قرن، فما هو تاريخ هذه الفرقة؟ وما مدى تأثيرها في الحرب القائمة حالياً في أوكرانيا؟

هاجم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الستراوسيين منذ بداية العملية العسكرية في أوكرانيا بصراحة، ووصف حكام كييف بزمرة من المخدّرين والنيونازيين، وهو ما يقودنا إلى الدور الذي أداه أتباع ليو ستراوس في انقلاب العام 2014 الذي أتى بالنازيين الجدد إلى الحكم.

قام الفيلسوف ليو ستراوس، وهو ألماني من أصل يهودي سافر إلى الولايات المتحدة مع صعود النازية في ألمانيا، بإنشاء فرقة صغيرة من التلاميذ الأوفياء. فسر ستراوس لتلاميذه أنَّ الوسيلة الوحيدة لحماية اليهود من إبادة جديدة هي تكوينهم دكتاتورية تابعة لهم.

قام الستراوسيون بتشكيل فريق سياسي في العام 1972، تكوّن من إليوت أبرامز وريتشارد بيرل وبول ولفويتز، وهم من أتباع النائب الديمقراطي هنري جاكسون. وقد تعاملت هذه الفرقة مع مجموعة من الصحافيين التروتسكيين اليهود، وكانت المجموعتان على اتصال وثيق بوكالة الاستخبارات المركزيّة "CIA". تزوَّج الستراوسيون من بعضهم البعض، وكوَّنوا مجموعة تضم حوالى 100 شخص. 

خلال فترة حكم باراك أوباما، تواجد الستراوسيون في مكتب نائب الرئيس جو بايدن. أدى مُستشار بايدن في شؤون الأمن القومي جايكوب سوليفان دوراً أساسياً في حروب "الربيع العربي"، وخصوصاً في ليبيا وسوريا، وركَّز أحد مُستشاريه أنطوني بلينكن على أفغانستان وباكستان وإيران.

قام الستراوسيون بتنظيم انقلاب على النظام في كييف في العام 2014. وقد أدى جو بايدن وفيكتوريا نولاند دوراً رئيسياً في تنصيب النازيين الجدد في الحكم. لقد سعت حكومة يانوكوفيتش الوسطية في أوكرانيا خلال فترة حكمها الممتدة من العام 2010 وحتى العام 2014 لأداء دور وسطي لأوكرانيا بين جارتها روسيا والولايات المتحدة، لكن واشنطن، وبضغط من الستراوسيين بزعامة فيكتوريا نولاند، قادت انقلاباً على النظام الأوكراني الشرعي لتنصيب النازيين الجدد في الحكم.

 أدت الولايات المتحدة دوراً محورياً في إعادة النازيين إلى المشهد السياسي، منهم على سبيل المثال العالم الألماني النّازي الّذي أصبح مدير "ناسا" فيرنر فون براون، ومستشار أدولف هتلر الخاصّ لشؤون النّظام الجديد في أوروبا والتر هالشتاين، الذي أصبح أوّل رئيس للمفوّضية الأوروبية. وعملت شخصيات نازية كبيرة، مثل كلاوس باربي، الذي شارك في اغتيال تشي غيفارا، لحساب وكالة الاستخبارات المركزية "CIA".

 استخدمت وكالة الاستخبارات المركزية النازيين خلال فترة الحرب الباردة. وقد اعتمدهم الرئيس رونالد ريغن لمضايقة الاتحاد السوفياتي. لذلك، كان من المنطقي أن تنظم "CIA" في العام 2007 مؤتمراً يجمع النيونازيّين الأوروبيّين والمسلحين الشّرق أوسطيّين المُعادين لروسيا. ترأّس النّازي الأوكراني دميترو ياروش والأمير الشّيشاني دوكو أوماروف المُؤتمر، وحارب النازيون الجدد والجهاديون سوياً في سبيل إقامة إمارة إتشكيريا الإسلامية عوضاً عن الجمهورية الشّيشانيّة.

قام الناتو في العام 2013 بتدريب رجال ديمتري ياروش على فنّ قتال الشوارع في بولندا، ليتم إثر ذلك تجييشهم في عملية الانقلاب التي قادتها الستراوسية فيكتوريا نولاند في أوكرانيا في العام 2014، والتي تم إثرها تنصيب النازيين الجدد في الحكم.

 دفع وجود 5 وزراء نازيّين في الحكومة الانتقالية منطقتَي دونيتسك ولوغانسك إلى تنظيم استفتاءين أدّيا إلى إعلان استقلالَيهما. انتشرت الفصائل النازية على حدود الجمهوريّتَين الشّعبيّتَين الجديدَتَين ضمن وحدات عسكرية، وموّل هذه الفصائل النّيونازيّة عرّاب المافيا المحلّيّة إيغور كولومويسكي.

قام كولومويسكي بصناعة رجل سياسي جديد عبر إخراج برنامج تلفزيوني يحمل اسم "خادم الشّعب"، كان الممثّل الرّئيسي فيه فولوديمير زيلينسكي. عندما انتخب الأخير رئيساً تزامناً مع عودة الستراوسيين إلى الحكم في البيت الأبيض بعد انتخاب بايدن رئيساً، تم إحياء ذكرى ستيبان بانديرا؛ قائد المُتعاونين مع النّازيّين خلال الحرب العالمية الثانية.

وقد تبنّى زيلينسكي فكرة بانديرا الَّذي يرى أنَّ الشعب الأوكراني هو بالأساس من أصل جرماني، وهو ما يعني استبعاد السلاف الأوكرانيين واعتبارهم أقلّ شأناً من الجرمان. كما أدى الستراوسيون دوراً مهماً في التمييز بين الجنسين الجرماني والسلافي في أوكرانيا.

 ارتكبت الفصائل النازية خلال 7 أعوام جرائم مروعة بحقّ سكان دونباس من دون أن يحرك الغرب ساكناً، ورغم دعوة بوتين المتكررة للعودة إلى اتفاقية مينسك من دون جدوى. كما عيّن زيلينسكي دميترو ياروش مستشاراً خاصّاً لقائد الجيوش فاليري زالوزنيه بطلب من فيكتوريا نولاند. 

أعاد ياروش تنظيم النّيونازيّين، فكوّن منهم فرقتَين وعدّة مجموعات مُرابِطة في المُدُن. أعطى ياروش الأمر بإطلاق هجومٍ واسعٍ ضدّ منطقة دونباس، وهو ما جرَّ روسيا إلى التدخل عسكرياً لحماية سكانها من النازيين.

نصّب الستراوسيون النازيين الجدد في الحكم في أوكرانيا بهدف محاصرة بوتين، لكن روسيا كقوة عظمى لا يمكن أن تصمت عن استفزازات حلف الناتو لها، والرد المناسب للغرب لا يمكن إلا أن يكون عسكرياً.

حلف الناتو يحاول التمدد باتجاه الشرق قرب حدود روسيا، عن طريق ضم أوكرانيا، وروسيا الاتحادية ترفض ذلك وتطالب بضمانات أمنية، فتعترف بجمهوريتي لوغانسك ودونيتسك، وتطلق عملية عسكرية في إقليم دونباس، بسبب قصف القوات الأوكرانية المتكرر على الإقليم.