"الغارديان" تكشف عن ألفي حالة وفاة للاجئين مرتبطة بانتهاكات لدول أوروبية

توصل تحليل لصحيفة "الغارديان" إلى أن دول الاتحاد الأوروبي استخدمت أساليب وحشية لمنع نحو 40 ألف طالب لجوء من عبور الحدود.

  • دورية إنقاذ مهاجرين من خفر السواحل التركي في بحر إيجه.
    دورية إنقاذ مهاجرين من خفر السواحل التركي في بحر إيجه.

كشف تقرير لصحيفة "الغارديان"  البريطانية كتبه لورينزو توندو أن دولاً أعضاء في الاتحاد الأوروبي قد استخدمت عمليات غير قانونية لإبعاد 40 ألف طالب لجوء على الأقل عن حدود أوروبا خلال وباء كورونا، مسببة موت أكثر من ألفي شخص.

وقالت الصحيفة إنه في واحد من أكبر عمليات الطرد الجماعي في عقود، أعادت دول أوروبية، مدعومة من وكالة الحدود في الاتحاد الأوروبي – فرونتكس، بشكل منهجي لاجئين بالآلاف، بينهم أطفال، مستخدمة تكتيكات غير قانونية تراوحت من الاعتداء إلى الوحشية خلال الاحتجاز أو النقل.

يقوم تحليل "الغارديان" على  تقارير منشورة لوكالات الأمم المتحدة، مدمجة مع بيانات حوادث جمعتها منظمات غير حكومية. وبحسب جمعيات خيرية، فإنه مع ظهور وباء كوفيد-19، ازداد انتظام ووحشية ممارسات الدفع والإبعاد. 

ويأتي هذا الكشف في وقت أطلقت فيه منظمة "أولاف" وهي هيئة لمراقبة مكافحة الاحتيال في الاتحاد الأوروبي، تحقيقاً في عمل "فرونتكس"، وكالة الحدود الأوروبية،  بشأن مزاعم عن تحرشات وسوء سلوك وعمليات غير القانونية كانت تهدف إلى منع طالبي اللجوء من الوصول إلى شواطئ الاتحاد الأوروبي.

وبحسب المنظمة الدولية للهجرة، فإن مئة الف مهاجر وصلوا إلى أوروبا عام 2020 عبر البحر والبر، مقارنة بـ130 ألفاً وصلوها في عام 2019، و190 ألفاً في 2017.

ومنذ كانون الثاني / يناير 2020، وبرغم انخفاض الأرقام، فإن إيطاليا ومالطا واليونان وكرواتيا وإسبانيا قد سرّعت أجندتها القاسية للهجرة. ومنذ فرض الإغلاق الجزئي أو الكلي للحدود لوقف تفشي فيروس كورونا، دفعت هذه الدول (أموالاً) لدول غير أعضاء في الاتحاد الأوروبي وجندت سفناً خاصة لاعتراض القوارب المعرضة للخطر في البحر ودفع الركاب إلى مراكز الاحتجاز. وقد ردت تقارير متكررة عن تعرض أشخاص من المهاجرين للضرب والسرقة وتجريدهم من ملابسهم عند الحدود أو تركهم في البحر.

في عام 2020، قامت كروتيا، التي تراقب شرطتها أطول حدود خارجية للاتحاد الأوروبي، بتكثيف العنف المنهجي وإرجاع المهاجرين إلى البوسنة. وقد أحسى المجلس الدنماركي للاجئين إرجاع نحو 18 ألف مهاجر من قبل كرواتيا منذ بداية الوباء. وخلال السنة الماضية ونصف السنة، جمعت "الغارديان" شهادات مهاجرين ادعوا أنه تم ضربهم وسرقتهم والإساءة الجنسية بحقهم وتعريتهم من قبل الشرطة الكرواتية. وقال بعض المهاجرين إنه تمت رسم صلبان على رؤوسهم من قبل ضباط شرطة قالوا إن العلاج هو "علاج ضد فيروس كورونا".

وبحسب تقرير سنوي صدر يوم أمس الثلاثاء، فإن شبكة مراقبة العنف على الحدود، وهي ائتلاف من 13 منظمة غير حكومية توثق عمليات الإعادة غير القانونية في غرب البلقان، فإن سوء المعاملة والقوة غير المتناسبة كانت موجودة في نحو 90 في المائة من الشهادات في عام 2020 التي تم جمعها من كرواتيا، بنسبة 10 في المئة زيادة عن عام 2019.

في نيسان / أبريل الماضي، كشفت "الغارديان" كيف تعرضت امرأة من أفغانستان للاعتداء الجنسي واحتُجزت بتهديد بسكين من قبل ضابط شرطة حدودية كرواتي أثناء تفتيش المهاجرين على الحدود مع البوسنة.

وقال نيكولا باي، مدير المجلس الدنماركي للاجئين في البوسنة: "على الرغم من مشاركة المفوضية الأوروبية مع السلطات الكرواتية في الأشهر الأخيرة، لم نشهد أي تقدم تقريباً، لا في التحقيقات في التقارير الفعلية، ولا في تطوير آليات مراقبة الحدود المستقلة. كل إعادة تمثل انتهاكاً للقانون الدولي وقانون الاتحاد الأوروبي - سواء كانت تتضمن العنف أم لا".

ومنذ كانون الثاني / يناير 2020، طردت اليونان حوالى 6230 طالب لجوء من شواطئها. وذكر تقرير شبكة مراقبة العنف على الحدود أنه في  في المائة من حالات الصد، "لاحظت الشبكة الاستخدام غير المتناسب والمفرط للقوة. يوضح هذا الرقم المثير للقلق أن استخدام القوة بطريقة مسيئة، وبالتالي غير مشروعة، أصبح أمراً طبيعياً.. ومن الأمثلة القاسية للغاية على عنف الشرطة الموثقة في عام 2020 الضرب المفرط لفترات طويلة (غالباً على أجساد عارية)، والغمر في الماء، والاعتداء الجسدي على النساء والأطفال، واستخدام قضبان معدنية لإلحاق إصابات".

وفي شهاداتهم، وصف الناس كيف كانت أيديهم مقيّدة بقضبان الزنازين ووضعت الخوذات على رؤوسهم قبل الضرب لتجنب الكدمات الظاهرة.

واتهمت دعوى قضائية، رفعت ضد الدولة اليونانية في نيسان / أبريل الماضي أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، أثينا بالتخلي عن عشرات المهاجرين في قوارب النجاة في البحر، بعد تعرض بعضهم للضرب. وتزعم القضية أن زوارق الدورية اليونانية جرّت المهاجرين إلى المياه التركية وتركتهم في البحر من دون طعام أو ماء أو سترات نجاة أو أي وسيلة لطلب المساعدة.

وقالت شبكة مراقبة العنف على الحدود إنه سواء كان استخدام جائحة كورونا والإغلاق الوطني ليكون بمثابة غطاء لعمليات الإعادة، أو تشكيل سجون في الهواء الطلق، أو منع القوارب من دخول المياه اليونانية عن طريق إطلاق طلقات تحذيرية تجاه القوارب، فإن الأدلة تشير إلى استمرار رفض التمسك بالقيم الديمقراطية وحقوق الإنسان والقانونين الدولي والأوروبي.

ووفقاً لبيانات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فإنه منذ بداية الوباء، قامت السلطات الليبية - بدعم إيطالي منذ عام 2017، عندما تنازلت روما عن مسؤولية الإشراف على عمليات الإنقاذ في البحر الأبيض المتوسط ​​إلى ليبيا - باعتراض وإعادة حوالى 15500 طالب لجوء إلى طرابلس. تسببت الاستراتيجية المثيرة للجدل في إعادة الآلاف قسراً إلى مراكز الاحتجاز الليبية حيث يواجهون التعذيب. وغرق المئات من المهاجرين عندما لم تتدخل ليبيا ولا إيطاليا.

وقال ماتيو دي بيليس، باحث الهجرة في منظمة العفو الدولية: "في عام 2020، استمرت هذه الممارسات، مع دور متزايد الأهمية تلعبه طائرات فرونتكس، عبر مشاهدة القوارب في البحر وإبلاغ خفر السواحل الليبي بموقعها. لذلك، بينما استخدمت إيطاليا الوباء في مرحلة ما كذريعة لإعلان أن موانئها ليست آمنة لإنزال الأشخاص الذين تم إنقاذهم في البحر، لم تكن لديها مشكلة مع خفر السواحل الليبي في إعادة الناس إلى طرابلس. حتى عندما كان يتم ذلك تحت القصف أو عندما اختفى المئات قسراً فور إنزالهم".

في نيسان / أبريل، اتُهمت إيطاليا وليبيا بتجاهل نداء استغاثة من قارب مهاجرين في محنة في المياه الليبية، حيث وصلت الأمواج إلى ستة أمتار. بعد ساعات قليلة، اكتشف قارب إنقاذ تابع لمنظمة غير حكومية عشرات الجثث تطفو في الأمواج. في ذلك اليوم، فُقد 130 مهاجراً في البحر.

في الشهر نفسه، في تحقيق مشترك مع صحيفة "راي نيوز" الإيطالية وصحيفة دوماني، اطلعت صحيفة "الغارديان" على وثائق من مدعين إيطاليين توضح بالتفصيل محادثات بين قائدين من خفر السواحل الليبي وضابط من خفر السواحل الإيطالي في روما. وبدا أن النصوص تكشف السلوك غير المستجيب للضباط الليبيين وعدم ردهم على مكالمات الاستغاثة التي أسفرت عن مقتل المئات. لا يزال ما لا يقل عن خمسة قوارب تابعة لمنظمات غير حكومية محاصرة في الموانئ الإيطالية حيث تدعي السلطات أسباباً إدارية لاحتجازها.

بدورها، واصلت مالطا، التي أعلنت إغلاق موانئها في أوائل العام 2020، بحجة الوباء، صد مئات المهاجرين باستخدام استراتيجيتين: تجنيد السفن الخاصة لاعتراض طالبي اللجوء وإجبارهم على العودة إلى ليبيا أو إبعادهم عن طريق توجيهات لهم إلى إيطاليا.

قال دي بيليس: "بين عامي 2014 و 2017، كانت مالطا قادرة على الاعتماد على إيطاليا لتحمل مسؤولية تنسيق عمليات الإنقاذ والسماح بالإنزال. لكن عندما سحبت إيطاليا والاتحاد الأوروبي سفنه من وسط البحر الأبيض المتوسط ​، لتركها في أيدي ليبيا، تركوا مالطا أكثر عرضة للخطر. رداً على ذلك، منذ أوائل عام  ، استخدمت الحكومة المالطية تكتيكات لتجنّب مساعدة اللاجئين والمهاجرين المعرضين للخطر في البحر، بما في ذلك ترتيب عمليات الإعادة غير القانونية إلى ليبيا بواسطة قوارب الصيد الخاصة، وتحويل وجهة القوارب بدلاً من إنقاذها، واحتجاز مئات الأشخاص بشكل غير قانوني على عبّارات غير مجهزة قبالة مياه مالطا، وتوقيع اتفاقية جديدة مع ليبيا لمنع الناس من الوصول إلى مالطا".

في أيار / مايو الماضي، أكدت سلسلة من الرسائل الصوتية التي حصلت عليها "الغارديان" استراتيجية الحكومة المالطية لاستخدام السفن الخاصة، بناء على طلب من قواتها المسلحة، لاعتراض المعابر وإعادة اللاجئين إلى مراكز الاحتجاز الليبية.

في شباط / فبراير 2020، اتُهمت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بـ"التجاهل التام للواقع" بعد أن حكمت بأن إسبانيا لم تقم بانتهاك قانون حظر الطرد الجماعي، حيث يمكن تقديم طلبات اللجوء عند نقطة العبور الحدودية الرسمية. استناداً إلى هذا الحكم، أيدت المحكمة الدستورية الإسبانية "رفض اللاجئين عند الحدود" شريطة تطبيق بعض الضمانات.

وفي الأسبوع الماضي، عثرت إسبانيا على جثث 24 مهاجراً من أفريقيا جنوب الصحراء. ويعتقد أنهم ماتوا من العطش والجوع أثناء محاولتهم الوصول إلى جزر الكناري. في عام 2020، توفي 788 مهاجراً أثناء محاولتهم الوصول إلى إسبانيا، وذلك بحسب بيانات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

رفضت وكالة "فرونتكس" التعليق على الموضوع بناء على طلب "الغارديان". وقالت الوكالة سابقاً إنها "تتعاون بشكل كامل" مع هيئة "أولاف".

نقله إلى العربية بتصرف: هيثم مزاحم